صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لمعسكر الصقر جنوب بغداد بعد يوم من حادث احتراقه
صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لمعسكر الصقر جنوب بغداد بعد يوم من حادث احتراقه

خلصت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي منتصف الشهر الجاري، عقب انفجار مخازن السلاح في معسكر الصقر جنوب بغداد، إلى أن "الانفجار كان نتيجة غارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار".

وقال التقرير، الذي نقلته وكالة أسوشيتيد برس عن اللجنة، إن "انفجار 12 آب/ أغسطس في قاعدة الصقر العسكرية، والذي أسفر عن مقتل مدني وجرح 28، لم يكن بسبب التخزين الخاطئ أو تماس كهربائي كما كان مرجح".

ويأتي انفجار معسكر الصقر بين سلسلة انفجارات استهدفت قواعد عسكرية لفصائل مسلحة تنتمي للحشد الشعبي، وتدعمها إيران.

اتهامات لإسرائيل

في هذه الأثناء، اتهمت هيئة الحشد الشعبي اسرائيل بتنفيذ ضربات جوية ضد قواعد ومخازن تابعة لها.

وذكر بيان لنائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس، "تتوفر لدينا معلومات دقيقة ومؤكدة أن الأميركان قاموا هذا العام بإدخال أربع طائرات مسيرة إسرائيلية عن طريق اذربيجان لتعمل ضمن أسطول القوات الأميركية على تنفيذ طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية".

وكشف المهندس في بيانه عن وجود معلومات لتصفية "عدد من الشخصيات الجهادية والداعمة للحشد الشعبي"، مهددا بأن فصائل الحشد ستعتبر أي "طيران أجنبي يحلق فوق مقراتنا دون علم الحكومة العراقية طيرانا معاديا وسنتعامل معه وفق هذا المنطلق وسنستخدم كل أساليب الردع للحيلولة دون الاعتداء على مقراتنا".

بيان هيئة الحشد جاء ليؤكد ما ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي من اتهامات لإسرائيل بالوقوف وراء حوادث الحريق التي تعرضت لها مخازن فصائل الحشد.

ردود الأفعال ساخرة

لكن على غير العادة، كانت ردود الأفعال ساخرة بموقف الحكومة العراقية رغم حساسية الموضوع الذي تشكل إسرائيل الجانب الأبرز منه.

وبحسب مراقبين فإن ردود الأفعال الساخرة سببها امتعاض المواطنين في الشارع العراقي من الفصائل المسلحة ودورها في الملف الأمني.

 

من جهته، يرى المختص الباحث في مجال الاجتماع السياسي حسن حمدان، أن سبب ردود الأفعال المؤيدة أو المحايدة للضربات الإسرائيلية إن ثبتت، هو "شعور هؤلاء بالاغتراب وهم في بلدهم".

يقول حمدان إن "موقفهم ليس لحبهم لإسرائيل أو تأييدا لها، وإنما اظهارا لسخطهم من الواقع الذي يعيشونه"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "لا أحد يرضى بالاعتداء على بلده  لكن ما يحصل هو ردّة فعل طبيعية تجاه إدارة غير قادة على فرض سيطرتها وسلطة القانون على المجتمع".

ويضيف حمدان، "كما أن هناك من يحاول تسويق صفحته على ساحة التواصل الاجتماعي، من خلال نشر آراء مخالفة لتوجهات مجتمعه".

موقف العراق العسكري

وكان رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، عادل عبد المهدي قد وجه في الرابع عشر من الشهر الحالي إلى إلغاء جميع رخص الطيران الأجنبية والعراقية، وحصر منحها بيد القائد العام أو من يخوله.

كما أشار إلى أن أي طيران لا يلتزم بقرارات الحكومة العراقية سيعامل كطيران معادي.

وهو ما ستعمل به قيادة العمليات المشتركة، وفقا للمتحدث باسمها العميد يحيى رسول الزبيدي.

يقول الزبيدي إن "القائد العام للقوات المسلحة عندما تحدث بهذا الموضوع بالتأكيد لديه رؤية واضحة عن قدرة وإمكانيات الدفاع الجوي"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "كما أن لدينا قوة جوية وطائرات F16، بالإمكان اعتراض أي طائرة إذا لم تحصل على موافقة بالتحليق في الأجواء العراقية".

ويتابع الزبيدي "القرار الذي صرح به القائد العام للقوات المسلحة كان مدروسا ودقيقا".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.