صورة من مخيم الهول، الذي يؤوي آلافاً من عائلات عناصر تنظيم داعش/ ا ف ب
صورة من مخيم الهول، الذي يؤوي آلافاً من عائلات عناصر تنظيم داعش/ ا ف ب

صدر مؤخراً عن مؤسسة  "Penguin Random house" الأميركية للنشر، كتابان باللغة الإنجليزية، قد يهمّان القارئ/ة العربي، بالإضافة إلى المهتم/ة بالقضايا النسويّة.

الكتاب الأول "نساؤنا على الأرض" والثاني "بيت ضيافة لأرامل صغيرات".

يستهل كتاب "نساؤنا على الأرض Our women on the ground" صفحاته بمقال الصحافية الأميركية- المصرية هناء علام، التي تسرد جوانب من تجربتها في العراق كمراسلة صحافية لصحيفة "McClatchy" الأميركية، خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وينطلق المقال من سؤال "ماذا يعني أن تكوني امرأة هناك (العراق)؟". وتنتقل من كونها صحافية امرأة بين جمع غفير من الرجال الصحافيين، إلى شعورها بأهمية تمثيل النسبة الأكبر من سكان العراق، إذ سرقت الحرب أرواح الرجال، أزواجاً  كانوا أو آباءً أو إخوة، لتبقى النساء مع الأطفال أو وحيدات يواجهن ظروف الحياة الصعبة، ويتحولن بطرفة عين إلى المعيل الأساسي لأسرهن.

تقول علام "في ذروة يأسهن، دخلت بعض النساء في الزواج المؤقت (زواج المتعة). أساساً تعتبر هذه الزيجات نوعاً من الدعارة لكن بغلاف ديني رقيق، فالرجال يدفعون للنساء مقابل الجنسب، لكن الأمر شرعي باعتباره زواجاً ولو مؤقتاً، وفق بعض الشيعة".

 وتروي مثالاً "أخبرتني نسرين، وهي أرملة، أن يديها ترتجفان وتشعر بالعار يملأ وجهها لأنها وقعت على عقد زواج مؤقت مقابل 15 دولاراً ومواد غذائية وملابس لأطفالها الخمسة"، متابعة "تقول نسرين: أطفالي ينادونني بالمرأة السيئة والعاهرة، ليس لديهم أي فكرة أن ما أقوم به لأجلهم فقط".

وعلام إلى جانب 18 صحافية، شاركن في مقالات عن تجاربهن في التغطية الإعلامية من مناطق النزاع أو الحروب، وهن: دونا أبو نصر، جاين عرّاف، عايدة علمي، ندى بكري، شمايل النور، زينة إرهيم، أسماء الغول، هند حسن، إيمان هلال، زينة كرم، رولى خلف، نور ملص، هويدا سعد، أميرة الشريف، هبة شيباني، لينا سنجاب، وناتاشا يزبك، لينا عطالله.

المشترك بين هؤلاء الصحافيات، أنهن عربيات أو من أصول عربية، عملن لصالح وسائل إعلام أجنبية، وحققن فرقاً في التغطية الغربية للأزمات والحروب في العالم العربي.

وصدر الكتاب الواقع في 288 صفحة، في السادس من آب/ أغسطس الماضي ومحررة الكتاب زهرة هانكير. 

في هذه التغريدة لهانكير، قبل نشر الكتاب، تنقل أول تعليق عليه "هذه قصص فريدة ونادرة من الميدان، جاءت في الوقت المناسب، وتكشف مدى أهمية مهنية الصحافي والتهديد الذي يتعرض له".

وللباحث عن أسماء عدد من الإعلاميات المشاركات في هذا الكتاب، قد يجد القليل جداً من المعلومات المتوفرة عنهن أو عن تغطياتهن باللغة العربية، فعملهن بالأساس موجه للجمهور الغربي، وبلغات غير العربية، بالتالي إذا كان متابع أو متلقٍ غربي لوسائل الإعلام اللاتي عملن أو يعملن لصالحها قد قرأ لهن، فالكتاب سيعطيه لمحات عن التجربة خلف الكواليس أو المشاعر الشخصية لهن، لكن بالنسبة للمتابع العربي لوسائل إعلام عربية، سيهمّه وجود نسخة مترجمة للكتاب بالعربية، وهو ما يتيح له التعرف على هذ التجارب، ربما لأول مرة، ويمنحه -ربما- إدراكاً أكثر لما يعنيه أن تغطي صحافية عربية أو من أصول عربية قضاياه للإعلام الغربي، ومدى تأثير تلك التغطيات.

"بيت الضيافة لأرامل صغيرات"

كتبت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن الكتاب "Guest House for Young Widows: Among the Women of ISIS" ومؤلفته الأميركية- الإيرانية آزاده معاوني"تتبع معاوني 13 امرأة وفتاة - تونسية وبريطانية وسورية وألمانية - حيث ينشئن صوراً ثلاثية الأبعاد لعوالمهن ومناطقهن والخيارات المتاحة وغير المتاحة لهن."

وقالت كاتبة المقال "لقد دفعتني (معاوني) للتعلّق بكل منعطف لمعرفة ما سيحدث لهن. من المحتمل أن يثير هذا النهج غضب بعض الجماهير، خاصة بعد سنوات من التغطية الإعلامية التي تصور هؤلاء النساء على أنهن شر فريد أو متطرف متعطش للدماء أو مهووسات جنسياً بالجهاديين".

وكانت معاوني أعلنت عن صدور الكتاب عبر حسابها في تويتر، في العاشر من أيلول/ سبتمبر الجاري، وتروي فيه حكايات بعض نساء داعش. 

 

ويحاول الكتاب رصد الحياة الداخلية ودوافع النساء اللاتي انضممن إلى تنظيم داعش  دعمنه، من خلال قصص هؤلاء النساء.

اقرأ أيضاً

 تقول كاتبة الـ"نيويورك تايمز": "قراءة رائعة، سهلة الهضم، وروائية، يتناول الكتاب  العديد من المحرمات التي أعاقت النقاش الواضح حول التطرف الإسلامي بشكل عام وداعش بشكل خاص، كما يقدم معلومات حول (الحرب على الإرهاب) الأوسع نطاقاً والسياسات غير الفعالة التي تنتهجها حكومات غربية وشرق أوسطية، وتأتي أحياناً بنتائج عكسية".

شاهد أيضاً



 وترى الكاتبة في مؤلف معاوني، "مناشدة عاجلة" لصالح عائلات الدواعش، الذين "يعيشون في مخيمات ومراكز احتجاز في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويخضعون لمحاكمات موجزة وتجريد من الجنسية والسجن إلى أجل غير مسمى في ظروف قذرة بشكل خطير، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين تتخلصان من هذه المشكلة عبر حكومات غير مجهّزة في العراق وسوريا".

ويفتتح الكتاب بقصة نور التونسية، والرجوع إلى عام 2007 في سياق روايتها. 

"بعد حادثة النقاب، تم منع نور من الدوام المدرسي مدة عشرة أيام، تداول خلالها المدرسون ومديرة المدرسة أسلوب التعامل مع طفلة في الثالثة عشرة من عمرها ارتدت النقاب. لم يستدعها أحد للتحدث عن سبب ظهورها في المدرسة مرتدية النقاب، أو ما إذا كان هناك خطأ ما في المنزل. أرادت نور أن تكون فاضلة وأن تكون مطيعة لإلهها وأن تضمن مكانها في الجنة؛ كانت أيضاً مراهقة، (...) لو أنهم منحوها فرصة لتذكر شيخ اليوتيوب، لربما عرضوا لها وجهات نظر علمية أقوى وأكثر صحة. بدلاً من استدعاء نور ووالديها إلى المدرسة، بحضور رجل شرطة مثير للاشمئزاز، جعلها تتعهد بعدم تغطية وجهها أو شعرها مرة أخرى".

ويقع الكتاب في 352 صفحة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.