مقاتلة أميركية من طراز F-35، أرشيف
مقاتلة أميركية من طراز F-35، أرشيف

في ساعة متأخرة من ليل العاشر من أيلول/ سبتمبر، انطلقت طائرات التحالف الدولي لتقديم الغطاء والدعم الجوي للكتيبة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، حيث تنفذ عملية مطاردة لفلول داعش في "جزيرة كنعوص"، بصحراء محافظة صلاح الدين.

يقول اللواء إريك هيل قائد العمليات الخاصة في قوة المهام المشتركة في عملية العزم الصلب: "نحن نحرم داعش من القدرة على الاختباء في جزيرة كعنوص"، مضيفا في بيان لقيادة عمليات العزم الصلب التي تقودها الولايات المتحدة: "نحن نساعد في تهيئة الظروف لقواتنا الشريكة لمواصلة تحقيق الاستقرار في المنطقة".

واستُخدم في هذه الغارات 80 ألف باوند (36 طنا) من الذخيرة، وفقا لقيادة عمليات العزم الصلب.

ويتابع البيان أن "العمليات مستمرة لقطع طريق رئيسي يستخدمه عناصر تنظيم داعش في التنقل بين سوريا وصحراء الجزيرة وصولا إلى الموصل ومخمور وكركوك".

من جهتها، أشارت خلية الإعلام الأمني، الجهة المتحدثة باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، إلى أن "جهاز مكافحة الإرهاب ينفذ حاليا عملية تفتيش وتطهير لهذه المنطقة، عبورا لنهر دجلة باتجاه الأهداف في منطقة الهيجل".

وأضافت خلية الإعلام الأمني في بيان أن العملية تجري "بإسناد طيران التحالف الدولي الذي وجه ضربات موجعة عالج من خلالها 37 هدفا للتنظيم".

اختباء وتمركز

ويحاول عدد من مقاتلي داعش استغلال النباتات والموانع الطبيعية في المناطق الصحراوية بمحافظة صلاح الدين للاختباء والتمركز، من أجل الانطلاق في عمليات مسلحة تستهدف القرى النائية.

ويرى أستاذ الأمن القومي في جامعة النهرين حسين علي علاوي أن تنظيم داعش يحاول التوغل في المناطق المفتوحة مستغلا الموانع الطبيعية، "لوضع موطئ قدم فيها والانطلاق في تنفيذ عملياته".

وأشار في حديثه لموقع (ارفع صوتك) إلى أن خطة التنظيم هذه باتت مكشوفة لدى القوات الأمنية العراقية وقوات التحالف الدولي.

ويقول علاوي إن "ما بين 500 إلى 750 مقاتل محلي تابع لداعش يحاولون اللجوء إلى الصحراء من أجل إيجاد بعض الأهداف الرخوة في المناطق النائية من أجل استخدامها إعلاميا". ويضيف: "لكن وفق المقاييس الاستراتيجية، لا تشكل تلك الخلايا أي خطر على مراكز المدن".

ويتابع أستاذ الأمن القومي: "القوات العراقية تعمل الآن باستراتيجية المطاردة. جهد جهاز مكافحة الإرهاب مع إسناد طيران التحالف الدولي كان فاعلا ومثمرا في ضرب مفاصل حيوية تعود للتنظيم".

وتعتمد تلك الاستراتيجية على الرصد الاستخباري العميق، "والذي نجده فاعلا حاليا جراء تعاون القوات العراقية مع قوات التحالف الدولي"، وفقا لعلاوي.

ويضيف "أهم نقطة نفذتها القوات العراقية هي ضرب مراكز الثقل العسكرية للتنظيم ودمرت قدراته التقنية والفنية والمالية، بالتالي لا يوجد خطر حقيقي للتنظيم في الوقت الحالي".

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.