رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يتفقد موقع انفجار كدس العتاد في معسكر الصقر/ صفحته الرسمية على فيسبوك
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يتفقد موقع انفجار كدس العتاد في معسكر الصقر/ صفحته الرسمية على فيسبوك

"انفجار مخزن الأسلحة في معسكر الصقر جنوب بغداد لم يكن الأول ولن يكون الأخير، والسبب خروج الميليشيات عن سيطرة الحكومة العراقية وتنفيذها لأوامر إيران"، هذه النتيجة تأتي بين عدة نتائج خلصت إليها دراسة أجراها "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى".

وشدّدت الدراسة على أن سيطرة الميليشيات على الأسلحة الثقيلة التي لم يعد خطرها يقتصر على المواطن العراقي، تتطلب ضغطا دوليا وخصوصا من الولايات المتحدة على الحكومة العراقية، للسيطرة على تلك الميليشيات.

قد تسقط الحكومة في أسبوع!

في هذه الأثناء، يرى الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن "تدويل ملف الحشد الشعبي صعب جدا وسيسبب حرجا كبيرا للحكومة العراقية، أكبر بكثير من الذي تعيشه حاليا"، خصوصا وأن إدارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي العسكرية تجاه فصائل الحشد لا تزال ضمن "سياسة الاحتواء والمسايرة".

ويحذر الهاشمي من أن التدويل قد يؤدي إلى أزمة كبيرة قد تصل حد اسقاط الحكومة، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "بعض قيادات فصائل الحشد قد صرحت أن بإمكانها خلال أسبوع، وهذا ممكن".

ويتابع "لا تملك جميع فصائل الحشد الشعبي القدرة على المناورة والتمرد ومخالفة الأوامر العسكرية الصارمة، هناك من خمسة إلى سبعة فصائل باستطاعتها أن تخرج على سيطرة الحكومة دون أن يكون للحكومة أي ردة فعل انضباطية أو إجرائية بحق تلك الفصائل".

​​

​​

سلسلة انفجارات

تعرض الدراسة انفجارات مخازن الأسلحة التي شهدها العراق مؤخرا.

وتلفت إلى أن أخطر جانب تشكله تلك الانفجارات هي وقوعها وسط مناطق سكنية مكتظة بالسكان، والتي يسببها تخزين الميليشيات للمتفجرات والقذائف في ظروف غير آمنة أثناء فترات ارتفاع درجات الحرارة.

وأبرز تلك الانفجارات هي:

- في 12 آب/أغسطس، انفجار مخزن الذخيرة في معسكر الصقر، المستخدمة من قبل لوائي كتائب جند الإمام وكتائب سيد الشهداء التابعتين لهيئة الحشد الشعبي، إلى جانب جماعات مسلحة مختلفة تابعة لمنظمة بدر الحليفة لإيران.

أسفر الانفجار عن مقتل مدني وجرح تسعة وعشرين آخرين، وصلت القذائف المنطلقة بسبب الانفجار إلى مسافة ثلاثة أميال.

- في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وقع انفجار ذخيرة في قاعدة في طوز خورماتو الذي تستخدمه كتائب حزب الله التابعة لهيئة الحشد الشعبي، ما أسفر عن إصابة ستة وثلاثين مدنياً.

- في 6 آب/أغسطس 2018، وقع انفجار في مستودع لتخزين الذخيرة تستخدمه فرقة العباس القتالية التابعة لهيئة الحشد الشعبي، على الطريق السريع بين بغداد وكربلاء، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 19 آخرين.

- في 6 حزيران/يونيو 2018، انفجر مخزن للذخيرة داخل مسجد شيعي في مدينة الصدر شرق بغداد، ما أسفر عن مقتل ثمانية عشر مدنياً، وإصابة تسعين شخصا، فضلا عن أضرار مادية ضخمة بسبب تدمير منازل المنطقة جراء الانفجار.

ويتوقع أن يكون المخزن تابع لعصائب أهل الحق التي يقودها قيس الخزعلي، أو سرايا السلام التابعة لرجل لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والفصيلان تابعان لهيئة الحشد الشعبي.

- في 2 أيلول/سبتمبر 2016، انفجر مخزن آخر للأسلحة في منطقة العبيدي شرقي بغداد، ما أدى إلى مقتل 15 مدنيا وإصابة العشرات وانطلاق ثمانية صواريخ سقطت داخل المدينة.

الانفجارات المرتبطة بمواقع لصواريخ إيرانية:

تشير الدراسة إلى وقوع حادثتين على الأقل في قواعد ميليشيات "يُقال إن صواريخ الإيرانية بعيدة المدى وغيرها من المتفجرات قد تمّ تخزينها فيها"، فيما تشير أدلة إلى أن "ضربات عسكرية دقيقة" تقف وراء تلك الانفجارات.

والانفجاران هما:

- في 19 تموز/يوليو، هز انفجار قاعدة في مدينة آمرلي، في محافظة صلاح الدين، التي تديرها قوات تركمانية، ولواء 52 التابعين لهيئة الحشد الشعبي.

وقتل في هذا الانفجار أحد أعضاء الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، وتشير العديد من الدلائل إلى أن الانفجار سببه ضربة عسكرية دقيقة للغاية.

- في 28 تموز/يوليو، تم الإبلاغ عن ثلاثة انفجارات في معسكر أشرف، في محافظة ديالى، وهو المقر الرئيسي للقوات التابعة لمنظمة بدر في العراق.

وكان الحادث، انفجارات متزامنة في ثلاثة مواقع منفصلة على نطاق واسع في مخيم بطول 10 كيلومترات.

وتستبعد الأسباب العرضية في هذا الحادث بسبب طبيعتها وتوقيتاتها. كما يحتمل احتواء المخيم على أنظمة صواريخ مقدمة من إيران.

​​

​​

الهجمات على المجتمع والمدنيين

تعرض الدراسة اتهامات طالت الميليشيات المرتبطة بإيران بالعنف ضد المجتمع المدني والمدنيين الأفراد.

من تلك الحالات التي تستعرضها الدراسة:

- الاحتجاز غير القانوني، حيث أصدرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تقارير جوهرية توثق اختفاء 643 من الذكور السنة من الفلوجة والصقلاوية، وحالات اختفاء جماعي أخرى للذكور السُنّة في الرزازة. ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى كتائب حزب الله، الذي يحتفظ بمركز احتجاز غير قانوني يضم ما لا يقل عن 1700 سجين في جرف الصخر جنوب بغداد.

ولم تتخذ الحكومة العراقية أي إجراء لتحرير هؤلاء المعتقلين أو التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بأسرهم.

- قمع المجتمع المدني في البصرة. مع تصاعد السخط الشعبي بسبب سوء الخدمات والبطالة، سُمح لبعض الميليشيات بتعطيل المظاهرات ضد الحكومة.

تقول الدراسة "هذا التكتيك - الذي يذكرنا باستخدام إيران لجماعة أنصار حزب الله لتفريق الاحتجاجات في مدنها - قد أسفر عن عشرات الاغتيالات وعمليات الاختطاف العنيفة لنشطاء المجتمع المدني في جنوب العراق هذا الصيف".

- الهجمات على رجال الدين في بغداد. لم يسلم حتى أفراد المجتمع الأكثر ارتباطًا بالسياسة وهم رجال الدين من استهداف الميليشيات، حيث تعرض علاء الموسوي، الذي عيّن رئيسا للوقف الشيعي لهجوم من قبل مسلحين في العاشر من تموز/يوليو الماضي، حتى تم إيواؤه في منزل مبنى آمن.

وعلى الرغم من أن الهوية الدقيقة لمهاجميه معروفة على نطاق واسع في المجتمع العراقي، لكن لم يتم القيام بأي شيء لمعاقبة عناصر الميليشيا المتورطين بالهجوم.

الهجمات على الشركات الأجنبية والمستثمرين

في الأشهر الأخيرة، عانى أهم مستثمري العراق وشركات النفط وعدد من المؤسسات الدولية الدبلوماسية من العنف المتصاعد، وأبرز الهجمات التي طالت تلك الجهات:

- الهجمات على قنصلية البصرة.

شنت الميليشيات سلسلة من الضربات الصاروخية على القنصلية الأميركية في البصرة في شهر أيلول/سبتمبر 2018. كما هددت الجماعات المسلحة الموظفين المحليين في القنصلية، وهددت حركة المركبات من وإلى القنصلية، وأصدرت تحذيرات من الاختطاف.

تم إغلاق القنصلية بعد هذه الأحداث بفترة وجيزة، ما أضر بثقة المستثمرين في العراق.

- هجمات صاروخية على مواقع شركات النفط.

في 18-19 حزيران/يونيو الماضي، تم إطلاق الصواريخ على ثلاثة معسكرات أجنبية للمهندسين في حقل الرميلة النفطي في البصرة.

وأصيب ثلاثة عراقيين عندما استهدفت هجمات شركة الحفر العراقية وهي شركات حكومية، ما ألحق ضررا بجهود الحكومة في تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي من الطاقة.

- هجوم صاروخي على مقاولي الدفاع.

في 18 حزيران/ يونيو، تم إطلاق صاروخ على قاعدة بلد (شمالي بغداد) مستهدفة مستشارين أمريكيين يقدمون خدمات فنية في أسطول طائرات F-16.

- الهجوم على سيارات السفارة الأمريكية.

في 6 تموز/يوليو الماضي، انفجرت ثلاث قنابل على جانب الطريق مستهدفة قافلة شاحنات تابعة للسفارة الأميركية في صفوان، ما أدى إلى إصابة سائق واحد.

- الهجوم على السيارات المستثمر.

في 6 آب/أغسطس، أصيب موظفون أجانب يعملون في شركات نفطية في البصرة (جنوبي العراق) بقنبلة على جانب طريق في البصرة، ما ألحق أضرارا بالغة بمركبتهم.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.