صورة تعبيرية لامرأة عراقية يوم زفافها/المصدر: ا ف ب
صورة تعبيرية لامرأة عراقية يوم زفافها/المصدر: ا ف ب

تعيش تحسين فلاح (27 عاماً) تحت تهديد مستمر عنوانه "الزوجة الثانية". 

تقول لـ"ارفع صوتك" إن الحل المتكرر الذي تطرحه والدة زوجها لأي خلاف بسيط أو مشاجرة بينهما، هو أن يتزوّج بامرأة ثانية إذ "لا يكسر أنف امرأة سوى وجود أخرى" كما تقول أم الزوج.

زواج تحسين جاء بعد قصة حب بينها والرجل الذي لا تتخيّله مع امرأة أخرى، مستمر منذ أربعة أعوام، أنجبا فيها طفلتهما الوحيدة. 

وتشير إلى أن "تقاليد المجتمع وعاداته القبلية لا تولي أهمية كبيرة لمشاعر الزوجة، وقد يُنظر لها باعتبارها مخالفة لشرع الدين".

تقول في ختام حوارنا معها "لم أعد أثق بالحب الذي بيننا، لأن شاغل شريك حياتي الرئيسي هو عدم مخالفة رغبة أمه أو عائلته".

"أنا أقبل"

في المقابل، لا تمانع منتهى حميد (42 عاماً) في أن تكون الزوجة الثانية، لأنه أحد خيارين، ثانيها البقاء عزباء في خدمة إخوتها وزوجاتهم. 

وتعمل منتهى في وظيفة حكومية، توفي زوجها عام 2006. تقول لـ"ارفع صوتك": "أكثر ما يزعجني هو تفضيل الكثير من الرجال أن تكون الزوجة الثانية موظفة أو عاملة لكي تستطيع توفير نفقاتها، لأن الزوج لا قدرة لديه على تحمل الإنفاق على بيتين وزوجتين".

رغم ذلك تقول منتهى إن المرأة التي توافق على هذا الزواج "لا تجد سعادتها غالباً، وربما تنفصل بعد وقت قصير، لأنها لن تتحمل شعورها المتزايد بعدم الأهمية، وأن وجودها كزوجة ارتبط بقدرتها على تحمل نفقات حياتها مع زوجها، لا لشيء آخر".

إلا أن سهاد طاهر (39 عاماً)، تحبّذ أن تكون زوجة ثانية، قائلة "من الصعب أن تبقى المطلقة بلا زواج، وفرصها في الزواج برجل أعزب ضعيفة جداً، ومن جهة أخرى لا يمكنها التخلص من كلام الناس ومراقبتهم لها طيلة الوقت"، في إشارة لتجربتها الشخصية كمطلقة.

وتتابع حديثها: "على أية حال، ليس غريباً أن أكون زوجة ثانية، والكثير من الرجال لديهم علاقات خارج الزواج تدوم سنوات طويلة، وتعلم زوجاتهم بذلك، فلماذا عندما تصل الأمور لزوجة ثانية تصبح كارثية لدى الأولى؟".

نوال إحسان (47 عاماً)، من جهة أخرى، ترى وجودها كزوجة ثانية "الحل لتعيش مثل باقي النساء"، مضيفةً  "من حقي الزواج حتى لو كان الرجل متزوجاً، فلا أحد يهتم بالمرأة أكثر من شريك حياتها".

وكانت نوال فقدت زوجها في تفجير إرهابي عام 2011، وعانت بعده الشعور بالوحدة،  وعدم القدرة على الإنفاق إذ كان زوجها المعيل الوحيد للأسرة، المتبقي منها، هي وأربعة أطفال.

وعن كونها الزوجة الثانية الآن، تقول نوال: "تزوجت منه عام 2017، بعقد شرعي، لكن دون علم الأولى، إذ يخشى زوجي أن تثير المشاكل بينهما وبينه وأبناءه منها، وأنا راضية بذلك".

 

بماذا تفكر وكيف تشعر الزوجة الأولى؟ 

ترى أمل صالح (51 عاماً)، أن الزوجة الثانية تعني على الأرجح "وصول حياتها مع شريك حياتها إلى نهايتها".

وتؤكد "إن فكّر زوجي بغيري سأفترق عنه حتماً، سواء بمساندة القانون أو بمعارضته، لأنه حين تزوّج تناسى وقوفي لجانبه وتحمل الكثير من الأمور لديمومة بيتنا وسعادة أسرتنا".

وتستغرب من قبول المرأة في أن تكون زوجة ثانية ليس فقط لأنها "كانت السبب في تدمير مشاعر الزوجة الأولى وإنما بأسرتها أيضاً، لأن وجود امرأة ثانية يعني زيادة في المشاكل بشكل لا يوصف".

في ذات السياق، تجد خالدة حليم (37 عاماً) ولديها ثلاثة أبناء، أن عشيرتها مثل غيرها تؤمن بضرورة زواج الرجل بأكثر من امرأة، وأن تعيش الزوجات في بيت واحد.

وتقول: "لقد جربت الكثير من نساء عائلتي الاعتراض على مسألة زواج شركاء حياتهن، بدءاً من الزعل وإثارة المشاكل، مروراً بالانفصال، لكن دون جدوى. الزواج بثانية هو عرف اجتماعي يجب الامتثال له عاجلاً أم آجلاً". 

وتتابع خالدة: "في كل الحالات سيتزوج الرجل بثانية سواء كانت جميلة ويحبها أم لا، لكن إذا لم تكن الأولى راضية سيكون الأمر صعباً عليها للغاية. لأنها قد تتعرض للتعنيف والضرب".

وفي وقت سابق أثار تصريح النائبة جميلة العبيدي حول "تعدد الزوجات حق الأرملة والمطلقة" جدلاً واسعاً بين العراقيات. وتضمن السّماح للرجل بالزواج الثاني والثالث والرابع، بشرط أن يكون عُمر الزوجة الثانية تجاوز 30 عاماً.

وبموجب اقتراح التعديل، سيتم إعلام الزوجة الأولى فقط عند الزواج بالثانية وليس موافقتها، الذي يسمح فيه بزواج الرجل من امرأة ثانية دون التفكير بعواطفها، كونه لا يتعارض مع القيم الدينية.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.