العراق

نينوى.. "عمّال المياومة الأكثر تضرراً من حظر التجوال"

رحمة حجة
25 مارس 2020

حظر التجوال في أغلب المدن العراقية، وعلى الرغم من أهميته القصوى في ظل سهولة انتشار عدوى فيروس الكورونا، إلا أنه تسبب بضرر اقتصادي بالنسبة لمن توقفت أعمالهم.

ومن ناحية أخرى، تواجه الحكومات المحلية والنشطاء المدنيين صعوبة في إقناع الأهالي بالبقاء داخل بيوتهم فترة حظر التجوال، لتفادي الإصابة بالوباء العالمي، حيث وصل عدد الوفيات 11 وعدد الإصابات 154 في العراق وفق جهات رسمية.

ومن مدينة الحمدانية مركز محافظة نينوى شمال العراق، يقول الناشط المدني أمير ياكو، "لا إصابات مسجلة في داخل المحافظة، وتم اتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية لمنع انتشار عدوى فيروس الكورونا، منها حملة تعفير وتعقيم منذ أسبوع تقريباً في الحمدانية، قام بها شباب متطوّع وبدعم من تبرعات الأهالي وتنسيق مع جهات صحيّة وأمنية رسمية".

ويتابع أمير "في السبت الماضي ألزم محافظ نينوى نجم الجبوري بحظر التجوال لمدة يومين، ثم تم تمديده حتى نهاية الشهر الجاري، ما بين الساعة الخامسة مساءً حتى السادسة فجراً".

ويضيف "أما بالنسبة للدوام في المدارس والجامعات فهو معطل تماماً منذ بداية مارس الجاري، وهناك احتمال بأن يتمدد بعد انتهائه، فيما أعلنت ايبارشية الموصل للسريان الكاثوليك ولبقية الايباراشيات ضرورة إيقاف القداديس والصلوات في الكنائس بسبب تجمع الناس على الرغم من من امتياز هذه الفترة (صوم الأربعين) بكثرة الصلوات، إلا أنها مستمرة عبر إذاعة صوت السلام في بغديدا (قره قوش)".

العمال يخسرون كل يوم

وعن طبيعة حظر التجوال، يوضح أمير ياكو في حديث لـ"ارفع صوتك": "يشمل المحافظات والأقضية والنواحي ويُلزم أصحاب المحال التجارية بغلق محلاتهم، ما عدا أفران الصمون (الخبز) والأسواق، كما يُسمح لفرد واحد فقط من كل عائلة بالتبضّع لتجنب الاختلاط والازدحام، ويشمل الحظر أيضاً تنقلات المركبات من أجل الاقتصاد في استهلاك الوقود، يستثنى منها ناقلات المشتقات النفطية والمواد الغذائية والحالات الإنسانية".

ويؤكد "التزام أغلبية المواطنين بقرار الحظر" مشيراً إلى الوحدة الاجتماعية والدعم المالي واللوجستي من قبل شخصيات عامة في المحافظة للمحتاجين، أو عبر تسهيلات من مُلّاك الشقق نحو المستأجرين بالتسامح في عدم دفع إيجار شهر مارس.

كما قام أصحاب المحلات التجارية والمطاعم في الحمدانية بدعم رجال الشرطة والأطباء المتواجدين في المفارز والمستشفى بتقديم الطعام لهم مجاناً مع رسائل تحفيزية على العمل، حسبما يقول أمير.

في ذات السياق، ظهرت أزمة في السوق المحلي بسبب إقبال الناس الشديد على شراء المواد الغذائية الرئيسة وخشيتهم من إغلاق الطريق بين نينوى وأربيل، حيث أنه الوحيد الذي تصل عبره هذه المواد.

يقول أمير لـ "ارفع صوتك": "بعض التجار رفعوا أسعار السلع، لكن حدّ من هذا الأمر تشكيل لجنة لمراقبة الأسعار من قبل قائم مقامية الحمدانية، الذي أوعز بالتبليغ عن أي محل يعرض أسعاراً مرتفعة ومبالغاً بها".

وفي نفس الوقت، يقول أمير "أكثر المتضررين هم عمّال المياومة، الذين يقبضون لقاء عمل كل يوم 10 آلاف دينار عراقي (7 دولارات) وغياب كل يوم يعني نقصاً في موردهم المالي الأساسي الذي يعيشون عليه".

 

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.