"حظر التجوال، الذي فرض لمكافحة الفيروس المستجد، جاء لصالح السياسيين"، هكذا يصف المحلل السياسي حميد ناظم، الوضع السياسي في العراق، بعد تفشي فيروس كورونا.
ويقول لـ"ارفع صوتك": "طيلة الأشهر الماضية، استخدمت الأجهزة الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والاعتقالات والتخويف وغيره لتفريق المحتجين بتظاهرات تشرين الماضي لكنها فشلت".
يتابع "وفجأة، وجد الكثير من الذين واظبوا على المشاركة أنفسهم وقد تفرقوا عن ساحات الاحتجاج التي اعتادوا على الاعتصام فيها، وحجروا أنفسهم بمنازلهم خشية الإصابة بعدوى الفيروس".
"وهذا الحال أعاد الأمل عند السياسيين بإمكانية تآلفهم مع الشعب بعدما قاربت التظاهرات على تغييرهم كلهم"، يقول ناظم، مردفاً "يبدو أن أزمة كورونا منحتهم فرصة جديدة".
ويحذر المحلل السياسي من استغلال حظر التجوال من قبل بعض السياسيين لأغراض دعائية، يقول "أطلق بعضهم حملات لم نكن نشهدها إلاّ قبل انتخابات سابقة، لمساعدة الفقراء والمتضررين من حظر التجوّل".
ويقول كاظم لـ"ارفع صوتك" إن "هؤلاء السياسيين يستهدفون الفقراء، لتجميع أكبر عدد من الأصوات المناسبة، وترسيخ وجودهم أكثر وإنهاء التظاهرات إلى الأبد".
تشكيل الحكومة
من جهته، يقول المحامي حسن طالب "أخاف أن يكون تمديد حظر التجوّل لمواءمة توجهات النخبة الحاكمة".
وطالب الذي شارك في تظاهرات أكتوبر، يقول لـ"ارفع صوتك": "المنطق يحتم على القوى السياسية إقرارتشكيل الحكومة الجديدة قبل يوم 11 أبريل وهو موعد انتهاء الحظر، لكنهم فضلوا تمديده منذ الآن".
وكان النائب عن تحالف الفتح همام التميمي، اتهم رئيس الجمهورية بمحاولة إبقاء السلطة التنفيذية في حالة فراغ دستوري وقانوني لضمان استمرار هيمنته وتصدّره للمشهد السياسي، في حين تبقى القوى الوطنية متفرجة، حسب تعبيره.
ويقول التميمي إن "رئيس الجمهورية يعي جيدا أن المكلف عدنان الزرفي لن يمر داخل قبة البرلمان، كما أن تمريره يعني إطلاق رصاصة الرحمة على العملية الديمقراطية في العراق، لكنه ورغم كل هذا عمد على خرق الدستور وتقديمه كمرشح جدلي بامتياز لضمان بقاء الفراغ الدستوري فترة أطول".
ويتابع "45 يوماً ضاعت في وقت تكليف المرشح السابق محمد توفيق علاوي، واليوم ستمضي نفس الفترة ويعود الوضع إلى المربع الأول وتبقى حكومة تصريف الأعمال بصلاحيات محدودة رغم حجم التحديات والمخاطر التي يعيشها البلد أمنياً وصحياً واقتصادياً".
في هذا السياق، يقول المحامي طالب "إذا كانت القوى السياسية مصممة على تحقيق أجنداتها ومصالحها دون التفكير بحلول حقيقية لأزمة الفيروس، فكل ما سيحدث هو انهيار اقتصادي أكثر وأكثر".
ويشير إلى أن هذه الأحزاب ما زالت تمارس أنشطتها التجارية، خصوصاً في موانئ البصرة، على الرغم من تفشي الفيروس وتدهور الاقتصاد العالمي".
وأعلنت وزارة الصحة، الأربعاء، عن تسجيل 34 إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد في العراق، وبذلك فإن مجموع الإصابات الإجمالية في عموم البلاد بلغت 728 حالة ومجموع الوفيات 52، فيما كانت مجموع حالات الشفاء 182 حالة.
مواصلة الاحتجاج
أما الناشط الحقوقي كاظم سبتي، فيقول "لا يمكنني التقليل من خطورة هذا الوباء ولكني أشعر بالإحباط لأنه أوقف كل طموحاتنا بالتغيير الذي كان بحاجة إلى مواصلة الاحتجاج للحفاظ على البلاد".
"ساحات الاعتصام المزدحمة بحشود المتظاهرين أصبحت فارغة. لا خيام ولا رايات ترفرف عليها أو مكبرات للصوت تصدح بالتغيير. وكأن هذا الفيروس مسألة سياسية"، يضيف سبتي.
ويتساءل "هل الوقت مناسب لاستفزازات سياسية وسط توتر الحياة هذه وتعطل كل شيء؟"، قائلاً "كان يتعيّن أن تكون مهمة الحكومة الآن -على الأقل- التركيز على كبح تفشي فيروس كورونا، وإيجاد الحلول الواقعية لمشكلة الفقراء والمتضررين من حظر التجول".
واتهم سبتي الحكومة بأنها لا تكترث "إلاّ بحقيق مصالح أحزابها السياسية".