"نحو 92،728 عائلة بمعدل 371 ألف نسمة، منهم نحو 118 ألف يمكن تصنيفهم بأنهم لا يمكن دمجهم أو إعادتهم إلى مساكنهم بسبب رفض الأسر المحلية والعشائر لهم"، هذا الرقم هو لعوائل داعش في مخيمات النزوح، يكشف عنه الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي.
ويقول الهاشمي "لا توجد حلول ممكنة من حيث دمج هذه العوائل- بعد تدقيق سلامة موقفها الأمني والفكري- فالثأر العشائري لا أحد يستطيع ردعه، وليس بمقدور الحكومة تكليف شرطي بباب كل عائلة ليحميها".
ويتابع أنّ عزلهم في مخيمات "ليس حلاً بل قد يحوّلهم إلى مورد بشري للانتقام والكراهية".
أعداد كبيرة تحتاج لاهتمام
في هذه الأثناء، تضيف المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان إلى هذه الأرقام، 100 ألف شخص مطلوب للقضاء في الموصل، ونحو 30 ألف شخص عراقي لا يزالون في مخيم الهول بسوريا.
ويقول عضو المفوضية علي البياتي "ما يقارب النصف مليون شخص منبوذون ومرفوضون اجتماعيا وعشائريا، وهذا العدد غير قليل لذا يجب أن يتم التعامل معه بأهمية كبيرة".
ويعتبر البياتي عودة هذه العوائل إلى مناطقهم في هذا الوقت الحالي "مستحيلا وليس في صالح أحد، لا العراق ولا العوائل ولا المجتمع الرافض لهم"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "لا بد من حماية هذه العوائل بمساعدة المجتمع الدولي وتوفير أماكن سكن كريم لهم".
ويتابع "سمعنا كثيرا عن خطط لإنشاء مجمعات لهم في مناطق معينة وعن مشاريع لإعادة تأهيلهم لكن لليوم لا توجد أي تنفيذ حقيقي".
إيذاء المجتمع
من جهتها، تحذر أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز من أن الرفض الاجتماعي لهذه العوائل "سيدفع بهم للبحث عن فرص لإيذاء المجتمع".
تبحث عبد العزيز في ومن خلال لقائها بعدد من أفراد تلك العوائل دون سن 18 عاما، عن سبل معالجة الأفكار وإمكانية إعادة دمجهم بالمجتمع، توصلت إلى عدة نقاط، "أهمها إمكانية معالجة الأفكار لدى جميع أفراد تلك العوائل".
تروي عبد العزيز أنها قدمت محاضرات لأربعين فرداً من عوائل داعش في أحد سجون الأحداث، وسألتهم "إذا خرجتم من السجن ما الذي يضمن عدم انضمامكم للتنظيم؟".
كان ردهم وفقا للباحثة، "لن نعود لأن التنظيم زرع الكثير من الأفكار الخاطئة في عقولنا، كل الأفكار التي زرعها لم نجدها في الدين وكل الوعود كانت كاذبة".
تؤكد عبد العزيز أن جميع من التقت بهم "يريدون التغيير ويبحثون عن فرصة للاندماج بالمجتمع من جديد"، مضيفة في حديث لموقع (ارفع صوتك) "يتعلمون المهن داخل السجن بسرعة، ويتجاوبون مع المحاضرين والخبراء الذين يقدمون لهم النصح".
الحل عبر القضاء
بدوره، يلفت عضو المفوضية البياتي إلى أن هناك من ساهم وشارك ودعم عناصر التنظيم ولكن "لا يمكن إلقاء اللوم على كل المجتمع"، موضحا "من المؤكد أن كثير من أفراد تلك العوائل كانت ترفض داعش لكنها كانت تخشى تبليغ القوات الأمنية عن أفراد عوائلها التي في التنظيم".
ويرى البياتي أن حسم الموضوع يتم "قانونيا وقضائيا".
ويتابع "يجب الفصل بين العناصر المتورطة والأشخاص الذين ليس لهم علاقة بجرائم التنظيم".
ووفقا لعضو مفوضية حقوق الإنسان، فإن وجود نحو "عشرة أصناف من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في كل محافظة، يمكن أن يسهل فرز هذه العوائل".
الحلول تأخرت
ويرى الخبير الهاشمي أنه كان من المفترض تأسيس الجامعات العراقية لزيارات ومعالجات تنفذها الكليات الشرعية والنفسية والاجتماعية والتربوية لتلك العوائل بعد عام 2017، ثم تصنيفهم بحسب اللوثة التي بقيت عالقة في عقول وسلوك تلك العوائل، لتقرير عودتهم أم لا، مشددا على خطورة الموضوع لأن "عدد هذه العوائل ليس بالقليل، هناك مخيمات تشبه بوكا تصنع التطرّف أكثر من النقاط الإعلامية لحسبة داعش"، على حد وصفه.
فيما تعلق أستاذة علم النفس عبد العزيز، "إذا عرفنا كيف نتعامل معهم سننجح في تغييرهم، فالإنسان بطبيعته قابل للتغيير".
تقول عبد العزيز "أحيانا يكون شخص واحد من العائلة انضم إلى داعش، البقية يكونون مجبرين وغير متوافقين مع هذا الشخص، لذلك لا يجب معاقبة الجميع"، مضيفة "إذا كانت الحكومة جادة باحتواء هؤلاء الأشخاص عليها إعادتهم إلى مناطقهم بطريقة تحترم إنسانيتهم وتساعدهم على الاندماج في المجتمع".
وتتابع "كما يجب توفير فرص عمل لهم حتى ينشغلوا بالرزق ويتناسوا ما تلقوه من أفكار، وتوفير مناطق بديلة للعوائل المهددة عشائريا أو المرفوضة في مناطقها".
وتختلف فترة معالجة الأفكار لدى أفراد عوائل داعش "وفقا للعمر والجنس".
وتوضح الباحثة وأستاذة علم النفس "كلما كان طفلا كانت معالجته أسرع، كما يمكن تأهيل المرأة بشكل أسرع".
ورغم أن النتائج تعتمد على "الوقت والبرامج العلاجية النفسية"، لكن الباحثة تختتم حديثها بالقول "بالنهاية ممكن تغيير الجميع، إذا تولى ملفاتهم ذوو الاختصاص".