العراق

كورونا في العراق.. جثث في ثلاجات المستشفيات وخوف من دفن الضحايا

27 مارس 2020

بغداد- دعاء يوسف:

ما إن بدأ الحديث عن موت المصابين بفيروس كورونا وتفشي العدوى في البلاد، حتى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات يرفض أصحابها عمليات دفن الجثث.

وخصصت محافظة بغداد مكاناً في أطراف بغداد لدفن جثث المتوفين بفيروس كورونا، ويبعد هذا المكان أكثر من (٣٠) كم عن أقرب تجمع سكني في العاصمة.

ورغم تأكيدات المحافظة عبر المؤسسات الصحية "بأن الدفن سيكون على عمق ستة أمتار ولا خشية من العدوى عبر عملية الدفن، لأنها لا تنتقل من الموتى إلى الأحياء" إلا أن الرفض المدفوع بالخوف من العدوى ما زال مستمراً.

وارتفع عدد الإصابات المؤكدة بجانحة كورونا في العراق، يوم الخميس، إلى ٣٥٠ حالة، فضلا عن تسجيل ٢٩ وفاة.

المناطق السكنية

ويقول الخبير البيئي عبد الحسين جبر لموقع (ارفع صوتك) إن " سكان هذه المناطق يشعرون بقلق عميق ولا يستطيعون تقبل أن تكون مناطقهم مقابر جماعية للجثث المصابة بفيروس كورونا، حتىّ وإن كانت الجثث غير ناقلة للفيروس".

ويرى الخبير أن مناطق النهروان وجسر ديالى وما يجاورها في أطراف العاصمة بغداد معروفة باحتوائها على تهديدات أو ملوثات لأسباب منها وجود كل من مستشفيي ابن الخطيب وابن زهر لحجر مرضى أمراض الرئة والايدز، وكذلك منشأة التويثة للأبحاث النووية والتي كانت تستخدم لتخزين وقود المفاعل المستهلك والنفايات الصناعية والطبية بزمن النظام السابق، فضلا عن معامل الطابوق المتهالكة وأماكن طمر النفايات وغيرها.

وبسبب هذه التهديدات يعتقد الكثير من سكان تلك المناطق أنها وراء تعرضهم لمخاطر صحية مثل إصابات بمرض السرطان وتشوهات خلقية وغيرها، على حد قوله.

ويضيف الخبير  "لهذا يرى هؤلاء أنهم بمحط استهداف متعمد خاصة بعد الكثير من مناشدات تخليصهم من التلوث دون فائدة".

مقابر بغداد

وفي مواجهة تفشي عدوى المرض من الأموات في البلاد، ترفض المكاتب المتعهدة بدفن الموتى ذلك.

يقول خليل رحيم، وهو أحد الدفانين ببغداد، إن "معظم مقابر بغداد الآن، ترفض أن تدفن الجثث المصابة بالوباء داخلها، لأنها تقع بين الأحياء السكنية، فضلا عن وجود عوائل تسكن هذه المقابر".

ويشير  إلى أن الحديث النبوي (إكرام الميت دفنه) مثالي للتأكيد على ضرورة أن تجد الجهات الحكومية الآن مخرجاً لهذه المشكلة، وتوفر مقابر خاصة لموتى الفيروس بعيدة عن الناس والمدن.

لا داعي للقلق

لكن المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، أكد أنه لا داعي للقلق والتخوف من جثث الذين يتوفون جراء إصابتهم بمرض كورونا.

يقول البدر في مقطع فيديو نشر على موقع الوزارة، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الجثث يتم تعفيرها بمواد خاصة ومن قبل فريق متخصص، ومن ثم تلف الجثث بأكياس معقمة ومعفرة بمواد خاصة، ومن ثم توضع بتوابيت خاصة أيضا، وتدفن على عمق مترين".

ويتابع أن الخبراء يؤكدون إمكانية دفن الجثث "في أي مقبرة ولا يوجد أي خطر إذا تم التعامل مع الجثث مع هذه المقاييس العلمية، ولا خطر على بيئة ومكان الدفن".

 

ثلاجات المستشفيات

وتتزامن احتجاجات الرفض مع تصريح القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي عن تكدس جثث المتوفين بفيروس كورونا في ثلاجات المستشفيات، محذراً من أزمة صحية جديدة واحتمالية تفشي الفيروس في المستشفيات والأحياء السكنية القريبة منها.

وقال الزاملي إن "عدداً من جثث المتوفين جراء فيروس كورونا متكدسة في ثلاجات مستشفيات مدينة الصدر وفي الطب العدلي وفي مشافي المحافظات".

 

مراكز الحجر

ولم تقتصر تلك المخاوف على سكنة أطراف بغداد، إذ تحدث أفراد من منطقة حي الفرات ببغداد عن مخاطر حجر المصابين بوباء كورونا في مستشفى يقع بالقرب من الأحياء السكنية.

ويقع مستشفى الفرات العام المخصص للمشتبه بإصابتهم بفايروس كورونا بمنطقة الفرات السكنية ببغداد.

ويجد محمد زهير (٣٢عاماً) نفسه مجبراً على تعفير سطح البيت وباحاته الخارجية لأكثر من مرتين باليوم.

ويقول لموقعنا، "أحاول تعقيم البيت من الخارج بالمطهرات والمعقمات وأنا أرتدي بدلة حماية وغيرها خشية انتقال الفيروس".

ويضيف " السكن بالقرب من مستشفى لحجر ومعالجة المصابين بوباء كورونا (كارثة) بالنسبة لنا، لم نعد نشعر حتى برغبة الاستمرار في السكن بمنطقتنا هذه، ولكن ليس لدينا أي خيار الآن غير الاعتماد على الله".

ويشير إلى أن مسؤولية الحفاظ على حياة الناس تقع على عاتق الحكومة وجهاتها الصحية، "لذا فمن الخطأ أن نعيش بقلق يتضاعف علينا كل يوم بسبب قربنا من مراكز الحجر والمستشفيات، والخوف من انتقال الفيروس عن طريقها إلينا".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.