مقاتل في الحشد: فقدنا التمويل بعد انسحاب التحالف!
في الوقت الذي تتناول فيه الوكالات الإخبارية أنباء سحب بعض دول التحالف الدولي ضد الإرهاب لجنودها من العراق "بسبب تفشي مرض كورونا".
تضجّ بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، الموالية للمليشيات المسلحة المدعومة من إيران، بمنشورات تهدد بزيادة الهجمات الصاروخية على القواعد العسكرية المشتركة.
فيما يعتبر مدونون منهم الانسحاب "نصرا عقائديا، يحسب لقادة بعض فصائل الحشد الشعبي".
وبينما أتابع تلك الأحداث ومستجداتها، يرن هاتفي ظهر الأربعاء باتصال من رقم مجهول.
لا طعام ولا شراب
وبعد الإجابة، اكتفى المتصل بالتعريف باسمه بـ"قاسم"، وقال إنه مقاتل في أحد ألوية الحشد الشعبي المرابطة في منطقة "عكاشات" بصحراء الأنبار، والفصيل المنتمي إليه متواجد حاليا على الحدود العراقية السورية.
طلب قاسم مني بصفتي صحفي "إيصال صوتهم (مع المقاتلين في نفس الفصيل) إلى الجهات المعنية، بسبب نفاذ الطعام ومياه الشرب منذ ثلاثة أيام".
يقول قاسم "كنا نعتمد على قوات الجيش العراقي المتواجدة في قاعدة القائم الغربية بموضوع مياه الشرب المعقمة والطعام بل وحتى وقود السيارات، لكن منذ فترة انقطع تزويدنا بتلك المواد".
ويضيف "قبل ثلاثة أيام اضطررنا إلى حفر بئر لكن المياه التي خرجت منه فيها نسبة كبيرة من الكبريت، تسببت بأمراض جلدية وفي الكلى".
وبحسب المقاتل قاسم، فإن انسحاب القوات الأميركية التي كانت تزود الجيش العراقي بالمياه والطعام والوقود التي تساعد الأخير على إرسال الفائض منها إلى فصائل الحشد، تسبب بأزمة كبيرة في هذه المواد الرئيسية الثلاثة.
ويتابع "كان الوقود من النوع المحسن يأتينا من الأردن، والآن معظم آلياتنا متوقفة بسبب نفاذ الوقود".
ويختتم متسائلا "كيف تطالب الحكومة وقياداتنا بانسحاب قوات التحالف وهي لا تتمكن من توفير احتياجات مقاتليها الرئيسية؟، إذا استمر الأمر هكذا اسبوعا آخر سأنسحب وأعود إلى أهلي".
جبهات أخرى
وغادرت الأسبوع الماضي القوات الأجنبية قاعدة القائم الغربية على الحدود مع سوريا، بما في ذلك الفرنسيون والأميركيون.
فيما غادر اليوم الخميس 800 عسكري ومتعاقد مدني أميركي وفرنسي قاعدة القيارة في شمال البلاد، وجرت عملية تسلم وتسليم مع القوات العراقية في القاعدة العسكرية.
وحالياً، فإن 2500 مدربًا، أي ما يقارب ثلث قوات التحالف، غادروا أو ما زالوا يغادرون البلاد، مع تعليق عمليات التدريب مع القوات العراقية.
وكان الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي قد حذر من أن انسحاب قوات التحالف من العراق "يمنح تنظيم داعش فرصة هي الخطر منذ انتهاء عمليات التحرير".
ويوضح الهاشمي في حديث لموقعنا، أنه بالإضافة للتدريب والدعم الذي يقدمه التحالف الدولي، فإنه يوفر أيضا "غطاءً جويا مهما وكبيرا في عمليات ملاحقة عناصر داعش، فضلا عن المعلومات الاستخبارية الدقيقة والنصح العسكري".
"انسحاب التحالف الدولي سيفتح جبهات أخرى أمام القوات الأمنية العراقية كانت تغطيها بدقة عالية قوات التحالف، ما يزيد من حجم الاستنزاف والانهاك العسكري الذي يبحث عنه التنظيم ويراهن عليه في عودة نشاطه المسلح"، وفقا للهاشمي.
وكان داعش قد أعلن في صحيفة النبأ الأسبوعية الموالية له أنه بدأ منذ فترة باستخدام استراتيجية الاستنزاف المجهد.
وتعتمد هذه الاستراتيجية على ثلاثة عوامل:
- هشاشة البيئة الأمنية.
- الانهيار الاقتصادي والفوضى السياسية.
- الفوضى الطائفية أو القومية.
وقدمت الصحيفة النبأ التابعة للتنظيم وصفًا كاملًا لتكتيك الاستنزاف المجهد، موضحةً أنها تبقي الأجهزة الأمنية في حالة تأهب دائم، وهو ما يضعف من روحها المعنوية، ويؤدي لإجهادها ومن ثم انهيارها.
قدرات تكنولوجية عسكرية
وبحسب مختصين، فإن الإمكانية العراقية في مواجهة تنظيم داعش ترتكز على جهاز مكافحة الإرهاب، بسبب طبيعة التدريب والتجهيز والتسليح الذي يتلقاه مقاتلو هذا الجهاز.
ويقلل أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين ورئيس مركز أكد للدراسات الاستراتيجية حسين علي علاوي من حجم تأثر عملية مكافحة تنظيم داعش بانسحاب قوات التحالف الدولي.
ويرى أن الانسحاب لا يعني "توقف الدعم الاستخباري والتجهيز".
ويقول علاوي "ما سيتأثر هو الدعم والاسناد الجوي الدقيق الذي يحتاج إلى ضربات عميقة تحت الأرض، وهذه الضربات تحتاج إلى مهارات وامكانات وقدرات تكنلوجية متقدمة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) "الحرب الآن هي حرب الكهوف، وهذا ما نشاهده في عمليات المطاردة الواضحة لعناصر داعش في المناطق الوعرة".
ويعتبر أستاذ الأمن القومي أن ما يحصل الآن هو إعادة لتموضع القوات الأميركية الاستشارية التي تعمل ضمن بعثة التحالف الدولي في العراق مع القوات العراقية، وهذا لن يؤثر على أداء القوات العراقية في مكافحة الإرهاب.
ويتابع "لن يؤثر على مجمل التعاون العسكري بين التحالف الدولي والقوات العراقية، العمل مع القوات العراقية، بل سيركز باتجاه التدريب وتطوير القدرات الاستخبارية وأيضا في تبادل المعلومات بين الجانبين".