إعانات يوزعها الصدر.. هل تخلي مسؤوليته عن دعوته لزيارة الكاظم؟
العراق, زيارة الكاظم, التبار الصدري, مقتدى الصدر, كورونا, فيروس, وباء, مهدي الصميدعي, - يسعى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لمحاولة تهدئة الشارع المنتقد لدعوته السابقة، إلى كسر حظر التجوال وإتمام زيارة الإمام الكاظم لدى الشيعة، من خلال توزيع أكياس تضم بعض المواد الغذائية على المواطنين.
في وقت حذرت فيه جهات صحية محلية وعالمية من خطر انتشار فيروس كورونا بشكل سريع في التجمعات البشرية.
بدأت الأزمة
تحول موضوع الفيروس من مرحلة مرض ظهر في الصين أواخر العام الماضي إلى وباء عالمي، واجتاح دول كثيرة منها إيران، الجار صاحب الحدود المفتوحة مع العراق.
وسجلت أول حالة إصابة في العراق بمحافظة النجف، حيث يقيم الزعيم الصدري، لدى طالب إيراني يدرس علوم الدين في حوزة النجف.
وتصاعد عدد الإصابات في المحافظة وانتقلت إلى أخرى مثل كركوك (ثاني محافظة سجلت إصابات بكورونا) لدى عائلة كانت في زيارة إلى إيران، ومن ثم ديالى وبغداد وكربلاء والبصرة.
ومع تزايد عدد الحالات دعت خلية الأزمة الصحية العراقية المواطنين إلى ملازمة مساكنهم وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، للوقاية من انتشار المرض.
وبالتزامن مع دعوة خلية الأزمة، صادفت ذكرى "استشهاد الإمام الكاظم"، أحد الأئمة الاثني عشر لدى الشيعة، حيث يقصدون مرقد الإمام في مدينة الكاظمية شمال بغداد سنويا، بزيارة جماعية، والتي استغلها الصدر في دعوة أتباعه إلى عدم الالتزام بتوجيهات خلية الأزمة، والتوجه لأداء مراسم الزيارة، واعتبر في تغريدة على حسابه تويتر تلك الدعوات بمثابة "مؤامرة بحق الشيعة".
تأتي دعوة الصدر رغم تأييد المرجعية الدينية الأعلى لدى الشيعة بالنجف، متمثلة بالمرجع الديني "علي السيستاني" لدعوة خلية الأزمة.
فضلا عن دعوات مماثلة في أكبر مساجد المسلمين بالعالم، مثل إغلاق حرمي مكة والمدينة في المملكة السعودية، وجامع الأزهر في مصر.
امتثال وامتعاض
وبالفعل، امتثل أتباع مقتدى الصدر لزعيمهم، وخرج مئات الآلاف لزيارة "الكاظم" مشيا على الأقدام من محافظات عدة، ما أثار امتعاضا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعتبره مدونون أمرا مرفوضا من "جميع المقاييس، الشرعية والإنسانية والأخلاقية".
ورسميا، حذرت جهات صحية من أن نتائج الزيارة قد تكون وخيمة وخطرة على العراق، وقد تظهر نتائجها خلال الأسبوعين المقبلين.
ويرى مراقبون أن أكثر من جهة لم تلتزم بدعوة خلية الأزمة ببقاء المواطنين داخل منازلهم في هذه المرحلة،
من بينها صلاة الجمعة الجماعة التي أداها رجل الدين السني مهدي الصميدعي في مسجد ابن تيمية ببغداد.
وهو المسجد الثاني إلى جانب "جامع الكوفة" التابع لزعيم التيار الصدري في النجف، حيث أقيمت فيهما صلوات الجمعة الجماعة، بينما أغلقت باقي مساجد العراق أبوابها.
"أدرك خطأه"
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكوفة أياد العنبر، إن "الكثير من الجهات لم تتعاطى مع موضوع الحجر بمسؤولية أخلاقية قبل أن تكون مسؤولية شرعية"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن تلك الجهات "اعتبرت منع الزيارة أو إقامة صلاة الجماعة هو شكل من أشكال المؤامرة، وهي نوع من الجمل الجاهزة للتشجيع على فعل ما".
ويتابع العنبر أنه "عندما أصبح الموضوع جديا فدول عظمى تتعرض لخطر هذا الوباء وليست بمأمن منه، أدركت هذه الشخصيات أنها ارتكبت خطأ".
وفي مثل هذه المواقف "دائما ما يكابر الكثير من الشخصيات من الاعتراف بالخطأ"، وفقا لأستاذ العلوم السياسية الذي يعتبر هذه المكابرة هي "المشكلة الأكبر في العراق".
وتدفع تلك مواقف الخطأ تلك بالشخصيات إلى ممارسة دور الكفيل الاجتماعي للتعاطي مع حجم الخطر بسبب مواقفها "وكأن شيئا لم يكن".
سباق الايديولوجيات
ويرى العنبر أن الكثير من المؤسسات والشخصيات تجد في الأزمات فرصة "لتثبت وجودها وتحل محل الدولة، لأن دور الدولة يكون غائب تماما، وبالتالي تكسب الكثير من المواقف وتزيد من رصيدها الاجتماعي".
وهذا الشيء تمارسه كل القوى الحزبية والشخصيات العامة التي ترفع شعارات التكافل الاجتماعي وفي كل مجتمعات العالم، بحسب العنبر.
ويضيف أن "المشكلة في العراق مختلفة، لأن الأزمات تتحول إلى نوع من السباق، ففي مواقع التواصل الاجتماعي يتبارى المدونون، هكذا يفعل الإسلاميون وأين دور العلمانيين؟، على سبيل المثال".