تثير حملات التهديد والتحريض على قتل الصحفيين باستمرار ردود فعل غاضبة واسعة من صحفيين ورجال قانون وغيرهم من نشطاء في منظمات تعنى بحرية الصحافة.
وتوجّه للصحفيين والإعلاميين والكتاب منذ عام 2003 اتهامات مختلفة، تتغير حسب المرحلة، فتارة هم "عملاء وجواسيس لدول أخرى" وتارة "يعملون لصالح أجندات مجهولة" وأخرى لانتمائهم لقومية أو مذهب بعينه.
وسجّلت منظمة "مراسلون بلا حدود" تراجعاً ملحوظاً في العالم العربي، خاصة في مسألة التحريض اللفظي المتزايد ضد الصحفيين.
وضمن التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2019، جاء العراق في المرتبة 156.
"هراء في هراء"
يقول رئيس مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي لـ "ارفع صوتك"، إن الوضع حرج، إذ أصبح التشهير والتحريض على الصحفيين والمدونين يسير بشكل منظم.
ويصف الاتهامات الموجهة ضد الصحفيين والمدونين بأنها "هراء في هراء"، مضيفاً "الصحفيون والمدونون يعملون كمواطنين عراقيين، وإذا عدنا لخطاباتهم وكتاباتهم سنجدها عراقية خالصة، بينما الخطاب غير العراقي هو الآتي من المهددين والمحرّضين أنفسهم".
وأطلق مرصد الحريات الصحفية مؤخراً، حملة بالتعاون مع منظمات دولية للضغط على الحكومة العراقية لملاحقة مواقع إلكترونية وصفحات في مواقع التواصل تروّج أو تحرض على تهديد وقتل الصحفيين والمدونين.
يؤكد العجيلي: "وإذا لم تتوقف هذه التهديدات سيكون للقضاء العراقي رأيٌ في ذلك، حيث ترفع دعاوى ضد المحرّضين".
القانون العراقي
وتنص المادة 200 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، على "عقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات على كل من جذب أو يروج ما يثير النعرات المذهبية او الطائفية أو حرض على النزاع بين الطوائف والأجناس أو أثار شعور الكراهية والبغضاء بين سكان العراق".
يقول الخبير القانوني تحسين عبد الوهاب لـ"ارفع صوتك"، إن التهديدات والتحريض كان سبباً في قتل العديد من الصحفيين، منذ عام 2003، وهو ما قد استغلته جهات مجهولة لتحقيق مكاسبها التي تواكب مستجدات المرحلة.
ويرى ضرورة تقديم أي صحفي يتعرض للتهديد، سواء على الأرض أو في الفضاء الإلكتروني، تقديم الشكوى للجهات المختصّة.
مافيات؟!
من جهته، يرى رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية الدكتور عدنان السراج، أن الصحافة والإعلام بوسائله التقليدية أو الجديدة، يُشكل أهمية ودوراً في رسم السياسات، كما يعزز الرقابة والديمقراطية في العراق.
ويقول لـ"ارفع صوتك": "وجود مافيات الفساد، وكذلك الخلافات والتشويش الحاصل في علاقاتنا الإقليمية والدولية ألقى بظلاله على مجمل العلاقة بين الإعلام والدولة".
ويعزو السرّاج استمرار التهديدات والتحريض بحق الصحفيين إلى "ضعف أجهزة الدولة في حمايتهم"، مؤكداً على ضرورة أن تكون الدولة "راعية لمسألة الأمن الوقائي للصحفيين والإعلاميين، خصوصا بعد عمليات قتل وتهجير العديد منهم".
و"تتحكم المافيات بالعديد من مواقع الدولة، أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية حتى لدى العشائر، إذ تقوم بتهديد أي صحفي يقوم بكشف الفساد أو يحاول تقدم النُصح للدولة"، حسب السراج.