"يا زكريا عودي عليّا".. بأي حال استقبله العراقيون هذا العام؟
"يا زكريا عودي عليا.. كل سنة وكل عام.. نشعل صينية بزوال الوباء". بهذه الكلمات أحيت نضال خليل (٤١عاماً) طقوس الاحتفال بـ "يوم زكريا".
تقول لـ(ارفع صوتك) "حتى أغنية "يوم زكريا" التي كنّا نرددها تغيرت هذا العام جراء حظر التجوّل. كما أن طقوسه اقتصرت على أفراد العائلة الواحدة فقط خوفاً من عدوى فيروس كورونا".
"السلامة فقط"
دفع حلم نضال في إنجاب طفل، إلى المواظبة على إحياء طقوس "يوم زكريا" في الأول من شعبان من كل عام، والدعاء كما غيرها الكثير من العراقيين الذين يتجمعون خلاله مع الأقارب والجيران لعقد النذور والدعاء.
فالاعتقاد السائد بأن هذا اليوم تلقى فيها النبي زكريا بشرى ولادة ابنه النبي يحيى، وكان بعمر ٩٢ عاما، ولأجل هذا تحرص النساء اللواتي حرّمن من الإنجاب على إحياء هذا اليوم.
ولكن هذا العام لم يتجمع الأطفال ولا نساء الجيران، تروي نضال، وهي ربة بيت، العديد من التغيرات في طقوس "يوم زكريا"، التي اعتادت عليها سنوياً، لكن هذا العام اقتصر الطلب على السلامة من الوباء وإنقاذ العالم كله منه.
وتقول نضال "لم يشاركني أحد غير زوجي وأمه لإقامة هذا الطقس، كنا وحدنا فقط، وكان الاحتفاء باهتاً ولم نشعر بأية بهجة كالسابق".
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لعوائل عراقية وهي تحتفي لوحدها بطقوس "يوم زكريا"، كإصرار وتحد على مواصلة الحياة رغم العزلة التي فرضها حظر التجول.
"صينية" زكريّا
وتجهز مائدة (صينية) زكريا بتشكيلة من الحلويات والمكسرات والأطعمة والشموع وأغصان أشجار الياس والبخور، بالإضافة إلى تَنَكات مصنوعة من الفخار وممتلئة بماء الورد.
وتتميّز هذه المناسبة بالغناء والبهجة، وضرب الأطفال على طبول خشبية صغيرة وترديدهم للأغاني، مثل "يا زكريا عودي عليا.. كل سنة وكل عام.. ننصب صينية".
وتقول بلقيس علي (٤٩عاماً) لـ"ارفع صوتك": "لديّ ارتباط روحاني بيوم زكريا وأواظب على إقامته منذ سنوات بعدما رزقت بطفلي (٧ أعوام) ، إذ كان الإنجاب بالنسبة لي حلماً لا يمكن تحقيقه، لكني حرصت في كل عام على إحياء هذه المناسبة بتجميع أطفال الحي حول صينية زكريا في بيتي".
وتضيف "كنت أجهز كل شيء لهم وأتركهم يغنون ويفرحون ويلهون، ولكن هذا لم يكن متاحاً لي هذا العام بسبب تفشي الفيروس في البلاد، واحترازات الوقاية وعدم التجمع وغير ذلك".
السوق المحلي
ويستعد ناصر جواد (٥٦عاماً) في كل عام بتجهيز محله الذي يقع في سوق "الشورجة" الشهير بالمواد التي تحتاجها الناس لإحياء طقوس "يوم زكريا" مثل (المزهريات الفخارية الخاصة بأغصان الياس، وكذلك التنكات التي بشكل أباريق مخصصة لنذور الذكور، بينما الخالية من الأباريق هي لنذور الإناث، فضلاً عن الطبول الصغيرة والكبيرة).
ويتحدث ناصر عن أهمية "يوم زكريا" في السوق المحلي وتأثيراته الاقتصادية.
يقول لـ "ارفع صوتك" إن "هذه المناسبة مهمة جدا، حيث يزايد الإقبال على مواد طقوسها، نظرا لاعتبارها من الفلكلور العراقي أو التراث الشعبي الذي يحرص الناس على إقامته، خصوصاً في الأحياء الشعبية".
ولا تزال الكثير من المتاجر والمحلات وسط الأحياء السكنية مستمرة بالعمل، رغم أن الشوارع الرئيسة ومتاجرها مغلقة، ولكن حظر التجوّل ضرب موسم التسوق الخاص بـ "يوم زكريا"، حيث لا يستطيع ناصر الوصول لمحله لتواجده في منطقة تبعد مسافتها كثيرا عن سكنه، وكذلك لإغلاق الطرق بالحواجز في إطار الإجراءات الوقائية.
ويشير إلى أن حظر التجوّل دفع بالكثيرين الآن لشراء ما متوافر من مواد ينفع استخدمها في طقوس "يوم زكريا" من المتاجر القريبة لبيوتهم رغم ندرتها وارتفاع أثمانها، بعد أن كانوا يصرّون على شرائها من سوق "الشورجة" تحديداً.