صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بغداد - دعاء يوسف:

كان علي جواد الذي يعمل ممرضاً بخلية أزمة كورونا ينتظر بفارغ الصبر قدوم المصاب بفيروس كورونا لحجره، لكن حظر التجوال الذي فرضته الحكومة لكبح تفشي وباء كورونا عرقل وصوله بسرعة.

فبعد أربعة أيام من إجراء التحليل الطبي، أخبره عبر اتصال هاتفي أن نتيجة التحليل إيجابية، وأنه مصاب بفيروس كورونا.

ويقول علي لـ(ارفع صوتك): "على الرغم من أنّ التدابير التي فرضتها خلية أزمة فيروس كورونا في تكفلها لنقل المصاب بالفيروس من بيته لأماكن الحجر الصحي، لا يبدو أنّ الكلّ يتقبلها عندما يحتاجون لذلك".

فالحاج رحيم جمعة (٧٢عاما) رفض قدومهم لبيته لاصطحابه لمركز الحجر، وأخبره عن لسان علي: "يجب ألاّ يعرف أبنائي بمرضي، سأحضر بنفسي لكم حتى لا تحدث مشاكل في عائلتي قد تدفع إلى قدوم أهل زوجة ابني الجديدة لأخذها من البيت بسبب الخوف من العدوى".

يشرح علي أن المُصاب يجد نفسه أمام خيارات صعبة كلها بنظره تجلب المشاكل لعائلته، طالما أن الوباء يفرض إجراءات التباعد الاجتماعي.

كنت أعتقد أن الحاج سيتصرف بعقلانية وينفذ التعليمات الوقائية بحرص. لكنه للأسف -والحديث لعلي- تبين أنه قام بركوب أكثر من سيارة أجرة (كيا) تعمل بشكل سري بين شوارع الأزقة والأحياء وهو في طريقه إلينا.

الوقت الذي قضاه رحيم متنقلا بين أهله وكذلك الناس أثارت مخاوف من نقل الفيروس لهم.

ويتابع علي: "بإمكانك توقع الأعداد التي انتقلت إليهم عدوى الفيروس عبر ركوبه لهذا النوع من السيارات التي لا يقوم سواقها بتحريكها من مكانها قبل أن تمتلئ بـ (١١) راكباً، فضلاً عن تكرار مرات إيقافها في محطات كثيرة لصعود ونزول الركاب".

وبمجرد وصول الحاج رحيم إلى مركز الحجر، وكإجراء احترازي بعد معرفة خلية أزمة الوباء التفاصيل كافة، تحرك بعض العاملين بالخلية لتجميع كل الذين كانوا برفقته في سيارتي الأجرة، لفحصهم والتأكد من خلوهم من الفيروس.

 مهمة البحث على أكثر من (٢٢) راكباً كانت صعبة. ولكننا استطعنا العثور على (٩) منهم، كما أن وقت اصطحابهم إلى المستشفى استغرق (١٠) أيام، كما يقول.

 

بيد أن البقية منهم لم يستطيعوا العثور عليهم، فضلا عن مشكلة عائلة المُصاب الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض طيلة الفترة التي قضاها المصاب بيهم.

 

ويعتقد علي أنه من المحتمل أن تكون إصابة أهله بعدوى الفيروس طفيفة الأعراض، لأنه لم يبلغ أحداً منهم أو يحاول الوصول للمستشفى، كما أنهم غير متواجدين في منزلهم.

 

ويقول "منذ تفشي الفيروس، والكثير من الناس ترفض حتّى إجراء الفحوصات العادية لا تلك التي تتعلق بهذا الوباء، خشية أن تكون لديهم أعراضه".

 

وتشترط خلية أزمة فيروس كورونا في تطبيق إجراءات الحجر بالمراكز الصحية في المستشفيات على أن يشمل المصابين بمراحل الفايروس المتأخرة (الحالات الصعبة)، وهو ما يعني إجبار المصاب بالفيروس ولا تبدو حالته الصحية متأخرة على الحجر الصحي في مكان واحد، وهو منزله.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.