أنهى العراقي محمد المشهداني (23 عاماً) امتحانات الثانوية في السابع من تموز/يوليو الماضي، معلناً عن بداية الاقتراب من حلمه، وهو دخول كليّة الطب في جامعة أوسلو، ونشر الآتي عبر صفحته في "فيسبوك":
"لا أستطيع أن أصدق نفسي !!! لقد انتهيت للتو من اختبار رقم 12 وحصلت على العلامة الكاملة 6 في جميعها! يمكنني القول بثقة إنني أنهيت هذه المرة بـ 12 اختبارا حيث حصلت على 6 في جميع اختباراتي الشفوية. الآن علينا فقط انتظار الدرجات من الامتحانات التحريرية قبل إرسال شهادتي إلى القبول.
أنا أقرب إلى حلمي من أي وقت مضى. لا أستطيع أن أصدق أن ما كان أملاً وحلماً مجنوناً سيتحقق قريباً... كان هذا العام صعباً للغاية، وربما كانت أكثر السنوات كثافة منذ فترة طويلة. بدأ العام برحلة إلى كريستيانساند (جامعة أغدر) لدراسة التغذية لمدة عام كامل في فصل دراسي واحد وانتهت مع أخذ 12 مادة كطالب خاص للحصول على دبلوم نرويجي كامل. أنا سعيد للغاية وهناك الكثير الذي أود قوله".
هذه الرسالة مجرّد بداية، فمحمد اللاجئ العراقي في النرويج،حاز على المرتبة الأولى في شهادة الثانوية على مستوى البلاد، ليصبح حديث الإعلام النرويجي الذي احتفى بتجربته الفريدة، ولكن لماذا هي كذلك؟
Fikk oppholdstillatelse for to år siden - nå er han medisinstudent https://t.co/CAIJY6Bi5k Mohammed er et av de modigste mennesker jeg vet om. Han har kjempet som en løve for å kunne følge drømmen om å bli lege -- og dermed kunne hjelpe andre mennesker. Forbilde for oss alle!
— Sverre Gaarder (@sgaarder) August 16, 2019
اللجوء
كان محمد طفلاً في العاشرة من عمره حين قتلت والدته الطبيبة شيماء قاسم محمد عام 2006، ليقرر والده وهو طبيب جراح، مغادرة العراق في ذات العام إلى سوريا، وبقي هناك حتى عام 2014، قبل أن ينتقلا إلى النرويج.
وفي النرويج كان الأمل بأن يتم محمد دراسته الثانوية ثم الجامعية ليصبح طبيباً مثل والديه. لكن عائقاً وقف في طريقه، وهو نظام اللجوء والاندماج في النرويج، الذي لا يسمح للبالغين بإكمال التعليم قبل الحصول على الإقامة.
كان على محمد الانتظار سنتني ونصف من أجل الإقامة، وهذا ما حصل، لبقرر بعدها بذل أقصى جهده في مسابقة الزمن الذي ضاع، والقيام بكل الإجراءات اللازمة لتحقيق هدفه.
وتمكن من اجتياز المرحلة الثانوية بعام ونصف العام، وهو نصف الوقت المطلوب، وشارك محمد أصدقاءه في فيسبوك نتيجة قبوله في جامعة أوسلو قائلاً:
التأثير على القانون
قال محمد في مقابلة مع تلفزيون نرويجي إن "أكبر تحدٍ كان العيش في مكان مهجور وسط الغابة حيث لا يوجد أي شخص على الإطلاق والتوقع منّي كلاجئ الاندماج في المجتمع النرويجي وتعلّم اللغة النرويجية".
شاهد هذه المقابلة وزير التعليم والاندماج النرويجي جان تور سانر، فبادر باستقبال محمد في يومه الجامعي الأول، وخاطب الإعلام قائلاً "أرى حاجتنا لتغيير النظام، وها نحن بصدد إصلاح نظام الاندماج بأكمله. لقد بدأنا من تعليم اللغة النرويجية والتخطيط لتنمية المهارات والتوجيه المهنيّ والآن نخطط لإصلاح الباقي".
وفي مقابلة تلفزيونية مع محمد المشهداني، قال "في مخيم استقبال اللاجئين حصلت على عرض صغير للالتحاق بدورة دراسية لتعليم اللغة النرويجية، هناك يمكنك البدء بتعليم القليل عن اللغة النرويجية مثل الحروف، لكني أعتقد أن المشكلة في هذه الدورات هي مساواة المتعلمين مع الأميين، لذا لجأت للإنترنت والفيسبوك والتواصل مع نرويجيين من أجل تعلم اللغة بشكل أفضل".
وأكد أن التعديلات "جارية" كما تم "تنفيذ عدد منها الأربعاء الماضي واقتراح قانون جديد للاندماج".
وزير المعرفة والاندماج النرويجي يان تور في استقبال المتفوق العراقي الاول محمد طالب المشهداني عن الدراسة الإعدادية في مملكة النرويج في اول يوم جامعي له في كلية الطب / جامعة اوسلو والذي اجتاز مرحلة الإعدادية بسنة ونصف فقط بدلا عن 3 سنوات وحصل على معدل 69% من أصل 60% .. pic.twitter.com/lGZydBbiCK
— Dr.zainab alzuhiry (@drzainan7979) August 21, 2019
تفاعل العراقيين
تم تداول قصة محمد في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر أغلب العراقيين عن فخرهم وسعادتهم بإنجازه.
أينما تكونوا أنتم فخر لنا🇮🇶النرويج تحتفي بالطالب العراقي المغترب محمد طالب المشهداني الذي حصد المرتبه الاولى وغير قوانين البلاد في الدراسه الاعداية مختصراً من 3 سنوات الى سنه ونصف باعلى معدل 69% من 60% لينتقل لكلية الطب مباشرة ويجدوزير التعليم النرويجي باستقباله في اول يوم له🌹 pic.twitter.com/9hdaNYlypn
— Eng.Maryam AL-kaabi 🇮🇶 (@Justborn11) August 21, 2019
كما أعرب الكثير من العراقيين عن إحباطهم من الواقع في بلدهم، مفترضين أن محمد لم يكن ليحقق هذا الشيء لو بقي في العراق، حيث ظروف الحياة القاسية وقلّة الاهتمام بالمبدعين، على حد تعبيرهم.
وتعقيبا على ذلك، يقول محمد المشهداني لـ"ارفع صوتك": "أنا سعيد جداً بكلمات أهلي في العراق، وفخرهم بما حققته في النرويج. هذه الكلمات تحفزني للمضيّ قدماً نحو تحقيق حلمي، في إتمام دراسة الطب البشري. ما فعلته ليس خارقاً وهو بمقدور أي شاب إذا امتلك الإصرار على تحقيق هدفه".
ويضيف "قابلت العديد من العراقيين والشباب العرب في النرويج الذين حققوا إنجازات متنوعة، أكثر مما فعلت، لكنها قد تكون غائبة عن وسائل الإعلام".
"ولكل الذين يقولون إن الشباب يحققون التميّز والنجاح فقط في المهجر لا داخل الوطن، أنا أتفهم الصعوبات والظروف القاسية في العراق، لكني أيضاً أعرف الكثير من الشباب العراقيين الذين حققوا نجاحات وإنجازات مبهرة داخل البلاد" يقول محمد، متابعاً "قدمت البكالوريا (الثانوية العامة) في سوريا، ورغم ظروف الحرب القاسية حصلت على مجموع يقدر بـ99% وأهلّني لدخول كلية الطب هناك، ما أريد قوله أنك تستطيع أن تحقق ما تريد أينما كنت، إذا كنت مؤمناً حقاً بحلمك وطموحك".