عراقيون يضعون مجموعة من الخوذ في ساحة التحرير كذكرى للناشطين الذين قتلوا على يد مجموعات مسلحة
عراقيون يضعون مجموعة من الخوذ في ساحة التحرير كذكرى للناشطين الذين قتلوا على يد مجموعات مسلحة

مسلحون مجهولون يغتالون الناشط حسن هادي مهلهل، من محافظة ذي قار جنوبي العراق، بأربع رصاصات استقرت في جسده، وقبله بأيام  قتل الصحفيان أحمد عبد الصمد وصفاء غالي في البصرة وهما يعملان في محطة فضائية عراقية.

يضاف هؤلاء إلى سلسلة طويلة من قائمة الناشطين العراقيين الذين قتلوا خلال التظاهرات الشعبية العارمة التي شهدها العراق منذ الأول من أكتوبر الماضي والتي تطالب برحيل الطبقة السياسية وإنهاء النفوذ الإيراني والفساد.

هذا المشهد أعاد لأذهان العراقيين ما يعرف بـ"فرق الموت" التي تأسست في البلاد لقتل كل من يعارض بصوته النفوذ الإيراني ووكلاء طهران، وذاع صيتهم في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي استخدمهم لبسط نفوذه على الدولة.

ويقول المحلل الأمني العراقي هشام الهاشمي إن عودة "فرق الموت" في مدن عراقية "مؤشر خطير على انهيار السلطة".

وأضاف في تغريدة على تويتر أن "عودة فرق الموت في بغداد والبصرة وكربلاء وذي قار، مؤشر خطير على انهيار السلطة أمام هذه الجماعات المعروفة بالأسماء والصور لدى دوائر الشرطة وأجهزة الاستخبارات، هدف هذه الفرق العقائدية قمع النخب المدنية والناشطين لمنع انتشار حملاتهم الدعاية إلى الحرية والحقوق والديمقراطية والعدالة".

ويقول العراقي عامر الكبيسي على تويتر أن "فرق الموت وظيفتها: قتل فرق الحياة!! اللهم انتقم من فرق الموت التي تقتل شبابنا".

 

تاريخ وملف أسود

لـ "فرق الموت" تاريخ وملف أسود حافل بالجرائم التي ارتكتب بحق العراقيين، يعود إلى الفترة ما بين 2006-2008 حيث أشارت تقارير إعلامية إلى أن المسؤول عن تأسيسها في ذلك الوقت نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، والتي كانت تلبية لمقترح المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، لاستهداف وتصفية وملاحقة كل من تراه إيران عدوا لها.

كما يتهم عبد الهادي الدراجي وحاكم الزاملي بالتورط بعمليات وإدارة "فرق الموت" وقد كانوا قادة ميليشيات تابعة للتيار الصدري، وباقر جبر صولاغ الذي كان وزيرا للمالية في عام 2010، وكان يطمح لتولي منصب رئيس الوزراء، ويعتبر أحد قيادات المجلس الإسلامي الأعلى وعاش فترات طويلة في إيران وسوريا ولكنه ينفي هذا الأمر.

وفي عام 2011 اتهمت السلطات العراقية طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي في ديسمبر 2011 بقيادة عدد من "فرق الموت"، وصدرت مذكرة اعتقال بحقه، فر بعدها إلى اقليم كردستان شمال العراق ثم سافر إلى قطر والسعودية قبل أن ينتقل إلى تركيا، حيث يعتبر تلك الاتهامات تصفية سياسية له.

وفي 2012 أصدرت محكمة الجنايات المركزية في بغداد حكما غيابيا بالإعدام بحق الهاشمي بتهمة التحريض على اغتيال ضابط أمني.

وأثار انتشار عمليات الخطف في مدن عراقية والتي كانت تحدث على خلفيات سياسية أو طائفية كانت تقوم بها فصائل مسلحة حفيظة أطراف عدة منها واشنطن ومنظمات حقوقية دولية تتهم هذه الفصائل بالتورط في عمليات قتل وخطف وسرقة، وأخرى ذات طبيعة مذهبية، والبقاء من دون محاسبة.

وفي 2013 كانت الأمم المتحدة قد أعربت عن قلقها إزاء عودة نشاط فرق الموت والجثث المجهولة في الشوارع في العراق من جديد، وذكرت بسنوات العنف الطائفي قبل نحو ست سنوات، ما أجبر مئات آلاف العوائل على الهجرة الداخلية والخارجية .

وفي عام 2015 قامت "فرق الموت" بخطف 18 عاملا تركيا في بغداد حيث طالبوا بإيقاف تدفق المسلحين من تركيا إلى العراق، وفك الحصار الذي يفرضه مقاتلون معارضون، بينهم إسلاميون، على قرى شيعية في شمال سوريا.

وقتل مئات العراقيين وأصيب عشرات الآلاف بجروح جراء استخدام القوات الأمنية ومسلحين تابعين للميليشيات الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، فيما استهدفت الميليشيات الموالية لإيران الناشطين بالقتل والخطف.

 

نقلا عن الحرة 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.