وجهت تهمة استهداف متظاهري ساحة الخلاني إلى ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، التي تنتمي إلى الحشد الشعبي والمدعومة من إيران.
ويُعتقد أن مسلحيها اقتحموا الساحة بسيارات رباعية الدفع وشرعوا في إطلاق النار على المتظاهرين.
ورغم نفي هيئة الحشد الشعبي، التي ينتمي إليها الفصيل، أي علاقة لها بالأحداث، إلا أن قنوات عراقية محلية وحسابات مرتبطة بكتائب حزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد مشاركة الفصيل في الأحداث.
ويتبنى الفصيل رواية مختلفة. ويقول إنه تدخل لحماية مختطفين احتجزهم مندسون داخل ساحة الخلاني قبل أن يتحول الأمر إلى مواجهات خلفت سقوط عدد كبير من القتلى.
وكانت هيئة الحشد الشعبي اعترفت بمشاركة مقاتليها في أحداث ساحة الخلاني، بدعوى حماية المتظاهرين من عناصر مندسة، لكنها عادت ونفت ذلك. وقالت إن موقعها تم اختراقه.
في المقابل، تشبتت كتائب حزب الله بمشاركة عناصر الحشد في الأحداث.
وكتب أبو علي العسكري، الذي ينظر إليه على أنه المسؤول الأمني للكتائب، على حسابه في تويتر: "بغض النظر عن تبني الهيئة (الحشد الشعبي) للبيان من عدمه، فإن معلوماتنا الأمنية الخاصة تؤكد صحة جميع المعطيات الواردة فيه ومنها قضية المختطفين وحرق بناية المرآب في محاولة لقتل المتظاهرين السلميين من قبل المخربين".
وتسبب هجوم الجمعة الماضية في مقتل 24 شخصا على الأقل، وإصابة أكثر من 120 بجروح.
وقبل أشهر وقع خلاف شبيه داخل الحشد الشعبي بين رئاسة الهيئة وكتائب حزب الله ممثلة في زعيمها أبو مهدي المهندس.
ففي الوقت الذي أصدر فيه قائد الكتائب ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بيانا يتهم الولايات المتحدة بالوقوف وراء عدد من التفجيرات التي طالت مقرات فصائل من الحشد، أصدر فالح الفياض رئيس هيئة الحشد بيانا مضادا قال فيه إن بيان نائبه أبو مهدي المهندس لا يمثل وجهة نظر الحشد الشعبي ولا الحكومة العراقية.
وبمجرد صدور بيان الفياض الذي يرد على المهندس، أصدرت كتائب حزب الله بيانا يؤيد زعيمها.
ولاية الفقيه أولا
لا تخفي كتائب حزب الله علاقتها الوطيدة بإيران. وتؤكد، على موقعها الإلكتروني، بشكل صريح أنها تؤمن بولاية الفقيه التي يقوم عليها النظام السياسي الإيراني.
"نحن نرى أن ولاية الفقيه هي الطريق الأمثل لتحقيق حاكمية الإسلام في زمن الغيبة"، يقول موقع الكتائب.
ويرأس الفصيل أبو مهدي المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر آل إبراهيم. وهو يصنف على أنه "رجل إيران" الأول داخل الحشد الشعبي وفي العراق. ويرتبط بعلاقات وثيقة مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ويحظى المهندس بنفوذ كبير داخل فصائل الحشد. وهو على قوائم عقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ سنة 2009. والشيء نفسه بالنسبة للكتائب.
ويعود تأسيس الكتائب إلى ما بعد سنة 2003، تاريخ الاجتياح الأميركي للعراق. وحظي الفصيل طوال السنوات اللاحقة بدعم إيراني كبير لمواجهة الجيش الأميركي.
تقول وزارة الخزانة الأميركية إن كتائب حزب الله كانت تمول من قبل فيلق القدس في الحرس الثوري وتتلقى تدريبا عسكريا من حزب الله اللبناني.
يقول تقرير لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن إن المسؤولين الأميركيين كانوا خلال تلك الفترة، يعتبرون المهندس بمثابة مبعوث قاسم سليماني إلى العراق وحامل رسائله إلى المسؤولين العراقيين بمن فيهم رئيس الحكومة نوري المالكي.
أبو مهدي المهندس نفسه لا يخفي علاقته بقاسم سلمياني. قال في تصريح للتلفزيون الإيراني سنة 2017 إنه كان "جنديا لدى الحاج قاسم [سليماني]".
وتعود علاقة المهندس بالحرس الثوري الإيراني إلى ثمانينات القرن الماضي تاريخ انضمامه إليه.
وفي تلك الفترة، اتهم المهندس بالمسؤولية وراء تفجير السفارتين الفرنسية والأميركية في الكويت بدعوى دعم البلدين للعراق في حربه ضد إيران. وحكم عليه حينها بالإعدام غيابيا.
واتهم أيضا بمحاولة اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح. لكنه ينفي كل هذه الاتهامات.
وامتدت علاقة كتائب حزب الله بإيران حتى خارج الأراضي العراقية. فعندما اندلعت الحرب في سوريا، كانت الكتائب من بين أولى المجموعات التي أرسلت مقاتلين إلى سوريا لدعم نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة الواشنطن بوست، سنة 2015، إن الكتائب أرسلت 1000 مقاتل إلى حلب بطلب مباشر من قاسم سليماني.
الكتائب والتظاهرات
تقدم كتائب حزب الله نفسها على أنها تقف في صف المتظاهرين. يقول أحد بياناتها: "كتائب حزب الله تخاطب المتظاهرين: ان لم تتحقق مطالبكم سنبقى معكم ولن نعود حينها إلا باقتلاع جذور الفاسدين".
لكن الكتائب لا تتردد في اتهام المتظاهرين باحتضان "أطراف مشبوهة" مرتبطة بالسفارة الأميركية وإسرائيل والسعودية.
وحسب الكتائب، فإن هذه الأطراف "تهدف إلى إشاعة الفوضى.. وخلط الأوراق وحرف مسار التظاهرات نحو أهداف مشبوهة لا تصب في مصلحة العراق".
واتهمت الكتائب أكثر من مرة مندسين بقتل عدد من عناصرها في ساحات التظاهر. لكم في المقابل، يوجه المتظاهرون أصابع الاتهام إلى الكتائب في قتل عدد منهم في هجمات مختلفة آخرها هجوم الجمعة الماضية الذي خلف أكثر من 24 قتيلا.