عنصر من قوات الرد السريع خلال حملة تفتيش في قضاء الطارمية
عنصر من قوات الرد السريع خلال حملة تفتيش في قضاء الطارمية

قتل الأحد 22 أيلول/ سبتمبر، سبعة أشخاص بينهم أربعة أفراد من عائلة واحدة في ثلاثة هجمات متفرقة بمنطقة الطارمية شمال العاصمة بغداد، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية عراقية.


وقال ضابط في الشرطة العراقية للوكالة، طالبا عدم كشف هويته، إن "مسلحين مجهولين اقتحموا منزل أحد عناصر الحشد العشائري في منطقة النباعي التابعة لقضاء الطارمية، وقتلوه مع زوجته وابنه ووالدته".

 

وفي حادث منفصل، قتل عنصر آخر من الحشد العشائري في هجوم مسلح وقع فجراً، بحسب المصدر نفسه.

وتبنى تنظيم داعش هذه الهجمات، وفقا لما نشره على حسابات موالية له.

من جهة أخرى، تعرض موقع للجيش العراقي ليل السبت الأحد، إلى إطلاق نار برصاص قناص، أدى إلى مقتل جنديين، وفق مصدر أمني.

وفي وقت لاحق، أعلنت القوات الأمنية "قتل إرهابي انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً" ضمن القضاء نفسه.

ووفقا لتصريح المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي لموقع (ارفع صوتك)، من المرجح أن يكون "الإرهابي هو منفذ عملية قنص الجنود".

ويقول الزبيدي "على أثر الأحداث التي شهدتها الطارمية نفذت القوات الأمنية يوم أمس عملية نوعية لقتل أحد عناصر داعش، وهو عنصر كان يحمل سلاح قناص يحوي ناظور حراري متطور ورمانات يدوية وأيضا يرتدي حزاما ناسفا"، مضيفا "هذه العملية جاءت من خلال الجهد الاستخباراتي لملاحقة ومتابعة ما تبقى من فلول لهذا العصابات".

ويتابع الزبيدي "لم نتأكد أنه من قتل الجنديين، لكن نرجح ذلك بسبب امتلاكه نفس السلاح، سنتأكد من خلال المعلومات الاستخباراتية".

 

دور للمواطن

وكانت القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي قد أنهت مؤخرا، عملية أمنية واسعة لتطهير قضاء الطارمية، لكن الهجمات لم تتوقف.

وتشير الهجمات التي تبناها التنظيم أنه ما زال قادراً على تنفيذ عمليات بين فترة وأخرى.

ويعلق الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي "هؤلاء الجنود لم يكونوا ليقتلوا لو أن الفلاح صاحب الأرض التي أطلق منها القناص الداعشي رصاصه قد بلغ عنه"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "الفلاح ليس مواليا لداعش لكنه يخشى من انتقام التنظيم إذا بلغ، على اعتبار أن الكثير من المواطنين قد بلغوا وتم الوشاية بهم من قبل عناصر أمنية واستخبارية فاسدة".

لكن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، يعتبر هذا التصريح "مبالغ فيه".

ويرد على الهاشمي بقوله "اليوم قطعاتنا الأمنية تبني جسور ثقة كبيرة مع المواطنين، لكن بعض الأحيان يكون هناك تخوف لدى بعض المواطنين في قضاء الطارمية".

ويضيف الزبيدي بأن دور "المواطن اليوم مهم، يجب أن يبادر وأن يكون هو العين التي ترصد أي تحرك أو حركة مشبوهة أو تواجد للإرهابيين".

وخصصت مديرية الاستخبارات العسكرية رقما مجانيا "يتعامل بسرية تامة مع البلاغات التي يقدمها المواطنون على الرقم 153"، وفقا للزبيدي.

 

الثقة بالاستخبارات

وسعت حملة "إرادة النصر" التي نفذت في المناطق التي كانت خاضعة لداعش إلى تحقيق ثلاثة أهداف هي:

- تطهير وتمشيط وتشريد من استطاع الاختباء أو حصل على ايواء في هذه المناطق سواء في الكهوف أو الخنادق أو البيوت المهجورة أو المزارع المهجورة.

- إعادة الثقة المتبادلة بين المجتمع المحلي والقوات الأمنية من خلال تواصل القيادة المشتركة لهذه الحملة مع السكان المحليين وطمأنتهم.

- ترسيخ الثقة بالمجتمع المحلي بشكل جاد بين رجل الاستخبارات غير المرتشي وغير الفاسد مع السكان المحليين الذين يزودونهم بمعلومات جيدة.

 

ويشير الزبيدي إلى أنه "رغم عمليات التفتيش التي أجرتها قطعاتنا في مناطق شمال بغداد كانت دقيقة ومبنية على الجهد الاستخباراتي، لكن هناك عناصر تمكنت من الاختباء بسبب المساحات الكبيرة والمناطق الزراعية والمسطحات المائية".

ويعتبر الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن "وجود جهاز استخباري محل ثقة المواطن هو أهم ركيزة لنجاح الحرب ضد الإرهاب".

ويقول "الاعتماد على عنصر استخباري غير فاسد هو أفضل من الاعتماد على المخبر السري الذي يكون أحيانا هدفه مصالح شخصية أو انتقامية".

ويضيف الهاشمي "كما أن تزويد الحشد العشائري بأسلحة تكافئ مسؤوليته في التصدي للعمليات التعرضية لعناصر التنظيم أمراً مهماً في المرحلة الحالية".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

FILE - Children gather outside their tents at the al-Hol camp, which houses families of members of the Islamic State group, in…
أطفال يلهون أمام خيامهم في معسكر "الهول"- أرشيفية

قررت 11 امرأة و30 طفلاً أستراليين محتجزين في مخيم "الهول" رفع دعوى قضائية ضد حكومة بلادهم للضغط من أجل إجبارها على إعادتهم إلى وطنهم.

ولا ترفض أستراليا استعادة مواطنيها المحتجزين في معسكرات اعتقال "عائلات داعش" لكنها تتبنّى سياسة بطيئة في هذا الشأن أسفرت عن استعادة 4 نساء و13 طفلاً العام الماضي فقط.

وسبق وأن اهتزَّ الرأي العام الأسترالي بأنباء معاناة عددٍ من الأطفال الأستراليين داخل المخيم، مثل الطفل يوسف ذي الـ11 عاماً الذي أصيب بالسُل ومات متأثراً به، وفي 2021 تعرضت فتاة أسترالية لمحنة مرضية صعبة بسبب سوء التغذية، وقبلها بعامٍ أصيبت طفلة في الثالثة من عُمرها بـ"قضمة صقيع" في أصابعها بسبب البرد القارص الذي اجتاح المخيم.

بسبب عملية الاستعادة الأخيرة تلك قرّرت مجموعة النساء الأستراليات رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العُليا في ملبورن، يُطالبن فيها بإصدار "أمر إحضار" للحكومة لإنقاذهن من "الظروف البائسة والمروعة" التي يعشن بها منذ سنوات.

أعادت تلك القضية تسليط الضوء على الأوضاع المزرية التي تعيشها آلاف النساء والأطفال داخل مخيمات تقع في الأراضي السورية وتفتقر لأدنى متطلبات الحياة الإنسانية، إلى درجة دفعت وسائل إعلام عالمية إلى وصفه بأنه "غوانتانامو جديد في سوريا".

بداية الأزمة

نشأت مشكلة مخيم "الهول" عقب نجاح التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة في إنهاء دولة داعش التي امتدّت حدودها إلى شمال شرق سوريا.

بدءاً من شهر فبراير 2019 جرت عملية اعتقال واسعة بحق زوجات وقريبات وأطفال مقاتلي "داعش" الذين ماتوا في المعارك أو فرّوا إلى جبهات قتال أخرى.

الآن يعيش في مخيميْ "روج" و"الهول" قرابة 10 آلاف مواطن أجنبي ينتمون إلى 60 دولة تقريباً وتزيد نسبة الأطفال فيهما عن 60%.

أكثر من 80% من هؤلاء الأطفال أعمارهم تقلّ عن 12 عاماً فيما تبلغ نسبة الذين بلغوا الخامسة أو أقل قرابة 30%، وهو ما يعني أن بعضهم قضى أغلب حياته -أو حياته كلها- داخل المخيمات.

تقع هذه المخيمات في منطقة الإدارة الذاتية التي يديرها الأكراد بمعزلٍ عن سيطرة الحكومة السورية. مراراً أعلنت السُلطة الكردية أنها عاجزة عن إيواء هذا العدد الضخم من قاطني المخيّم وطالبت الدول الأجنبية العمل على إعادة مواطنيها إلى بلادهم.

رحلة العودة الصعبة

منذ 2019 أعادت بعض الدول مثل الدنمارك وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة وأوزبكستان وغيرها جميع مواطنيها -أو أغلبهم على الأقل- إلى أراضيها.

في بداية العام الماضي وافقت الدنمارك على السماح للأطفال بالعودة إلى بلادهم لكن دون أمهاتهم حيث اعتبرتهن خطراً على أمنها القومي.

دولٌ أخرى تبنّت موقفاً رافضاً لإعادة مواطنيها مثل كندا والمغرب والمملكة المتحدة فيما اتخذت دول أخرى مثل أستراليا وفرنسا وهولندا موقفاً متأرجحاً بين تحفّظ أولي ثم تراجع وبدء جهود بطيئة لاستعادة مواطنيها تدريجياً.

حتى الآن لا يزال آلاف الأطفال يعيشون أوضاعاً مأساوية داخل المخيمات حُرموا فيها من الطعام والمأوى وفي بعض الأحيان ماتوا بسبب الأمراض وحوادث العنف التي يشهدها المخيم من وقتٍ إلى آخر، وسط مخاوف من أن يستغلَّ مقاتلو "داعش" هذه الأوضاع لينشروا أفكارهم المتطرفة بين الأطفال وتكون بمثابة عودة جديدة للتنظيم في المستقبل القريب.

في ختام 2022 ماتت فتاتان داخل مخيم "الهول" تحملان الجنسية المصرية بسبب الأوضاع الصعبة التي عاشتا فيها لسنواتٍ طويلة، ما دفع بعددٍ من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأطفال إلى تكرار مناشدة الحكومات بالتدخل وإعادة جميع النازحين إلى بلادهم.

منذ عدة أشهر حاولت الإدارة الكردية للمخيّم حل مشكلة الأطفال عبر فصلهم عن أمهاتهم وإخضاعهم لبرنامج تأهيلي يشمل تعلُّم الرسم والموسيقى وبعض المهارات العملية وممارسة الرياضة إلا أن هذا البرنامج واجه انتقادات حقوقية دولية بسبب قيامه بحرمان الأطفال من أمهاتهم الامر الذي قد يعرّضهم إلى المزيد من الأضرار.

هذه الخطوة وصفتها ليتا تايلر المديرة المساعدة لقسم النزاعات في "هيومن رايتس ووتش"، بأن هذا الإجراء "احتجاز لأجلٍ غير مسمى دون تهمة للأطفال" معتبرة أن إبعاد المراهقين عن أُسرُهم يسبّب المزيد من الصدمات لهم.

خلال زيارة بعض صحفيي وكالة "أسوشييتد برس" أظهر بعض الصبية عداءً مفرطاً لهم فألقوا الحجارة عليهم وأشار أحدهم بحركة قطع الرأس.

وفي سبتمبر 2022 زار مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة مخيم الهول واطلع على أوضاعه عن كثب ووصفه بأنه "بؤرة للمعاناة الإنسانية" مهددة بالانفجار في أي وقت لصالح "داعش".

تحديات العودة

تستشعر العديد من الدول قلقاً من أن تؤدي استضافة عائلات مقاتلي "داعش" إلى متاعب أمنية داخل بلادهم لذا فإنها لا تمنحهم موافقتها إلا بعد تدبير إجراءات أمنية صارمة قد تصل إلى حدّ حرمان الأمهات العائدات من أبنائهن.

تمتلك هذه الدول بعض المخاوف الأمنية "المنطقية" من أن هؤلاء الأطفال يحملون أفكار آبائهم المتطرفة والدموية، وقد يجعلونها محلَّ التنفيذ يوماً ما أو على الأقل يعملون على نشرها في المحيط الخاص بهم. كل هذه الهواجس تعطّل كثيراً من جهود إعادة أبناء المخيم إلى بلادهم.

دولة مثل بريطانيا قرّرت إغلاق باب العودة تماماً فجردت بعض مواطنيها المنتمين إلى "داعش" من جنسياتهم الإنجليزية لتحوّلهم إلى "عديمي الجنسية" لا يحقُّ لهم المطالبة بالرجوع إلى بريطانيا ولا يقع أي التزام على الحكومة في هذا الصدد، وهو ما جرى مع الطالبة البريطانية شاميما بيجوم التي انضمت إلى تنظيم داعش وهي في الـ15 من عُمرها وانتقلت للعيش في مخيم لاجئين بعد سقوط التنظيم، والآن تُطالب بالعودة بعدما أصبحت حبيسة في المخيم، طلبٌ لم تلتفت له لندن بدعوى أن بيجوم لم تعد مواطنة بريطانية.

في ألمانيا تخضع الأمهات العائدات إلى محاكمات فورية بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وقد يحكم عليهن بالسجن عشرات السنوات مثلما جرى مع جنيفر دبليو التي هربت من ألمانيا إلى العراق حيث انضمّت إلى تنظيم "داعش" وهناك تسبّبت في مقتل فتاة إيزيدية بالاشتراك مع زوجها.

أما في السويد فلقد فُصلتْ الأمهات العائدات عن أبنائهن فور وصولهن إلى الأراضي السويدية ووضعوا في عُهدة وحدة متخصصة في رعاية الأطفال، وهو إجراء قابله الأطفال بالصراخ والبكاء وفي بعض الحالات ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب والقلق.

خضعت الأمهات لاستجوابٍ مكثّف استغرق من 24 إلى 48 ساعة بعدها حُرمن من الاتصال بأطفالهن لعدة أسابيع حتى سًمح لهن أخيراً برعايتهم، وفي بعض الحالات النادرة رفضت الحكومة السويدية السماح للأمهات باستعادة أطفالهن بدعوى أنهن ليسن مؤهلات لتربيتهن.

بعض الأبحاث اهتمّت بتأثير هذه التجارب القاسية على نفسية الأطفال الذين تربّوا في أجواء حرب ثم عاشوا بعدها أوضاعاً صعبة داخل المخيمات وهو ما شكّل صدمات متعددة في نفسية هؤلاء الصغار تجعل عملية إعادة دمجهم في المجتمعات الغربية أمراً بالغ الصعوبة.

هذه الصدمات قد تجعل الأطفال عُرضة لارتكاب سلوكيات خطرة في المستقبل مثل تعاطي المخدرات والكحوليات فضلاً عن الإصابة بأمراضٍ نفسية كالقلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، كذلك تزداد بينهم احتمالية الإصابة بأمراضٍ مزمنة كالقلب والسكري والسرطان.

تقول ليليان موانري أستاذة الصحة العامة في جامعة تورينس الأسترالية، إنه إذا كان الوقت الذي قضاه الأطفال في المخيمات مؤلماً فإن عملية إعادتهم إلى وطنهم ستكون أيضاً مزعجة، مضيفة أن عملية إعادة توطينهم في بلادهم غالباً ستكون مصحوبة بالوصم والتمييز وهي سلوكيات ستخلّف آثاراً مدمرة على نفسياتهم.

لذا اعتبر قادة عسكريون أميركيون أن هذه العيوب التي تشوب عمليات إخلاء المخيم هي "أكبر عائق أمام ضمان هزيمة كاملة ونهائية لداعش".