أم عبد الرحمن تحمل صورة ولديها وصهرها المعتقلين لدى داعش متوسطة عددا من ذوي المفقودين في الموصل/ارفع صوتك
أم عبد الرحمن تحمل صورة ولديها وصهرها المعتقلين لدى داعش متوسطة عددا من ذوي المفقودين في الموصل/ارفع صوتك

لم تتوقف أم عبد الرحمن خلال الأشهر السبعة الماضية عن التجول بين أروقة المؤسسات الحكومية في الموصل بحثا عن ولديها وصهرها الذين اعتقلهم داعش قبل أن ينسحب من المدينة الصيف الماضي.

هناك من يقول إن داعش أعدمهم، وآخرون يقولون إنهم ما زالوا معتقلين لدى التنظيم

​​تحمل أم عبد الرحمن بيدها صور مفقوديها الثلاثة الذين كانوا منتسبين في صفوف القوات الأمنية العراقية، والتعب يكاد أن ينال منها، بينما يطغي الحزن والخوف على ملامح وجهها الذي أنهكته الدموع.

تطالب أم عبد الرحمن الحكومة ومسؤولي الموصل بالكشف عن مصير أحبائها، وتقول وهي تجهش بالبكاء "هناك من يقول إن داعش أعدمهم، وآخرون يقولون إنهم ما زالوا معتقلين لدى التنظيم. هذا ما نسمعه منذ عام 2016، عندما اعتقلهم التنظيم وهم يحاولون الهروب من الموصل".

بعد احتلاله الموصل في 10 حزيران/يونيو 2014، وعلى مدى أكثر من ثلاثة أعوام شن التنظيم العديد من حملات الاعتقال ضد مواطني الموصل بمختلف شرائحهم، وبحسب شهود عيان من سكان المدينة كان التنظيم يطلق سراح قسم صغير من المعتقلين بينما غالبيتهم ما زال مصيرهم مجهولاً، وسط خشية عائلاتهم من اعدام التنظيم لأبنائهم المفقودين خصوصا أن الاحصائيات غير الرسمية تشير الى أن داعش أعدم نحو 7000 معتقلٍ خلال الأعوام الماضية.

معتقلون لدى القوات الأمنية

يتوقع يوسف ابراهيم، أن يكون شقيقه المصور الصحافي محمد ابراهيم الذي اعتقله التنظيم عام 2014 على قيد الحياة، وأنه تحرّر من مسلحي داعش خلال تحرير المدينة وبات في أيدي القوات الأمنية.

قد يكون هناك معتقلين خرجوا مع النازحين ولا يمتلكون وثائق ثبوتية، لكن هذه فرضية ضعيفة

​​يوضح ابراهيم لموقع (ارفع صوتك) "لا نعرف عنه شيئاً، لكن خلال عمليات التحرير شاهدنا تقريرا مصوراً ظهر فيه أشخاص معتقلون من قبل القوات الأمنية، كان من بينهم شخص يشبه شقيقي بنسبة 80 في المئة"، لكن وبحسب إبراهيم، القوات الأمنية نفت العثور على معتقلين لدى داعش.

بدوره يؤكد مسؤول بارز في قيادة عمليات نينوى لموقع (ارفع صوتك) مفضلا عدم ذكر اسمه، أن الجواب الذي حصلوا عليه من وزارتي الدفاع والداخلية خلال متابعتهم لقضية المعتقلين لدى التنظيم هي أن القوات الأمنية وقوات التحالف الدولي لم يعثرا على معتقلين لدى داعش.

أضاف "قد يكون هناك معتقلون خرجوا مع النازحين ولا يمتلكون وثائق ثبوتية، لكن هذه فرضية ضعيفة لا يمكن أن نؤكدها".

5000 مفقود في الموصل

يصف عضو مجلس محافظة نينوى، خلف الحديدي، ملف المفقودين في المحافظة بالغامض بسبب عدم وجود قاعدة بيانات بالمفقودين، لافتا الى أن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري الذي زار الموصل في 5 كانون الثاني/يناير الحالي اجتمع بعدد من ذوي المفقودين وليس جميعهم لأن غالبيتهم لم يعلموا بالزيارة، موضحا أن الجبوري استلم قائمة بأسماء 600 معتقل لمعرفة مصيرهم.

وأكد الحديدي لموقع (ارفع صوتك) أن عدد المفقودين في الموصل يتراوح ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف مفقود وقد يفوق ذلك. "نحن في مجلس المحافظة نسعى إلى جمع كافة المعلومات والبيانات الخاصة بهذه القضية، ورفعها إلى الجهات المعنية للكشف عن مصيرهم".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.