صورة من مراسم تكليف الكاظمي رئيسا للوزراء في العراق

للمرة الثالثة، كلف رئيس الجمهورية برهم صالح، الخميس، مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة، بعد اعتذار محافظ النجف السابق عدنان الزرفي بغية العمل على إجراء انتخابات مبكرة مما أثار بعض المخاوف من ألاّ تكون المرة الأخيرة.

كان الكاظمي الذي تم تعيينه بمنصب رئيس جهاز المخابرات العراقي عام 2016، معارضا للنظام السابق، غادر العراق عام 1985 عن طريق إقليم كوردستان إلى إيران، ثم ألمانيا فبريطانيا.

عمل الكاظمي رئيساً لتحرير مجلة "الأسبوعية"، وبرز في مجال حل النزاعات وتوثيق جرائم النظام السابق، ليعمل كمدير تنفيذي لمؤسسة الذاكرة العراقية.

وساهم الكاظمي في توثيق الشهادات وجمع الأفلام عن ضحايا النظام السابق وأدار مؤسسة الحوار الإنساني للتأسيس للحوار بديلاً عن العنف في حل الأزمات.

كما عمل كاتب عمود ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع "المونيتور" الدولي، كما قام بتأليف العديد من الكتب.

تأجيل الانتخابات

يرى المحامي عباس مشعل بأن هذه هي أول مرة يحدث فيها ذلك، منذ عام ٢٠٠٣.

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "الكاظمي المكلف برئاسة الوزراء لا ينتمي للقوى السياسية وأحزابها، ولهذا ربما هو "الأصلح" حالياً، لأن من ضمن مطالبنا في التغيير أن يكون رئيس الوزراء مستقلاً".

ولا يخفي عباس قلقه إزاء صراعات القوى النيابية. ويوضح بأنه يخشى من أن "ينسحب الكاظمي من التكليف كما الزرفي ومحمد توفيق علاوي، لأن المماطلة عبر الوقت قد يصيب الناس بالملل ويدفهم للقبول بأي تكليف وهو ما يخدم مصالح الأحزاب السياسية لتأجيل الانتخابات أو تسويفها".

الدستور العراقي

تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة يراه البعض لا يختلف عن غيره من الذي تم اختيارهم وترشيحهم من قبل الكتل السياسية الحاكمة، يقول الناشط الحقوقي وعد جابر، إن "توافق الكتل السياسية على تسمية الكاظمي رئيسا للوزراء بهذه السهولة يعني  أنه وافق على شروط الكتل".

ولا يستهين وعد بمهمة الكاظمي حتى وإن اتفقت الكتل السياسية عليه مبدئيا، لأنهم حتماً سينقلبون عليه بعد انتهاء الفترة الدستورية كما حدث مع غيره. حسب رأيه.

ووفقا للدستور العراقي فإنه لدى الكاظمي فترة (٣٠) يوماً لتشكيل الكابينة الوزارية الجديدة وعرضها على البرلمان لاستحصال الموافقة.

يقول  وعد "ثمة أوضاع خطيرة يشهدها العالم بشكل عام والعراق خاصة، وهو ما يثير المخاوف في عدم قدرة الكاظمي على تخطي المرحلة وتشكيل حكومة تغيير وإصلاح بشكل يرضي الشعب". 

"شخصية مثقفة"

ولا يبدِ بعض الذين شاركوا في تظاهرات تشرين الماضية اعتراضاً على تكليف الكاظمي لتشكيل الحكومة حتى الآن. 

يقول مروان حميد، وهو مستشار قانوني "رغم أن ترشيحه الذي جاء عن طريق الكتل السياسية لا يتوافق مع مطالب المحتجين في البلاد، إلا أن الكثير منهم يرى الكاظمي الأنسب لرئاسة الوزراء الحالية".

ويضيف لـ "ارفع صوتك"،  أن الكاظمي "شخصية مثقفة للغاية ولكن هذا لا يكفي لحل الأزمات الخطيرة والمتراكمة في البلاد".

ويشير مروان الذي شارك في تظاهرات أكتوبر، إلى "حاجة العراقيين لرئيس وزراء يؤدي مهمته بإخلاص في تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن الانتماءات السياسية وأجنداتها لمعالجة أزمات البلاد ومحاربة الفساد المستشري". 

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.