صورة مأخوذة من قناة العراقية الرسمية لخطاب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عقب المظاهرات
صورة مأخوذة من قناة العراقية الرسمية لخطاب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي عقب المظاهرات

جملة قرارات صوّت عليها نواب البرلمان العراقي، تتعلق بتوصيات اللجنة النيابية الخاصة بطلبات المتظاهرين.

وتجرأ النواب هذه المرة على إلغاء مناصب بنيت على أساس المحاصصة السياسية التي تقوم عليها بالأصل عملية إدارة الحكومة في العراق، ومنها مكاتب المفتشين العموميين.

هذا فضلا عن توصيات تتعلق بمنح مالية وتوفير سكن ووظائف حكومية وقرارات أخرى.

 

وعلى موقعه الرسمي، نشر مجلس النواب تفاصيل القرارات التي تم التصويت عليها في جلسته التي عقدت الثلاثاء 8 تشرين الأول/أكتوبر، وكانت:

- تعديل القانون الذي أتاح عمل مجالس المحافظات، أو تعديل المادة 20 من قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم.

- اعتبار ضحايا التظاهرات من المدنيين والقوات الأمنية شهداء وتعويضهم.

- متابعة الإجراءات التحقيقية للوقوف على الملابسات والأحداث التي طالت التظاهرات وإطلاق سراح المعتقلين فورا.

- إطلاق منحة مالية لبرنامج تأهيل العاطلين عن العمل.

- تأسيس صندوق تنمية لتشغيل الطلبة والعاطلين في الموازنة الاتحادية لعام 2020.

- شمول العوائل التي ليس لها دخل ثابت والتي تعيش تحت خط فقر براتب شهري.

- إعادة الموظفين المفسوخة عقودهم في وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب وضم عناصر الصحوة الى الحشد العشائري.

- إعادة موظفي هيئة التصنيع العسكري غير المشمولين بإجراءات المساءلة والعدالة إلى الوظيفة وتحويلهم إلى ملاك وزارة الصناعة والمعادن.

- فتح باب التطوع في وزارة الدفاع للأعمار من (18_25) حصراً والمباشرة به فوراً.

- إيقاف حملة إزالة التجاوزات السكنية فوراً وإيجاد البديل المناسب.

- توفير منح مالية لعوائل المفقودين والمغيبين (المدققين أمنياً) خلال فترة داعش.

- التصويت على قانون إلغاء أمر سلطة الائتلاف المؤقت المنحلة رقم (57) لسنة 2004 والأمر التشريعي رقم (19) لسنة 2005 المتعلق بمكاتب المفتشين العموميين، لتسريع اجراءات مكافحة الفساد ولعدم جدوى بقاء تلك المكاتب.

وأعلن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي انتهاء عمل مكاتب المفتشين العموميين وأمر سلطة الائتلاف المؤقت المنحلة، بعد تصويت مجلس النواب على القانون.

 

"سيناريو مسرحي مكرر"

لا تختلف التوصيات التي صوّت عليها البرلمان عن القرارات التي أقرّها مجلس الوزراء في الجلسة الاستثنائية الأولى، التي عقدت في 5/10/2019.

ويعلق الناشط والمدون حسين علي "هذه القرارات هي محاولة لامتصاص غضب الشارع، والناس حفظت سيناريو هذه المسرحية التي نشاهدها كلما يحصل احتجاج أو مظاهرة".

ويصف المدون الذي يسمي نفسه في عالم التواصل الاجتماعي "حسين تقريبا"، تلك القرارات والتوصيات بأنها "وعود لا تبدو مدروسة"، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "على سبيل المثال، توفير آلاف الوظائف وبناء مجمعات سكنية، متى درستم هذه القرارات؟ متى جلستم مع وزارة المالية والجهات المعنية للاطلاع على إمكانية تنفيذها؟".

"داعمة وليست ملزمة"

لكن عضو مجلس النواب أحمد المشهداني يلفت إلى أنه رغم تصويت مجلس الوزراء مسبقا على هذه القرارات، لكن مجلس النواب "سيقدم الدعم للحكومة التنفيذية ويعطيها قوة الإلزام في تنفيذها".

ويقول المشهداني "مجلس النواب والطبقة السياسية كان عليهما توفير هذه المطالب من فترة طويلة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "الشارع اليوم ممتعض وغاضب على الطبقة السياسية بسبب تفاقم الفساد وغياب الخدمات وتزايد نسب البطالة".

 

في زاوية حرجة

فيما يرى الناشط والمدون حسين تقريبا أن الحكومة ومجلس النواب "وضعوا أنفسهم في زاوية ضيقة وحرجة بعد إعلانهم عن تلك التوصيات"، ويضيف "من الواضح أنهم يخرجون للناس بأي كلام من أجل تدارك الموقف، والمحتجون قد يهدؤون، لكنهم لن يصدقوا، لأنهم حفظوا هذه المسرحيات".

ويلفت تقريبا إلى أن تلك التوصيات والقرارات "ممكن أن تصدقها الناس البسيطة، لكن معظم المواطنين يعتبرونها مجرد كلام ووعود لن تطبق".

ويعتبر مواجهة الناس لخطاب الرئاسات الثلاث بعد التظاهرات "بالسخرية الواضحة، تؤكد أن المواطن متيّقن من أن الحكومة تقدم يقدمون وعوداً لن تستطيع تنفيذها".

وهذا بالتالي سيؤدي بالشارع إلى "مظاهرات أشد قوة من التي شهدها العراق خلال الأيام الماضية".

وهو ما يؤيده النائب المشهداني، متسائلاً "ما الفائدة من وجود الحكومة إذا لم توفر حاجات المواطنين؟".

ويهدد المشهداني بأن مجلس النواب سيكون "له وقفة في محاسبة الحكومة إذا لم تلتزم بتنفيذ مطالب المتظاهرين".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.