متظاهر عراقي/ تصوير علي دب دب
متظاهر عراقي/ تصوير علي دب دب

أصدرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، بياناً بعنوان "الخطوات التالية"، تقدم عبره اقتراح عدد من "المبادئ والتدابير" لاتخاذها، بعدما تشاورت مع "قطاع واسع من الأطراف والسلطات العراقية بما في ذلك الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الأعلى وعدد من المتظاهرين بالإضافة إلى ممثلين عن النقابات، وفق قولها.

أما المبادئ، فاشتملت على حماية الحق في الحياة وضمان التجمع والتظاهر السلمي وفقاً لما كفله الدستور وممارسة أقصى قدر ممكن من ضبط النفس في التعامل مع التظاهرات بما في ذلك عدم استخدام الذخيرة الحية وحظر الاستخدام غير السليم للأدوات غير الفتاكة (مثل عبوات الغاز المسيل للدموع) وإنصاف الضحايا واتباع القوانين السارية. 

فيما تمحورت الإجراءات حول إطلاق سراح كافة المتظاهرين السلميين المحتجزين منذ 1 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وعدم ملاحقة غيرهم، والتحقيق في حالات الاختطاف، والإسراع في تقديم المسؤولين عن استهداف المتظاهرين للعدالة ومعاقبة مستخدمي القوة المفرطة بحقهم، ودعوة الجهات الإقليمية والدولية كافة لعدم التدخل في شؤون العراق.

وحددت "يونامي" إجراءات قصيرة الأمد أي بحيث تنفذ خلال أسبوعين كحد أقصى، منها الإصلاح الانتخابي، وإصلاح قطاع الأمن، وإحالة قضايا الفساد لمجلس القضاء الأعلى أو المحكمة المركزيو لمكافحة الفساد، وتعديل الدستور، واستكمال تشريع عد من القوانين في مجلس النواب، منها "قانون من أين لك هذا؟، والضمان الاجتماعي والنفط والغاز".

وإن كان الإنترنت مقطوعاً في العراق، فقد ظهر بعض التفاعل مع هذه المبادرة في مواقع التواصل، سواء عبر حسابات "يونامي" أو في حسابات بعض العراقيين المهاجرين والمغتربين وغيرهم من المقيمين داخل البلاد وتوفر لهم إنترنت بطريقة ما.

ورغم أن الخطوط العريضة في هذه المبادرة تبدو لصالح المتظاهرين ومتوازية مع مطالبيهم في الميادين بشكل ما، إلا أنها لم تلق قبولاً واسعاً بين عموم المعقّبين، حتى أن بعضهم اعتبرها "إجهاضاً للثورة" و ممثلة لرئيس البرلمان نفسه لا لجميع الأطراف المذكورة في بيان "يونامي".

ومن هذه التعقيبات:

 

 

 

 

 

وعلقت "نت بلوكس" على هذا البيان عبر تويتر بالقول "أصدرت بعثة الأمم المتحدة في العراق قائمة بالمطالب لا تتضمن استعادة خدمة الإنترنت. لا يمكننا فهم كيفية تقييم شروط السلامة وحقوق الإنسان أو أمن الطاقة في دولة تعيش في حالة تعتيم".

 

 

 

وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، أثارت ضجة كبيرة بعد أول بيان أصدرته تبع زيارتها لساحة التحرير، ثم تلته بتغريدتين أعقبهما سخط شديد في تداولهما بين العراقيين، قالت في الأولى إن "العنف يولّد العنف" وفي الثانية "تعطل البنية التحتية الحيوية أيضا مصدر قلق بالغ. مسؤولية الجميع لحماية المرافق العامة. تهديدات وإغلاق الطرق لمنشآت النفط والموانئ تتسبب بخسائر في المليارات، وهذا يضر باقتصاد العراق ويقوّض تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين".

 

واضطرها هذا الغضب الكبير في تعقيب العراقيين إلى نشر تغريدة باللغتين العربية والإنجليزية، قالت فيها "ردا على اتهامات الانحياز نقول: الأمم المتحدة هي شريك كل عراقي يحاول التغيير. بوحدتهم، يستطيع العراقيون ان يحولوا بلدهم إلى مكان أفضل ونحن موجودون هنا لتوفبز الدعم اللازم".

وتداول نشطاء في مواقع التواصل أخباراً من وسائل إعلام هولندية، تعلّق على موجة الغضب العراقي تجاه بلاسخارت، المواطنة الهولندية.

 

 

وعطفاً على ما بدر من بلاسخارت، كتب أحد العراقيين تعقيباً على مبادرة "يونامي": 

 

 

 

يُذكر أن الأمم المتحدة وسعت وجودها في العراق تدريجياً منذ  2007، وتعتزم مواصلة توسيع نطاق عملياتها في جميع أنحاء البلاد، إذ يعمل فيها حالياً نحو 170 موظفاً دولياً وما يزيد على 420 موظفاً محلياً ينتشرون في جميع المحافظات الثماني عشرة.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.