العراق

مظاهرات الفقراء في الناصرية مؤشر خطر.. والحكومة هي المسؤول

علي قيس
03 أبريل 2020

"القانون يمشي على الفگر (الفقراء).. يوم 11 رفعوا الحظر (حظر التجوال)"، بهذا الشعار خرج مئات المواطنين في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (جنوب العراق)، في تظاهرة مساء الخميس 2 نيسان/أبريل.

قاد التظاهرات "أصحاب الأجور اليومي"، وطالبوا برفع قرار حظر التجول يوم 11 من الشهر الجاري، لأنه تسبب بتوقف أعمال الكثيرين، وتضرر منه الفقراء الذين يعملون بالأجر اليومي.
وكانت خلية الأزمة العراقية المشكلة لمواجهة أزمة مرض كورونا قد حدّدت التاسع من نيسان/أبريل الجاري كآخر يوم لحظر التجوال، لكن رئيس لجنة الأمر الديواني 55 الاتحادية بشأن مواجهة فيروس كورونا، وزير الصحة جعفر علاوي، أعلن أن الخلية قررت تمديد حظر التجوال الوقائي إلى 19 من نيسان المقبل.
التظاهرات أمر مرفوض
ويحتل موضوع تأثير قرار حظر التجوال على العاملين بالأجر اليومي، وهم فئة كبيرة في العراق، أولوية على صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، حيث ترك قرار الحظر هذه الفئة التي تعيش على ما تحصل عليه من أجر يومي أمام أزمة معيشية صعبة.
"لكن ذلك (أزمة المعيشة) لا يعني مخالفة قرار الحظر والخروج بتظاهرة"، كما يرى الكاتب علاء كولي.

الناصرية تعود للواجهة بتصعيد جديد بالتظاهرات رغم حظر التجوال بسبب فايروس كورونا.. التصعيد جاء بلا سبب حتى الان، بدأ...

Posted by ‎علاء كولي‎ on Friday, April 3, 2020

يقول كولي "لا نؤيد مثل التظاهرات التي خرجت أمس بالناصرية، لأسباب تتعلق بالجانب الصحي"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "كل محافظات العراق توقفت فيها الحركة بسبب حظر التجوال والوقاية من فيروس كورونا، خروج الناس في الوقت الحالي ينذر بكارثة بسبب التجمعات والاختلاط الذي قد يسبب كارثة في المحافظة وإرباك بالمشهد الصحي".
ويخشى الكاتب، وهو من أهالي الناصرية، من تكرار مشهد "إيران وإيطاليا ودول أخرى في العراق".
ويوضح "بسبب ضعف المؤسسات الصحية والفساد الذي وصل بها إلى هذا المستوى، فإن أي انتشار للفيروس سيؤدي إلى كارثة صحية جماعية كبيرة في العراق".


قضية إنسانية خطيرة
ويؤيد الكاتب والصحفي حسن حامد سرداح ما جاء على لسان كولي، "لكنها بنفس الوقت قضية إنسانية خطيرة".
"التظاهرات في هذا الوقت وبهذه الطريقة أمر خطير، لكن كيف تقنع الناس وتواجههم، وهم لا يملكون الطعام"، يقول سرداح.
ويذهب الكاتب سرداح بالحديث إلى ما هو أبعد وأكثر واقعية، ويحذر من استمرار الحكومة في إهمال هذه الطبقة، موضحا "إذا لم تتحرك الحكومة إلى توفير البدائل قد تخرج الأمور عن السيطرة وتصل إلى مرحلة المواجهة مع القوات الأمنية".
ويتابع "الحكومة لم تفكر بتوفير البدائل، وهذا ما أثاره الإعلام مؤخرا، وطالب المؤسسات بتوفير بدائل لذوي الدخل المحدود، كما فعلت العديد من الدول".
فهذه الطبقة تعتمد بالأساس في معيشتها على ما تحصل عليه في اليوم الواحد من دخل، مثل سواق التكسي وأصحاب المحال والبسطات وعمال الاجر اليومي، "هؤلاء ليس لديهم خزين مالي أو موارد بديلة يستخدمونها في أوقات العسر"، بحسب الكاتب سرداح.
تكافل اجتماعي ولكن؟
ورغم أن التظاهرات مثلت خرقا لقرار رسمي يحظر التنقل، الغرض منه الوقاية في مواجهة وباء كورونا، "لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الناس لجأوا إلى التظاهرات بسبب ضيق العيش، فمعيشتهم أصبحت صعبة"، يقول سرداح.
وحاولت جهات ناشطة ومتطوعون من المواطنين توزيع مساعدات غذائية على العوائل الفقيرة المتضررة من حظر التجوال، لكن تلك المساعدات تبقى قليلة قياسا بحجم العوائل، بحسب أحاديث كثير من المتضررين لموقعنا.

في سامراء.. مخاطر #كورونا الصحية تقابلها مخاطر أخرى للعمال في العراق: الخوف من فقدان أرزاقهم.

Posted by ‎Irfaa Sawtak - ارفع صوتك‎ on Wednesday, April 1, 2020
علي قيس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.