العراق

في جنوب العراق.. جراد وقوارض وحديث عن مبيدات منتهية الصلاحية

09 أبريل 2020

جراد وقوارض بأعداد ضخمة تهاجم المزارع في محافظات النجف والمثنى والديوانية.
حجم الأضرار حتى الآن، إتلاف نصف كمية المحصول السنوي من الحنطة في تلك المناطق، وتهديد النصف المتبقي في حال عدم مكافحة ذلك الهجوم، بحسب روايات عدد من المزارعين في تلك المحافظات.
لكن وزارة الزراعة قلّلت من حجم الأضرار.
المزارع عبد الزهرة الحاج، من منطقة "الجريوية" في محافظة النجف، زرع هذا العام 1000 دونم من الحنطة، لكنه خسر معظم محصوله بسبب القوارض.
يقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "لم نتأثر بالجراد، لكن القوارض أكلت زرعنا، أما دوائر الزراعة فمتوقفة عن العمل حاليا".


المعالجة صعبة
وفي النجف أيضا، وتحديدا في منطقة "الحيرة"، نجح المزارعون بالتعاون مع دائرة الزراعة في مكافحة هجوم الجراد.
يروي المزارع والموظف في دائرة زراعة الحيرة رعد جبار، أن عملية المكافحة نجحت في "طرد الجراد، لكن حصول هجوما آخر من قوارض، لا تملك دائرة الزراعة ولا المزارعون أدوية مكافحة للقوارض تسبب بكارثة أخرى".
خسر جبار نصف محصوله من الحنطة من مساحة مزرعته الممتدة على 25 دونما، ولا يستطيع إخفاء خوفه على ما تبقى من محصوله، على حد وصفه.
يقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "موضوع القوارض معقد، حاولنا المعالجة بما نمتلك من مبيدات لكن دون فائدة".
ويضيف "من المحتمل ينتهي محصول الحنطة بشكل كامل في مناطقنا قبل الصيف".
هذه الأحداث تتزامن مع هجوم لأسراب كبيرة من الجراد على تلك المناطق.
ووفقا للمزارعين، فإن الجراد جاء من صحراء السعودية، والآن توجه نحو مقبرة النجف، وهذا ما تظهره مقاطع فيديو أرسله بعض المزارعين للموقع.

مبالغة وتهويل
لكن وزارة الزراعة وصفت الحديث عن تلف محصول الحنطة بـ"المبالغ".
يقول المستشار الأقدم في الوزارة مهدي ضمد القيسي، "بالدقة، لم يكن ضرر الجراد بالحجم الذي هوّل، بأن نصف المساحة انتهت من الحنطة، لأن الجراد دخل إلى المحافظات المجاورة للدول التي قدم منها الجراد وتحديدا السماوة والمثنى هي الديوانية والبصرة والنجف وكربلاء لأنها محادية للسعودية والكويت وإيران"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك) بأن المناطق التي دخل إليها الجراد "لم تكن مزروعة بالحنطة، فالمساحات الكبيرة لزراعة الحنطة تتركز في واسط وصلاح الدين ونينوى والأنبار".
أما في الديوانية "بالفعل دخل إليها جراد وفيها محاصيل حنطة، لكن كفاءة مدير الزراعة في المحافظة الذي جند كل طاقاته وإمكانيات دائرة وقاية المزروعات قضوا حتى على بيوض الجراد التي تركها، قاموا بنبش الأرض ورشها بالمبيدات للتهيؤ لعملية الفقس مكافحة"، بحسب القيسي.
ويتابع "تزامن مع الجراد الهواء بالاتجاه المعاكس كانت تدخل وتغادر سريعا باتجاه الكويت وهذه موثقة لدى الوزارة".
وفي الأيام الأخيرة لموجة الجراد تحول اتجاه الرياح إلى الداخل العراقي ودخل كميات من الجراد لكن "بالتعاون مع طيران الجيش، تم تحوير المروحيات العسكرية وتثبيت خزانات المبيدات وأجهزة الرش عليها، واستخدامها في المكافحة، الوضع كان مسيطر عليه، دخل الجراد لكن ليس بكميات التي دخلت دول الخليج"، يقول المستشار الأقدم لوزارة الزراعة.

شبهات فساد
في هذه الأثناء، يثير مدير دائرة في وزارة الزراعة ملفاً آخر يتعلق بشبهات فساد تقف وراء موضوع القوارض والجراد.
يقول المدير الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن "المبيدات التي استخدمت كانت منتهية الصلاحية"، مضيفا في حديث لموقعنا أن "مكتوب على المنتج المبيد صالح للاستخدام لمدة ثلاث سنوات، تاريخ الإنتاج لا يوجد على العلبة التي تم استيرادها، في يجب أن يكون مكتوب عليها تاريخ الصنع".
ويتابع "تاريخ الإنتاج على أقل تقدير 2015، لأنه دخل العراق في هذا العام، فإنه أصبح منتهي الصلاحية قبل عامين".
أرسل المدير المتحدث صورة لغلاف المنتج، وأكد أن كميات كبيرة موجودة منه في مخازن الوزارة بمنطقة الصويرة.

وتابع بقوله "ادّعت الجهة المستوردة داخل الوزارة أنها تأكدت من الجهات المختصة بأن المنتج وإن كان منتهي الصلاحية لكنه يبقى صالح للاستخدام لثلاث سنوات أخرى، لكن القاعدة المعروفة وخصوصا في المواد الكيمياوية، أنها بعد تاريخ الصلاحية تصبح ضارة".
لم ينفِ مستشار الوزارة الموضوع أو يؤكده لعدم "وصول تقارير إلى الوزارة تفيد بوجود مواد منتهية الصلاحية"، لكنه استبعد هذا الأمر، خصوصا بعد "النتائج الإيجابية التي حققتها عملية مكافحة الجراد".

المبيدات هي السبب
لم ينتهِ المشهد حتى الآن، بل ظهر مرض جديد في المحاصيل وهو مرض "صدا الحنطة"، وفقا للمزارع جبار.
ويقول: "حاولنا المكافحة لكن إمكانياتنا لوحدها لا تكفي".
فيما يضيف المزارع عبد الزهرة بأن "المزارعين في منطقته لا يستطيعون معالجة هجوم القوارض على مزارعهم بسبب "قطع الطرق والأسواق مغلقة ونحن لا نمتلك مواد المكافحة".
وناشد المزارع وزارة الزراعة بالتدخل السريع، ويحذر من كارثة اقتصادية قد تحل بمزارع جنوب ووسط العراق في حال إهمال الموضوع.
بدوره يلفت مدير الدائرة المتحدث بأن "انتهاء صلاحية تلك المواد هو ما يقف وراء الآفات التي ضربت تلك المزروعات".

استثناء
ورغم حظر التجوال المفروض في العراق "مثل معظم دول العالم لكن لم تغفل عن هذا الشيء، فقد طالبت بكتاب رسمي من قيادة العمليات ومكتب رئيس الوزراء بالسماح لمكاتب الزراعية والبيطرية الأهلية أن تفتح لتقدم خدماتها للمزارعين"، يقول المستشار الأقدم للوزارة.
ويكرر القيسي وصفه للموضوع بالمبالغ"، موضحا "لدينا مدراء زراعة متمكنين ونشطين، لم يتطرقوا للوزارة بوجود كارثة سببها القوارض في تلك المحافظات".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.