عارضة ممتلئة الجسد خلال عرض أزياء في بريطانيا/ المصدر: ا ف ب
عارضة ممتلئة الجسد خلال عرض أزياء في بريطانيا/ المصدر: ا ف ب

تتصاعد صورة الجسد المثالي والوزن المثالي في السنوات الماضية، وفق عدة معايير أسهمت مواقع التواصل في انتشارها، مثل الجسد النحيل مع مؤخرة أو صدر بارزين، وهو ما ركزت عارضات الأزياء و"الفاشينيستاز" على إبرازه في صورهن المنشورة في إنستاغرام تحديداً. 

ورغم ظهور عارضات أزياء بأجساد ممتلئة وغير مثالية بالمعنى التجاري، وعارضات من ذوي الإعاقةأو الأمراض الجلدية اكتسبن شهرة عالمية، إلا أن الصورة المتكررة والأكثر شيوعاً لذلك الجسد "المفلتر" عشرات المرات.

 

وكانت دراسة استقصائية لمنظمتين بريطانيتين صحيتين، أجريت على 1500 شخص أعمارهم بين (18-24) عام 2017، وصلت لنتيجة مفادها أن "إنستغرام" هو "الأسوأ في سبعة من 14 معيارا خاصاً حول يتعلق تأثيره السلبي على النوم وصورة الجسم وعملية التحرش الإلكتروني ومشاعر القلق والاكتئاب والوحدة".

وجاء في الدراسة أن محتوى إنستاغرام جعل الكثير من الفتيات يشعرن أنهن أقل من أخريات عاديات يعرضن ثيابهن كل يوم بأجساد نحيلة.

"ارفع صوتك" التقى بعض النساء العراقيات اللواتي يعانين مما دعونه "الإساءة والتجريح" لقاء مظهرهن، وهن من صاحبات الأجساد الممتلئة، لدرجة أن بعضهن بدأ يفقد الشعور بالرضى عن النفس جرّاء شيوع الصورة المفترضة لـ"الجسد المثالي".

أثناء التسوّق..

تعاني قصواء محمد (33 عاماً) بشكل متكرر من الإساءة لها عبر أسئلة أو كلمات عابرة، أو سلوكيات، خاصة أثناء تسوقها في متاجر الملابس لإيجاد ما يناسبها.

مثلاً، تقول لـ "ارفع صوتك": "ما إن أدخل المحل التجاري وأشرع بتقليب الملابس المعروضة لاختيار ما يناسبني من المقاسات حتى يبدأ صاحب المحل بلفظ عبارات تشعرني بالإحراج، مثل لا يوجد على مقاسك ملابس، أو لا تتعبي نفسك في البحث ليس لدينا ملابس للأوزان الكبيرة". 

وتضيف قصواء إن وزنها تجاوز 95 كلغ، وذلك بسبب تعاطيها علاجات طبيّة معيّنة، مشيرةً إلى أن "البعض لا يهتم لمشاعر الشخص البدين، ولا يفكر بسلوكه وكلماته قبل قولها وفيما إذا كانت جاحة أم لا".

وتُعد فرصة الزواج أو الحصول على "عريس مناسب" أحد الأمور التي تقول عنها سناء هاشم (29 عاماً) "صعبة المنال بالنسبة للفتيات صاحبات الأوزان الممتلئة، لأن الشباب لا ينظرون لهن كزوجات مناسبات".

وتعتقد سناء أن الاحتكام إلى الوزن لتحديدخيار الزواج "تمييز" مضيفةً "يغذّي شعوري بأنني امرأة بلا مشاعر ولا تستحق الارتباط برجل أو حبيب مثل الرشيقات من النساء".

وتتابع: "ربما أتفهم رأي الرجل تجاه شكل أو حجم أجسام النساء، ولكن ما لا أفهمه بالفعل هو رأي المرأة نحو وزن امرأة أخرى، وما تحمله تجاهها من سخرية واضطهاد، وكأنها تحاول الانتقاص منها بشكل ما".

الشعور بالخزي

تقول هنادي محسن (41 عاماً) إن أكثر ما يزعجها ويثير غضبها، بل ويدفعني للشعور بالخزي، هو "نصائح الناس، خاصة من الذين لا تعرفهم شخصياً، حول ضرورة تقليل تناول الأطعمة، وكأن البدينة تأكل بشراهة غير متوقعة".

وتضيف هنادي التي زاد وزنها مباشرة بعد ولادة طفلتها (عمرها 3 أعوام): "لا أريد عطفهم هذا عليّ، وتستفزني كلمات يقولونها مثل (خطية أو مسكينة سمينة)!".

من جهتها، تقول الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة بشرى الياسري، إن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي "روجّوا لفكرة المرأة الرشيقة، لدرجة ربطهم الجمال والأنوثة بالوزن، ما يؤثر بشكل سلبي على النساء ورضاهن عن أنفسهن". 

وتضيف لـ"ارفع صوتك": "نجد ذوات الأجساد الممتلئة يشعرن بعدم الثقة بالنفس، ويبتعدن عن الاختلاط بالناس أو إقامة علاقات مع الآخرين خشية الأذى النفسي، حتى أن كثيرات ينفعلن عضباً من جراء أية مزحة تتعلق بالوزن، ما يدفع بعضهن لزيادة أوزانهن بشكل مفرط، كأن المسألة تعمل بطريقة عكسية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.