تؤشر أرقام الطلاق المسجلة في المحاكم العراقية خلال الآونة الأخيرة إلى "ظاهرة أقل ما توصف بالخطيرة، قد تؤدي إلى انهيار في المجتمع العراقي"، كما يصف باحثون اجتماعيون.
تفيد إحصائية زود موقع (ارفع صوتك) بها عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي، بأن عدد حالات تصديق الطلاق الخارجي المسجلة في محاكم العراق للأشهر الأربع الأخيرة كانت:
في شهر آب/ أغسطس 3650.
في شهر تموز/ يوليو 4696.
في شهر حزيران/ يونيو 3303.
في شهر أيار/ مايو 3810.
أمّا عدد حالات التفريق بحكم قضائي في عموم العراق كانت:
في شهر آب/ أغسطس 1296.
في شهر تموز/ يوليو 1932.
في شهر حزيران/ يونيو 1245.
في شهر أيار/ مايو 1367.
فيما سجلت المحاكم خلال عام 2018، (73569) حالة طلاق.
وكانت بغداد الأعلى تسجيلا لحالات الطلاق بين المحافظات بعدد (30028).
يوضح البياتي أن أبرز أسباب تزايد حالات الطلاق هي "العامل الاقتصادي وقلة الوعي والثقافة بالحياة الزوجية"، مضيفا أن "سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى مشاكل وتدخلات سلبية من قبل الأهل والأصدقاء".
ويتابع أن "عدم وجود جهات اجتماعية رسمية تقوم بقضية الإصلاح بين الطرفين عند حدوث مشاكل عائلية"، لعب دورا إضافيا في زيادة حالات الطلاق، الذي تكون في معظمها نتيجة "قرارات متسرعة".
الأسباب عبر دراسات
تذهب أستاذة الاجتماع في جامعة بغداد فوزية العطية إلى تفاصيل أكثر عن أسباب وحلول مشاكل الطلاق، والتي توصلت إليها نتيجة أبحاث "علمية وميدانية"، أجراها أساتذة وطلبة وباحثون في مجالات العلم الاجتماعي.
وتوجز في حديث لموقع (ارفع صوتك) بعض تلك الأسباب بالتالي:
- تدهور الوضع الاجتماعي.
أدّت الأحداث التي شهدها العراق على مدى العقود الأربعة الأخيرة في حربه مع إيران وحربي الخليج الأولى والثانية والحصار الاقتصادي إلى تفكك العائلة العراقية، وزيادة أعداد الأرامل والأيتام، وأصبحت العائلة غير قادرة على رعاية الأطفال.
كما أدّت تلك المرحلة إلى زيادة المشاكل النفسية لدى فئة الشباب وبالتالي تفاقم حجم الإحباط لديهم.
ومن نتائج تلك المرحلة أيضا هي زيادة المشاكل العائلية، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وضغوط الحياة.
- تدهور الوضع الاقتصادي.
أهم ما يحتاجه الإنسان هو الطعام والشراب، هناك اليوم شريحة كبيرة غير قادرة حتى على توفير ذلك، لذلك نجد الشوارع مليئة بالأطفال والنساء المتسولين.
يضاف إلى ذلك عدم وجود سكن مستقر ومؤمن للعوائل.
- تراجع السلوك المجتمعي.
عدم شعور الشباب بالاحترام من قبل المجتمع وخصوصا الحكومي، أدى إلى أن يصبح سلوك الفرد غير مؤهل لقيادة عائلة.
-الزواج المبكر للفتيات والذكور
تحاول العائلة التخلص من مسؤولية تربية الأطفال ومسؤولية تحمل تكاليف معيشتهم من خلال تزويجهم في سن مبكرة، هذا الموضوع يؤدي بالتالي إلى تكون عائلة غير واعية بحجم مسؤوليتها.
- تعدد الزوجات.
تعدد الزوجات جانب مهم في ظاهرة زيادة نسب الطلاق، عندما تشعر المرأة بعدم العدالة بينها وبين الزوجة الأخرى تبدأ المشاكل وتنتهي بالطلاق.
لذلك نجد هناك حالات طلاق لدى الطبقة الغنية والمتوسطة.
- البحث عن بيئة بديلة
تفكير الرجل وسعيه للهجرة إلى خارج العراق هربا من المسؤولية وصعوبات الحياة التي يواجهها، يدفعه إلى البحث عن طريقة للتخلص من مسؤولية العائلة التي بذمته، لذلك يلجأ إلى تطليق زوجته.
- مواقع التواصل الاجتماعي
من الجوانب الخطرة والمسببات الرئيسية لتفكك العوائل هي مواقع التواصل الاجتماعي، سابقا كانت العائلة تنصح وتثقف وتعلم الأطفال، الآن يتم غسيل أدمغتهم عبر تلك المواقع.
نجد الأب في يعيش في عالم والأم في عالم آخر والأبناء في عالم، لذلك لم يعد يتصرف الأبناء بطريقة إيجابية، وبات محتوى التواصل الاجتماعي هو ما يرسم شخصيتهم.
حلول مقترحة
وتقترح أستاذة الاجتماع العطية أن "ترعى الدولة برامج توعوية وتثقيفية مجانية، تقدم النصائح وتدعم المتزوجين الجدد ليتمكنوا من تحمل أعباء الحياة".
وتضيف "كما أنه من الضروري زيادة اعداد الباحثين في العراق وهذه مهمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتوظيفهم في مؤسسات وزارة العمل والمحاكم".
وهنا يجب أن يكون للحكومة والبرلمان والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني "دور فاعل"، وفقا للعطية.
وتتابع "المشكلة عندما تقدم الحلول والتوصيات في المؤتمرات المعنية بهذا الموضوع، تبقى مجرد كلمات على ورق بمجرد انتهاء المؤتمر".