كورونا في العراق.. جثث في ثلاجات المستشفيات وخوف من دفن الضحايا
بغداد- دعاء يوسف:
ما إن بدأ الحديث عن موت المصابين بفيروس كورونا وتفشي العدوى في البلاد، حتى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات يرفض أصحابها عمليات دفن الجثث.
وخصصت محافظة بغداد مكاناً في أطراف بغداد لدفن جثث المتوفين بفيروس كورونا، ويبعد هذا المكان أكثر من (٣٠) كم عن أقرب تجمع سكني في العاصمة.
ورغم تأكيدات المحافظة عبر المؤسسات الصحية "بأن الدفن سيكون على عمق ستة أمتار ولا خشية من العدوى عبر عملية الدفن، لأنها لا تنتقل من الموتى إلى الأحياء" إلا أن الرفض المدفوع بالخوف من العدوى ما زال مستمراً.
وارتفع عدد الإصابات المؤكدة بجانحة كورونا في العراق، يوم الخميس، إلى ٣٥٠ حالة، فضلا عن تسجيل ٢٩ وفاة.
المناطق السكنية
ويقول الخبير البيئي عبد الحسين جبر لموقع (ارفع صوتك) إن " سكان هذه المناطق يشعرون بقلق عميق ولا يستطيعون تقبل أن تكون مناطقهم مقابر جماعية للجثث المصابة بفيروس كورونا، حتىّ وإن كانت الجثث غير ناقلة للفيروس".
ويرى الخبير أن مناطق النهروان وجسر ديالى وما يجاورها في أطراف العاصمة بغداد معروفة باحتوائها على تهديدات أو ملوثات لأسباب منها وجود كل من مستشفيي ابن الخطيب وابن زهر لحجر مرضى أمراض الرئة والايدز، وكذلك منشأة التويثة للأبحاث النووية والتي كانت تستخدم لتخزين وقود المفاعل المستهلك والنفايات الصناعية والطبية بزمن النظام السابق، فضلا عن معامل الطابوق المتهالكة وأماكن طمر النفايات وغيرها.
وبسبب هذه التهديدات يعتقد الكثير من سكان تلك المناطق أنها وراء تعرضهم لمخاطر صحية مثل إصابات بمرض السرطان وتشوهات خلقية وغيرها، على حد قوله.
ويضيف الخبير "لهذا يرى هؤلاء أنهم بمحط استهداف متعمد خاصة بعد الكثير من مناشدات تخليصهم من التلوث دون فائدة".
مقابر بغداد
وفي مواجهة تفشي عدوى المرض من الأموات في البلاد، ترفض المكاتب المتعهدة بدفن الموتى ذلك.
يقول خليل رحيم، وهو أحد الدفانين ببغداد، إن "معظم مقابر بغداد الآن، ترفض أن تدفن الجثث المصابة بالوباء داخلها، لأنها تقع بين الأحياء السكنية، فضلا عن وجود عوائل تسكن هذه المقابر".
ويشير إلى أن الحديث النبوي (إكرام الميت دفنه) مثالي للتأكيد على ضرورة أن تجد الجهات الحكومية الآن مخرجاً لهذه المشكلة، وتوفر مقابر خاصة لموتى الفيروس بعيدة عن الناس والمدن.
لا داعي للقلق
لكن المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، أكد أنه لا داعي للقلق والتخوف من جثث الذين يتوفون جراء إصابتهم بمرض كورونا.
يقول البدر في مقطع فيديو نشر على موقع الوزارة، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الجثث يتم تعفيرها بمواد خاصة ومن قبل فريق متخصص، ومن ثم تلف الجثث بأكياس معقمة ومعفرة بمواد خاصة، ومن ثم توضع بتوابيت خاصة أيضا، وتدفن على عمق مترين".
ويتابع أن الخبراء يؤكدون إمكانية دفن الجثث "في أي مقبرة ولا يوجد أي خطر إذا تم التعامل مع الجثث مع هذه المقاييس العلمية، ولا خطر على بيئة ومكان الدفن".
ثلاجات المستشفيات
وتتزامن احتجاجات الرفض مع تصريح القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي عن تكدس جثث المتوفين بفيروس كورونا في ثلاجات المستشفيات، محذراً من أزمة صحية جديدة واحتمالية تفشي الفيروس في المستشفيات والأحياء السكنية القريبة منها.
وقال الزاملي إن "عدداً من جثث المتوفين جراء فيروس كورونا متكدسة في ثلاجات مستشفيات مدينة الصدر وفي الطب العدلي وفي مشافي المحافظات".
مراكز الحجر
ولم تقتصر تلك المخاوف على سكنة أطراف بغداد، إذ تحدث أفراد من منطقة حي الفرات ببغداد عن مخاطر حجر المصابين بوباء كورونا في مستشفى يقع بالقرب من الأحياء السكنية.
ويقع مستشفى الفرات العام المخصص للمشتبه بإصابتهم بفايروس كورونا بمنطقة الفرات السكنية ببغداد.
ويجد محمد زهير (٣٢عاماً) نفسه مجبراً على تعفير سطح البيت وباحاته الخارجية لأكثر من مرتين باليوم.
ويقول لموقعنا، "أحاول تعقيم البيت من الخارج بالمطهرات والمعقمات وأنا أرتدي بدلة حماية وغيرها خشية انتقال الفيروس".
ويضيف " السكن بالقرب من مستشفى لحجر ومعالجة المصابين بوباء كورونا (كارثة) بالنسبة لنا، لم نعد نشعر حتى برغبة الاستمرار في السكن بمنطقتنا هذه، ولكن ليس لدينا أي خيار الآن غير الاعتماد على الله".
ويشير إلى أن مسؤولية الحفاظ على حياة الناس تقع على عاتق الحكومة وجهاتها الصحية، "لذا فمن الخطأ أن نعيش بقلق يتضاعف علينا كل يوم بسبب قربنا من مراكز الحجر والمستشفيات، والخوف من انتقال الفيروس عن طريقها إلينا".