تعمل العديد من الفرق المعمارية والهندسية المختصة بإعادة إحياء المباني التراثية والتاريخية في قلعة أربيل ضمن مشروعي إحياء حمام القلعة، وتأهيل ثلاثة دور تراثية لتكون مركزا ثقافياً للأطفال، بمنحة أميركية قدرها 800 ألف دولار لتنفيذهما.
واعتبرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في تقرير بعنوان "تاريخ فوق تلة" نشرته في نيسان/ أبريل الماضي، قلعة أربيل "أقدم مستوطنة بشرية مأهولة على الأرض" مبيّنة أن تاريخ القلعة يعود إلى ستة آلاف عام.
وجاء في التقرير أن القلعة احتفظت بمكانتها المهمة عند حضارات المنطقة بدءاً من حضارات ما بين النهرين (ميزوبوتاميا) وما تلاها على مرّ العصور".
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عام 2014، قلعة أربيل، ضمن لائحة التراث العالمي.
بدوره، أوضح السفير الأميركي في العراق، ماثيو تولر، خلال مؤتمر صحافي، أن "المركز الثقافي الخاص بالأطفال سيتضمن مواد تعليمية وإرشادية للأطفال الزائرين للقلعة، لإطلاعهم على تاريخ هذه الخزينة الثرية".
وقال إن المبلغ المالي المخصص من الحكومة الأميركية للمشروعين مُنح لمنظمة "ورلد مونيومنت فند" الدولية المختصة بإعادة إحياء الآثار الهامّة حول العالم، وستشرف على سير المشروعين حتى انتهاء التنفيذ.
وأكد تولر "التزام الولايات المتحدة بمساعدة العراق وإقليم كردستان في الحفاظ على آثارها وتراثها الفريد وإعادة إحيائه".
وأضاف السفير: "أعلنّا قبل أسبوعين عن منح مبلغ 150 ألف دولار لمعهد التراث الكردي في السليمانية، لرقمنة أرشيفهم الكبير، بالإضافة لمنح 500 ألف دولار لإعادة إعمار معبد لالش في دهوك، وإلى جانب هذه المشاريع خصصت الحكومة مليون دولار لإعادة إعمار مرقد النبي ناحوم في القوش شمال شرق الموصل".
وأشار تولر إلى أن هذه المشاريع مصممة لتكون جسراً لتوطيد العلاقات بين الشعبين الأميركي والعراقي.
وتربض قلعة أربيل على تلة ترابية تبلغ ارتفاعها نحو ٣٢مترا دائرية الشكل، تبلغ مساحتها عشر هكتارًا، وتحتضن القلعة شبكة من الأزقة الضيقة المتعرجة والدور التقليدية المتراصفة المبنية من الطابوق ذات فناء وسطي مفتوح للسماء.
وبين نهاد لطيف قوجة رئيس المفوضية العليا لإحياء قلعة أربيل لموقع (ارفع صوتك) أن "عملية إحياء وتهيئة قلعة أربيل تحتاج الى جهود كبيرة وكثيرة، ليس من قبل العراق وإقليم كردستان فحسب بل من قبل دول العالم المتطورة في هذا المجال".
وأشاد قوجة بالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية لحماية هذا التراث العالمي من خلال تخصيص منحة مالية لتنفيذ مشروعي إعادة احياء حمام القلعة، وانشاء مركز ثقافي للأطفال معتبرا الدعم الأمريكي "خطوة مهمة جدا لتوطيد العلاقات بين الشعبين الأمريكي والعراقي بكافة مكوناته وتوطيد العلاقة بين التراثين".
وأشار قوجة الى أن الظروف الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي مر بها العراق والاقليم خلال السنوات الماضية اسفرت عن توقف هذه أعمال مشروع احياء وتأهيل قلعة أربيل لنحو خمس سنوات، مؤكدا "بدأنا الآن بمباشرة مشروع احياء القلعة، حيث تتواصل حاليا عمليات ترميم وتهيئة بيوت القلعة كي تكون في المستقبل معلما جميلا للزوار".
من جهته، قال المستشار في مجال التراث المعماري الثقافي دارا اليعقوبي، لـ"ارفع صوتك" إن العدد الأصلي لمباني القلعة 580، لكنه انخفض مع مرور الزمن بسبب دمار عدد من المباني بفعل عوامل الطبيعة أو قدمها.
وأضاف اليعقوبي "حين بدأنا مشروع إحياء القلعة لم يكن تبقى سوى 200 مبنى، رُمّم 40 حتى اليوم".
وكانت المفوضية العليا لإحياء قلعة أربيل التابعة لحكومة إقليم كردستان، بدأت مشروعها عام 2010، وهو من مشاريع طويلة الأمد، وتقدّر مدة التنفيذ حتى الانتهاء من جميع المباني بنحو 25 عاماً، علماً بأن منظمة "اليونيسكو" مشاركة أيضاً في ترميم وإعادة تأهيل القلعة، وتقديم المشورة للفرق المعمارية والمهندسين العاملين.