حلقة نقاش
حلقة نقاش

أربيل - متين أمين:

تمضي الشابة لنجة خاوي التي تسكن محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق منذ أربعة أعوام وحتى الآن يوميا عدة ساعات مع مجموعة من صديقاتها في تشجيع المواطنين في الإقليم على المطالعة وترسيخ ثقافة حب الكتاب.

لنجة خاوي مؤسسة جمعية صوفيا للقراءة/ارفع صوتك


أسست لنجة التي تعمل محامية "جمعية صوفيا للقراءة" مع صديقاتها بعد تخرجها من كلية القانون في جامعة السليمانية عام ٢٠١٥، بعد ملاحظتهن أن ثقافة المطالعة باتت ضعيفة حتى كاد المجتمع بشكل عام والنساء خصوصا يفتقرن لثقافة الكتاب بسبب الانشغال بأمور الحياة الأخرى.

وأعلنت لنجة عن تأسيس جمعيتها من مدينة السليمانية عام ٢٠١٥ في اجتماع حضرته ١٢ امرأة من مختلف الفئات العمرية والمستويات الدراسية والوظيفية، ومن ثم تمكنت خلال الأعوام الماضية من افتتاح أفرع للجمعية في غالبية مدن وبلدات الإقليم حتى وصل أعضاء الجمعية إلى أكثر من ٧٠ عضوا.

من مقر الجمعية


وقالت لنجة لموقع (إرفع صوتك) "قررنا أن تكون جمعية صوفيا نسائية، ليس لأننا جمعية نسوية مناهضة للرجال، بل لتكون ملائمة لطبيعة بعض العائلات في مجتمعنا التي لا تسمح لبناتها بالخروج من المنزل والذهاب لجمعية قراءة يشارك فيها الرجال".

ورغم أن الجمعية أسستها مجموعة من النساء وطغت المشاركة النسوية على نشاطاتها الأولية عند تأسيسها، إلا أن لنجة أشارت إلى النساء والفتيات المشاركات في نشاطات الجمعية في أيامها الأولى كن يحضرن برفقة أحد ذويهن.

لكن هذا اختلف بعد مرور أشهر على تأسيس الجمعية، وأوضحت لنجة "بعد تنظيمنا العديد من النشاطات، بدأ الناس يتفهمون طبيعة نشاطاتنا وراقت لهم هذه النشاطات الثقافية، لذلك أصبحت مشاركة النساء والفتيات في نشاطاتنا أمرا طبيعيا لغالبية العائلات، وحاليا لدينا نشاطات عديدة يشارك فيها الشباب مع الفتيات وتتقبله غالبية العائلات".

نشاط في الجمعية

خلال مسيرتها في مجال ترسيخ ثقافة قراءة الكتاب تعرضت لنجة لعوائق مجتمعية عديدة وصلت إلى حد تعرضها للتهديد بهدف إيقاف نشاطاتها الثقافية.

وبينت مؤسِسة جمعية صوفيا للقراءة "مجتمعنا عنيف مع المرأة التي تعمل، العوائق التي تواجهني وتواجه الجمعية هي اتهامنا بوجود أشخاص وجهات أخرى خلفنا، وهذا غير موجود، أنا أعتبره عنفا على أساس النوع الاجتماعي (الجندر)، فهم يرون أن المرأة لا يمكنها أن تفكر ويجب أن توجه دائما من قبل الآخرين". 

لم تتخذ جمعية صوفيا حتى الآن أي مقر ثابت لعملها، فهي تعتقد أن المكتبات العامة هي أفضل مكان لممارسة نشاطاتها الثقافية، فتعقد الجمعية شهريا اجتماعين تختار لكل واحدة منها مكتبة من مكتبات إقليم كردستان، ويشهد كل اجتماع من هذين الاجتماعين اختيار كتاب يقرأه الأعضاء ومن ثم يناقشه المشاركون في الاجتماع.

وتسلط لنجة الضوء على نشاطات جمعية صوفيا "نشاطاتنا ثقافية فنية تراثية نعمل من خلالها على مواضيع متنوعة وننظم الندوات والمناظرات المفتوحة لبحث مواضيع وقضايا مختلفة في مجالات الفكر والأدب".

وأشارت لنجة الى أن جمعية صوفيا انشأت مكتبة في شارع سالم وسط مدينة السليمانية وزودته بالكتب المتنوعة لتشجيع الناس على المطالعة، تمثلت فكرة المكتبة بتوفير الكتب للناس بنظام الاستعارة، لكن المكتبة تعرضت للكسر بالكامل من قبل مجهولين.


وأردفت "أنشأنا مكتبة جديدة في نفس المكان لكنها تعرضت للكسر مجددا، حاليا نخطط لوضع مكتبة جديدة أخرى فنحن لن نستسلم أبدا المهم ترسيخ ثقافة القراءة ونشر حب الكتب بين الناس".

ومن النشاطات الأخرى التي نفذتها جمعية صوفيا كانت إيصال الكتب الى القراء بأسعار منخفضة خلال الأزمة الاقتصادية التي شهدته كردستان خلال السنوات الماضية بعد عام ٢٠١٤.

وأوضحت لنجة "كانت للأزمة الاقتصادية تأثيرات كبيرة على مجال القراءة، فغالبية القراء كانوا لا يمتلكون المال الكافي لاقتناء الكتاب، لذلك بادرنا إلى توفير الكتب لمن يريدها من القراء بأسعار مناسبة، من خلال عقد اتفاقا مع دور النشر في السليمانية وأربيل على شراء الكتب منهم بعد تخفيض أسعارها بنحو ٣٠-٤٠٪  ونقلنا نحن أعضاء الجمعية هذه الكتب بدراجات هوائية إلى منازلهم".

وشددت لنجة أن جمعيتها لم تتلق الدعم المالي في تنفيذ مشاريعها من أي جهة سياسية أو حكومية أو منظمة، موضحة "مشاريعنا لا تحتاج إلى أموال كبيرة لذلك جميعها تطوعية ننفذها من أموالنا الخاصة، مثلا نشاط إيصال الكتب للقراء بالدراجات، أنا بعت قلادتي الذهبية كي أشتري دراجة أشارك بها في هذا النشاط، وصديقاتي استعرن الدراجات من أقربائهن".

تستعد جمعية صوفيا لبدء مشروع جديد في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، يتمثل في تنظيم مؤتمر دولي عن العنف الجنسي والتحرش وكافة الجرائم المتعلقة بهذا المجال في إقليم كردستان. وأكدت لنجة "لتنظيم هذا المؤتمر اتصلنا بجهات حكومية وأهلية ليشاركوا معنا لأن القضية مهمة جدا". 
 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.