البصرة/ 13 فبراير 2020، ا ف ب
البصرة/ 13 فبراير 2020، ا ف ب

رسمت النساء العراقيات اليوم صورة جديدة لعراق المستقبل الذي تتمناه الغالبية من المتظاهرين، صورة ملوّنة لا يطغى فيها الأسود على الزهري أو الأحمر مثلاً، كما لم يحدث العكس، اجتمعن فيها من مختلف الأجيال والخلفيات الدينية والثقافية والاجتماعية، بصوت واحد ضد الرجعيّة والسلطات القمعية. 

وفي خمس محافظات جنوبية (بابل والنجف وذي قار وكربلاء والبصرة) بجانب بغداد، علت الأهازيج الثورية بأصوات النساء، وعلى اللافتات اللاتي حملنها، يؤكدن فيها على قوة الكيان النسوي الذي حاولت الأحزاب الدينية طيلة السنوات الفائتة إخفاءه وتأطيره في حدود وأدوار أقل من إمكانياته وتأثيره الحقيقي في المجتمع.

وجاءت هذه المسيرات الحاشدة، بعد أسبوعين تقريباً من هجمات منظمة على النساء المشاركات في التظاهرات، في مواقع التواصل، من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومواليه المتعصّبين له.

تصف المتظاهرة أسيل مزاحم، لـ"ارفع صوتك" مشاركتها اليوم الخميس، في المسيرة النسوية قائلة "شعرنا أننا في مكاننا الطبيعي، نساند شبابنا في صناعه القرار واختيار مصيرنا".

ومن الرسائل التي أرادت المتظاهرات إيصالها عبر هذه المسيرات، أن "المرأة العراقية كانت وما زالت سنداً  وذخراً لبلدها وأولاد بلدها، ولن تتخلّى عنهم" وفق المتظاهرة ميّاسة.

وتتمنّى ميّاسة أن تشهد هذه المرحلة وما يتبعها "إعادة الاعتبار للمرأة العراقية كقوّة جبّارة وإنسان كامل الأهلية والحريّة والإرادة، مثلها الرجل" مضيفةً "لا ثورة من دون المرأة".

وتقول زينب "رسالتي هي أن نعطي النساء الفرصة للمشاركة في كل شيء". 

 

من جهتها، ترى المتظاهرة بان ليلى أن مطلب العراقيات من خلال هذه المسيرات هو "مطلب الثورة نفسها باعتبارها ورقة ضغط، خصوصاً أن الحكومة ماطلت بما فيه الكفاية" في تحقيق مطالب المتظاهرين.

وتقول بان لـ"ارفع صوتك" إن المسيرات أيضاً خرجت منتفضة على "الطعن والرجعيّة في خطابات قادة الميليشيات ضد تواجد النساء في ساحات الاعتصام".

تشاركها المتظاهرة مرح هذه الفكرة، بإضافة تفصيل أن المسيرات تبعث رسالة لمقتدى الصدر، هي أن "الدين لا يقتصر على حجاب و صوت المرأة و اختلاطها بالرجل و كلمّا انتقدتنا (الصّدر) سنعلي صوتنا أكثر وأكثر".

وتصف ما شاهدته اليوم أثناء مشاركتها في المسيرة "لا أنسى صوت امرأة عجوز كانت تجر نفسها جراً وهي تصرخ وتنادي باسم العراق".

وتتابع لـ"ارفع صوتك" قولها "أمّا الشبّان كانوا قد شكلّوا حزاماً يطوقنا بهدف حمايتنا من أي هجوم محتمل، رأيت رجلاً يمشي مستعيناً بعكّار معهم، أعتقد أنه مصاب، وعلى الرغم من ذلك أصرّ على دعمنا".

في ذات السياق، تقول المتظارة نسرين "هذه المسيرة تحت هكذا سلطة غليظة الذهن جاهلة العقل غافلة عن التقدم ستكون رد مباغت وصاعق لعقولهم، عقولهم التي حاولت كيّنا ووضعنا في موضع هامش، خروج النساء بهذه الكميات الملفتة وقيادتها للمسيرات وكتابة الشعارات يعبر عن رغبتها في إسقاط الكثير من المنظومات التي تقيّدها وتحد من حضورها".

وتتفق أمينة معها بالقول إن "المرأة جزء أساسي في المجتمع. انتهى زمن التهميش" مضيفة لـ"ارقع صوتك": "نريد إلغاء فكرة أن المرأة خلقت للطبخ والتربية فقط، نحن نعيش في هذا الوطن، ولنا حقوق، خرجنا نطالب بها".

ونشرت الناشطة تبارك منصور، أمس الأربعاء، صورة لها في إحدى التظاهرات، تحفّز من خلالها النساء لنشر صورهن أيضاً دعماً للمسيرات النسوية، وبالفعل شاركت عشرات النساء معها صورهن.

 

وعن مشاركتها اليوم، تقول تبارك لـ"ارفع صوتك": "خرجنا اليوم وعلى الرغم من الظروف الصعبة في البلاد، خصوصاً مع التهديدات المستمرة والقمع، رأيت عشرات الفتيات يرتدين اللون الزهري يشكلن معاً مسيرة حاشدة وبسيطة بتنظيمها لكن صوتها كان عالياً".

وتصف الطريق إلى ساحة التحرير بالقول "خروجنا من بيوتنا يعتبر تحدياً كبيراً. ذهبت مع أختي وزميلتها في العمل، وواجهنا في البداية صعوبة لدخول ساحة التحرير لنصلها عن طريق ساحة الخلّاني، انتابني الخوف قليلاً لأن المنطقة كانت محتقنة بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب".

اجتازت تبارك الخلّاني، لترى المسيرة مكسوّة باللونين الوردي والبنفسجي، تقول "تحدثنا معهن ولم نشعر بأنهن غريبات أبداً واتفقنا على إتمام الطريق نحو نفق السعدون، وهناك ارتفعت أصواتنا سوياً مع باقي النساء".

واستخدم النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي وسم #بناتك_ياوطن من أجل الترويج والحشد ومناصرة المسيرات النسوية.

 

 

 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.