صورة أرشيفية/ المصدر: فرانس برس
صورة أرشيفية/ المصدر: فرانس برس

أزياء طلبة المدارس تطل عليك في معظم الأسواق ومحلاتها التجارية، أزياء بمختلف الاحجام والموديلات تدعو العراقيين لتبضعها.

إنها مظاهر العودة للمدارس، إذ يبدأ العام الدراسي الاثنين المقبل، كما حددته وزارة التربية العراقية.

ورغم ارتفاع ملحوظ في أسعار الكثير من المستلزمات المدرسية، تمضي العوائل العراقية في شراء الاحتياجات اللازمة لأبنائها الطلبة. 

تقول هدى غيلان، وهي أم لأربعة أبناء في مراحل دراسية مختلفة، إن " تبضع ما يحتاجه أبنائي من ملابس وقرطاسية من العادات المهمة التي يصعب الاستغناء عنها، أو استبعادها".

وتضيف في حدثها لموقع "ارفع صوتك": "لا يمكن الاقتناع بما يطرحه السوق من بضائع مدرسية، وعادة ما تكون بأسعار مناسبة، خصوصاً مع التخفيضات، كونها أقل جودة من غيرها، فيما يبقى سعر الجيدة أعلى".

وترى هدى أن الملابس والمستلزمات المدرسية متدنية الجودة تترك أثراً سلبياً في نفوس الأطفال، وسيعشرون بثقة أقل، وهو ما اختبرته مع أبنائها حين تحاول إقناعهم ببضائع معينة تناسب ميزانيتها المنخفضة.

الدفع بالآجل

عدم قدرة الأهل على توفير المستلزمات المدرسية وفق رغبة الأبناء بسبب ارتفاع أسعارها "تجربة مؤلمة" وفق أيسر القيسي.

تقول لـ"ارفع صوتك" إن الأبناء قد يُبدون القناعة والقبول أمام أهاليهم، إلاّ أن ردود أفعالهم تكون صادمة، نظراً لأنهم سيظهرون تأثرهم بالحرمان في سلوكياتهم داخل المدرسة ومع أقرانهم الطلبة الآخرين.

كثيرا ما تعاني أيسر، وهي أم لثلاث فتيات في مراحل دراسية مختلفة، من صعوبة هذه المرحلة، لأنها تلجأ إلى توفير المستلزمات المدرسية عبر الدفع بالآجل (الدين) وهذا يدفعها لتحمل الفوائد المفروضة على ما تقوم باقتنائه من بضائع، لعدم قدرتها على توفير الأموال الكافية للشراء مباشرة.

وتقول أيسر التي يعمل زوجها سائق سيارة أجرة: "لا يمكنني أن أشتري لبناتي كما يرغبن من مستلزمات مدرسية غير تلك التي يعرضها ويحددها المحل الذي أستدين منه".

إدارات المدارس

وتتساءل مريم السعد، ولديها أربعة بنات "هل يجب الامتثال لما تفرضه إدارات المدارس من ألوان وأزياء ومستلزمات مدرسية، فيما تعاني العائلة توفيرها؟".

وتفرض بعض إدارات المدارس على طالباتها ارتداء الصداري المدرسية ذات الألوان الرصاصية والقمصان الوردية، وغيرها اكتفت بالصداري النيلي والقمصان البيضاء، وهذا يعني توفير الجديد منها كل بداية موسم دراسي، بينما كانت غالبية العوائل تستغل صدرية العام الماضي للبنت الأصغر وهكذا، ولكن اختلاف الألوان أصبح مشكلة لعائلات بناتهن طالبات بمراحل ومدارس مختلفة، حسب مريم.

ومن أساليب مواجهة مشكلة الاستعداد للمدارس، اللجوء إلى "بالات" (الملابس المستعملة)، عبر اختيار ما يناسب الطلبة من الأزياء المدرسية، لرخص أثمانها.

وتعتبر نوال الساعدي، وهي أم لثلاث طالبات، أن "ملابس البالة أصلية وعمرها طويل وموديلاتها جميلة بأسعار مناسبة جدا".

وتقول نوال التي يعمل زوجها عامل بناء، إنها ومع اقتراب كل عام دراسي تشتري لبناتها من "بالات" سوق الكاظمية، العديد من القمصان البيضاء الصالحة لارتدائها طيلة السنة الدراسية.

سلف أو جمعيات مالية

لا تتقبل جميع العوائل العراقية شراء المستعمل، كما تقول عواطف جواد، التي عمدت إلى الاشتراك في جمعية مع زميلاتها في العمل، لتوفير المستلزمات المدرسية لأبنائها الثلاثة.

عواطف التي تعمل في وظيفة حكومية اشترطت عند اشتراكها بالجمعية أن يكون موعد استلامها في الشهر الذي يسبق موعد بدء الدوام المدرسي، وتقوم بذلك سنوياً وفق نفس الشرط لضمان توفير كل احتياجات أبنائها من اللوازم المدرسية.

وكذا الحال مع كثير من الطلبة، إذ يعمد أحمد عادل (11 عاماً) إلى تجميع مصروفه اليومي لشراء ما يحتاجه من مستلزمات مدرسية للموسم الجديد.

أما ورود علي (9 أعوام)، فقد أجبرتها أمها على المشاركة في جمعية مع مجموعة من أطفال الجيران لتوفير المال الكافي لشراء المستلزمات المدرسية.

وتقول ورود لـ"ارفع صوتك" إنها "استلمت سلفتها المالية وقدرها 100 ألف دينار عراقي (83 دولار)، وحرصت على أن اقتني صدرية وقميص وحقيبة مدرسية وقرطاسية وغيرها من اللوازم".

إعداد الأطفال

أما حياة الكناني، وهي أم لطفلة في السادسة من عمرها، فقد قالت إنها المرة الأولى التي تستعد فيها لإدخال طفلتها للمدرسة الآن، فهي طفلتها الوحيدة.

حياة تعتبر تجربة دخول طفلتها للمدرسة فريدة، وأنها تحرص على توفير كافة المستلزمات المدرسية دون عناء أو تذمر بساطة لأنها طفلتها الوحيدة.

وتقول في حدثها لموقع (ارفع صوتك) إنه " كلما تزايدت اعداد الأطفال تزايدت معاناة عوائلهم في توفير احتياجاتهم المالية، وخاصة في المدرسة ومواسمها".

وتضيف " عند اقتراب الموسم الدراسي تبدأ المحال التجارية باستغلال حاجة الناس لشراء المستلزمات المدرسية الخاصة لأبنائهم، وذلك عبر عرضها بأسعار مرتفعة وكذلك بجودة متدنية".

وتتابع " لذا تعمد أختي وهي أم لأربعة أبناء إلى اقتناء المستلزمات المدرسية كل سنة مع نهاية الموسم الدراسي وبداية العطلة الصيفية تحسبا لارتفاع الأسعار".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.