وضعت كتائب حزب الله على قائمة العقوبات الأميركية سنة 2009.
وضعت كتائب حزب الله على قائمة العقوبات الأميركية سنة 2009.

وجهت تهمة استهداف متظاهري ساحة الخلاني إلى ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، التي تنتمي إلى الحشد الشعبي والمدعومة من إيران.

ويُعتقد أن مسلحيها اقتحموا الساحة بسيارات رباعية الدفع وشرعوا في إطلاق النار على المتظاهرين.

ورغم نفي هيئة الحشد الشعبي، التي ينتمي إليها الفصيل، أي علاقة لها بالأحداث، إلا أن قنوات عراقية محلية وحسابات مرتبطة بكتائب حزب الله على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد مشاركة الفصيل في الأحداث.

ويتبنى الفصيل رواية مختلفة. ويقول إنه تدخل لحماية مختطفين احتجزهم مندسون داخل ساحة الخلاني قبل أن يتحول الأمر إلى مواجهات خلفت سقوط عدد كبير من القتلى.

وكانت هيئة الحشد الشعبي اعترفت بمشاركة مقاتليها في أحداث ساحة الخلاني، بدعوى حماية المتظاهرين من عناصر مندسة، لكنها عادت ونفت ذلك. وقالت إن موقعها تم اختراقه.

في المقابل، تشبتت كتائب حزب الله بمشاركة عناصر الحشد في الأحداث.

وكتب أبو علي العسكري، الذي ينظر إليه على أنه المسؤول الأمني للكتائب، على حسابه في تويتر: "بغض النظر عن تبني الهيئة (الحشد الشعبي) للبيان من عدمه، فإن معلوماتنا الأمنية الخاصة تؤكد صحة جميع المعطيات الواردة فيه ومنها قضية المختطفين وحرق بناية المرآب في محاولة لقتل المتظاهرين السلميين من قبل المخربين".

وتسبب هجوم الجمعة الماضية في مقتل 24 شخصا على الأقل، وإصابة أكثر من 120 بجروح.

وقبل أشهر وقع خلاف شبيه داخل الحشد الشعبي بين رئاسة الهيئة وكتائب حزب الله ممثلة في زعيمها أبو مهدي المهندس.

ففي الوقت الذي أصدر فيه قائد الكتائب ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بيانا يتهم الولايات المتحدة بالوقوف وراء عدد من التفجيرات التي طالت مقرات فصائل من الحشد، أصدر فالح الفياض رئيس هيئة الحشد بيانا مضادا قال فيه إن بيان نائبه أبو مهدي المهندس لا يمثل وجهة نظر الحشد الشعبي ولا الحكومة العراقية.

وبمجرد صدور بيان الفياض الذي يرد على المهندس، أصدرت كتائب حزب الله بيانا يؤيد زعيمها.

ولاية الفقيه أولا

لا تخفي كتائب حزب الله علاقتها الوطيدة بإيران. وتؤكد، على موقعها الإلكتروني، بشكل صريح أنها تؤمن بولاية الفقيه التي يقوم عليها النظام السياسي الإيراني.

"نحن نرى أن ولاية الفقيه هي الطريق الأمثل لتحقيق حاكمية الإسلام في زمن الغيبة"، يقول موقع الكتائب.

ويرأس الفصيل أبو مهدي المهندس، واسمه الحقيقي جمال جعفر آل إبراهيم. وهو يصنف على أنه "رجل إيران" الأول داخل الحشد الشعبي وفي العراق. ويرتبط بعلاقات وثيقة مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

ويحظى المهندس بنفوذ كبير داخل فصائل الحشد. وهو على قوائم عقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ سنة 2009. والشيء نفسه بالنسبة للكتائب.

ويعود تأسيس الكتائب إلى ما بعد سنة 2003، تاريخ الاجتياح الأميركي للعراق. وحظي الفصيل طوال السنوات اللاحقة بدعم إيراني كبير لمواجهة الجيش الأميركي.

تقول وزارة الخزانة الأميركية إن كتائب حزب الله كانت تمول من قبل فيلق القدس في الحرس الثوري وتتلقى تدريبا عسكريا من حزب الله اللبناني.

يقول تقرير لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن إن المسؤولين الأميركيين كانوا خلال تلك الفترة، يعتبرون المهندس بمثابة مبعوث قاسم سليماني إلى العراق وحامل رسائله إلى المسؤولين العراقيين بمن فيهم رئيس الحكومة نوري المالكي.

أبو مهدي المهندس نفسه لا يخفي علاقته بقاسم سلمياني. قال في تصريح للتلفزيون الإيراني سنة 2017 إنه كان "جنديا لدى الحاج قاسم [سليماني]".

وتعود علاقة المهندس بالحرس الثوري الإيراني إلى ثمانينات القرن الماضي تاريخ انضمامه إليه.

وفي تلك الفترة، اتهم المهندس بالمسؤولية وراء تفجير السفارتين الفرنسية والأميركية في الكويت بدعوى دعم البلدين للعراق في حربه ضد إيران. وحكم عليه حينها بالإعدام غيابيا.

واتهم أيضا بمحاولة اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح. لكنه ينفي كل هذه الاتهامات.

وامتدت علاقة كتائب حزب الله بإيران حتى خارج الأراضي العراقية. فعندما اندلعت الحرب في سوريا، كانت الكتائب من بين أولى المجموعات التي أرسلت مقاتلين إلى سوريا لدعم نظام الرئيس بشار الأسد.

وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة الواشنطن بوست، سنة 2015، إن الكتائب أرسلت 1000 مقاتل إلى حلب بطلب مباشر من قاسم سليماني.

الكتائب والتظاهرات

تقدم كتائب حزب الله نفسها على أنها تقف في صف المتظاهرين. يقول أحد بياناتها: "كتائب حزب الله تخاطب المتظاهرين: ان لم تتحقق مطالبكم سنبقى معكم ولن نعود حينها إلا باقتلاع جذور الفاسدين".

لكن الكتائب لا تتردد في اتهام المتظاهرين باحتضان "أطراف مشبوهة" مرتبطة بالسفارة الأميركية وإسرائيل والسعودية.

وحسب الكتائب، فإن هذه الأطراف "تهدف إلى إشاعة الفوضى.. وخلط الأوراق وحرف مسار التظاهرات نحو أهداف مشبوهة لا تصب في مصلحة العراق".

واتهمت الكتائب أكثر من مرة مندسين بقتل عدد من عناصرها في ساحات التظاهر. لكم في المقابل، يوجه المتظاهرون أصابع الاتهام إلى الكتائب في قتل عدد منهم في هجمات مختلفة آخرها هجوم الجمعة الماضية الذي خلف أكثر من 24 قتيلا.

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.