العراق

مهاجر عراقي في إيطاليا منذ عقدين: أريد العودة للوطن

26 مارس 2020

يحاول رافد حيدر الذي يعيش في إيطاليا منذ أكثر من 20 عاماً إقناع زوجته المغربية في العودة إلى العراق، بعد تفشي فيروس كورونا المستجد.

وتعد إيطاليا أكثر الدول الأوربية تضرراً من جائحة كوفيد-19، إذ أودى المرض بحياة 6077 فيها، بينما وصل عدد المصابين 63927 شخصاً، حسب أرقام منظمة الصحة العالمية.​

يقول رافد (44 عاماً) ولديه طفلة (3 أعوام): "الكل اليوم يعيش في ظروف مروّعة، بمن فيهم العرب المقيمين في إيطاليا خشية الإصابة بفيروس كورونا". 

ورغم الظروف الخطيرة وتضرر إيطاليا الكبير جرّاء الجائحة، إلاّ أن رافد لم يتوقف عن عمله حتّى الآن.، يقول لـ"ارفع صوتك": "ليس لدي المال الكافي للعيش، لذا لا يمكنني البقاء في المنزل مثل أغلبية الإيطاليين".

يتابع رافد: "هذه الأحداث جعلتني أفكر بجدية في العودة للعراق، ولكن زوجتي غير مقتنعة وترى أن الفيروس يجتاح العالم جميعه بما فيه العراق". 

وسُجِّلت أوّل إصابة بفيروس كورونا بين المهاجرين العراقيين في إيطاليا لعائلة مؤلفة من ستة أفراد في مدينة بولزانو شمال البلاد.

​وكانت إيطاليا فرضت حظر التجوّل في عموم البلاد في العاشر من الشهر الجاري، كما لا يمكن لأي شخص العمل والتنقل إلاّ بموافقات رسمية أمنية، للحد من تفشّي فيروس كورونا المستجد.

"أهلي وبلدي"

ما إن بدأ تفشي فيروس كورونا في العالم وزيادة أعداد المصابين، حتى جهزت سهيلة عبد النبي التي تعيش في تركيا منذ ثلاثة أعوام حقائبها، وعادت قبل أسبوعين تقريباً للعراق. 

تقول لـ "ارفع صوتك": "خفت كثيراً، لم أستطع البقاء هناك" مضيفة "هذا الشعور بالذعر  دفعني أنا وابني لترك كل شيء والعودة للبلاد. لا أريد الموت بعيداً عن أهلي وبلدي".

وكانت سهيلة  (59 عاماً) تعيش مع ابنها الوحيد في شقة اشترتها بتركيا بعد وفاة زوجها قبل أربع سنوات

في هذا السياق، تلقت وزارة الخارجية العراقية مُناشدات من قبل الجالية العراقيّة في تركيا للعودة إلى العراق. 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، إن الوزارة "تضع الأمن الصحّي للعراقيين في المرتبة الأولى وتتعاطى بشكل طوليّ مع إجراءات خليّة الأزمة".

وأشار إلى أن سفارات العراق المنتشرة في العالم "تُتابع باهتمام أوضاع الجالية العراقية للوقوف على سلامتهم وتخصص أرقاماً ساخنة للردّ على مناشداتهم وتقوم بتقديم إحاطة دوريّة إلى مركز الوزارة تتعلق بأوضاع الجالية".

بعد 18 عاماً!

تعيش رنا رعد في الولايات المتحدة منذ (18 عاماً)، ومؤخراً لم تعد تسيطر على الخوف ممّا يمكن أن يحدث، وترغب بالعودة إلى العراق. 

تقول لـ "ارفع صوتك": "بعد معاناتي في الوصول إلى أميركا والاستقرار فيها برفقة أبنائي الثلاثة نتجهز الآن للعودة إلى العراق".

ولكن مشكلة رنا أن اثنين من أبنائها لم يسافروا أبداً للعراق، ولا يجيدان حتّى التحدث باللغة العربية.

وتضيف "كما كنت أنقل لهما صورة مخيفة عن العراق بسبب الحروب والصراعات والحصار الاقتصادي وغير ذلك، لذا هما اليوم يرفضان الذهاب معي".

والجدير بالذكر، أن أولى رحلات الخطوط الجوية العراقية الاستثنائية، غادرت مطار القاهرة الدولي، أمس الثلاثاء، نحو بغداد، وعلى متنها نحو 263 عراقياً من المرضى والأفواج السياحية العالقة في مصر.

وتواصل السفارة العراقية في القاهرة تلقّي طلبات الراغبين في العودة إلى البلاد، الذين دخلوا مصر بغرض السياحة أو من أجل العلاج.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.