مظاهرات الفقراء في الناصرية مؤشر خطر.. والحكومة هي المسؤول
"القانون يمشي على الفگر (الفقراء).. يوم 11 رفعوا الحظر (حظر التجوال)"، بهذا الشعار خرج مئات المواطنين في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (جنوب العراق)، في تظاهرة مساء الخميس 2 نيسان/أبريل.
قاد التظاهرات "أصحاب الأجور اليومي"، وطالبوا برفع قرار حظر التجول يوم 11 من الشهر الجاري، لأنه تسبب بتوقف أعمال الكثيرين، وتضرر منه الفقراء الذين يعملون بالأجر اليومي.
وكانت خلية الأزمة العراقية المشكلة لمواجهة أزمة مرض كورونا قد حدّدت التاسع من نيسان/أبريل الجاري كآخر يوم لحظر التجوال، لكن رئيس لجنة الأمر الديواني 55 الاتحادية بشأن مواجهة فيروس كورونا، وزير الصحة جعفر علاوي، أعلن أن الخلية قررت تمديد حظر التجوال الوقائي إلى 19 من نيسان المقبل.
التظاهرات أمر مرفوض
ويحتل موضوع تأثير قرار حظر التجوال على العاملين بالأجر اليومي، وهم فئة كبيرة في العراق، أولوية على صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حيث ترك قرار الحظر هذه الفئة التي تعيش على ما تحصل عليه من أجر يومي أمام أزمة معيشية صعبة.
"لكن ذلك (أزمة المعيشة) لا يعني مخالفة قرار الحظر والخروج بتظاهرة"، كما يرى الكاتب علاء كولي.
يقول كولي "لا نؤيد مثل التظاهرات التي خرجت أمس بالناصرية، لأسباب تتعلق بالجانب الصحي"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "كل محافظات العراق توقفت فيها الحركة بسبب حظر التجوال والوقاية من فيروس كورونا، خروج الناس في الوقت الحالي ينذر بكارثة بسبب التجمعات والاختلاط الذي قد يسبب كارثة في المحافظة وإرباك بالمشهد الصحي".
ويخشى الكاتب، وهو من أهالي الناصرية، من تكرار مشهد "إيران وإيطاليا ودول أخرى في العراق".
ويوضح "بسبب ضعف المؤسسات الصحية والفساد الذي وصل بها إلى هذا المستوى، فإن أي انتشار للفيروس سيؤدي إلى كارثة صحية جماعية كبيرة في العراق".
قضية إنسانية خطيرة
ويؤيد الكاتب والصحفي حسن حامد سرداح ما جاء على لسان كولي، "لكنها بنفس الوقت قضية إنسانية خطيرة".
"التظاهرات في هذا الوقت وبهذه الطريقة أمر خطير، لكن كيف تقنع الناس وتواجههم، وهم لا يملكون الطعام"، يقول سرداح.
ويذهب الكاتب سرداح بالحديث إلى ما هو أبعد وأكثر واقعية، ويحذر من استمرار الحكومة في إهمال هذه الطبقة، موضحا "إذا لم تتحرك الحكومة إلى توفير البدائل قد تخرج الأمور عن السيطرة وتصل إلى مرحلة المواجهة مع القوات الأمنية".
ويتابع "الحكومة لم تفكر بتوفير البدائل، وهذا ما أثاره الإعلام مؤخرا، وطالب المؤسسات بتوفير بدائل لذوي الدخل المحدود، كما فعلت العديد من الدول".
فهذه الطبقة تعتمد بالأساس في معيشتها على ما تحصل عليه في اليوم الواحد من دخل، مثل سواق التكسي وأصحاب المحال والبسطات وعمال الاجر اليومي، "هؤلاء ليس لديهم خزين مالي أو موارد بديلة يستخدمونها في أوقات العسر"، بحسب الكاتب سرداح.
تكافل اجتماعي ولكن؟
ورغم أن التظاهرات مثلت خرقا لقرار رسمي يحظر التنقل، الغرض منه الوقاية في مواجهة وباء كورونا، "لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الناس لجأوا إلى التظاهرات بسبب ضيق العيش، فمعيشتهم أصبحت صعبة"، يقول سرداح.
وحاولت جهات ناشطة ومتطوعون من المواطنين توزيع مساعدات غذائية على العوائل الفقيرة المتضررة من حظر التجوال، لكن تلك المساعدات تبقى قليلة قياسا بحجم العوائل، بحسب أحاديث كثير من المتضررين لموقعنا.