A man walk past shops that are shuttered in a nearly empty street during a curfew to help fight the spread of the coronavirus,…
محال تجارية مغلقة بسبب حظر التجوّل في بغداد

لم يتمكن ليث حاتم (٥١ عاماً) من دفع إيجار محله الذي يعمل فيه منذ أربعة سنوات إلاّ بعد أن استدان المال اللازم. 

يقول إنه "استدان من معارفه بعد عجزه عن إقناع مالك المحل بالتريث قليلاً لحين انتهاء أزمة كورونا".

"لقد أمهلني يوماً واحداً فقط لدفع الإيجار، مهدداً بإخلاء المحل، وهو ما يحدث الآن مع كثيرين غيري بسبب انخفاض عدد الزبائن"، يضيف ليث لـ"ارفع صوتك".

"وضع صعب"

في الوقت الذي أعفت الكثير من المؤسسات الحكومية ودوائرها المستأجرين لأملاكها وعقاراتها من دفع بدلات الإيجار، مراعاة للظروف التي تمر بها البلاد في مواجهة فيروس كورونا المستجد،  بدت الأمور مختلفة بالنسبة لأصحاب المساكن والمحال التجارية الخاصة، الذين شرعوا في تحصيل الأموال كاملة من المستأجرين.

يقول ليث لـ "ارفع صوتك" إن "الجميع يعاني من أزمة مالية، لكن يمكن ملاحظة ذلك بشكل أوضح عند مستأجري المحال التجارية، لأن مصادر دخلهم توقفت، وقد يطردون منها".

يضيف "أنا في وضع صعب، وقد أعجز عن الوفاء بديوني وكذلك إيجار المحل نهاية هذا الشهر، إذا استمرت أزمة كورونا".

وكانت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية في العراق، فرضت في 16 مارس الماضي حظر التجول للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد. 

واستثنى حظر التجول الشامل في العراق، العاملين في دوائر الصحة والقوات الأمنية والإعلاميين المعتمدين ومحال بيع المواد الغذائية والخضار.

المنازل والشقق

لا يقتصر تحصيل الإيجارات على المحال التجارية وحدها، فالمنازل والشقق في مختلف أنحاء البلاد تواجه المشكلة ذاتها. رغم أن البعض اقترحوا فكرة تأجيلها.

"ومع هذا يسخر الكثير من أصحاب المنازل والشقق من هذا الاقتراح، وما زالوا يطالبون بأجور عقاراتهم" يقول زيد مسعود.

وزيد (49 عاماً) يمكنه توفير إيجار المنزل لأنه يعمل في وظيفة حكومية، لكن شقيقه الذي يعمل سائق سيارة أجرة، لم يستطع توفيره، ما اضطرّه لاستدانة المبلغ.

وتوقفت العمال والكسبة من أصحاب الأجر اليومي في القطاعات الخاصة وغير الحكومية، عن العمل خلال الفترة الماضية، متروكين دون موارد مالية، بالتالي لا يملكون قيمة إيجارات مساكنهم.

يقول زيد لـ"ارفع صوتك":  "يرفض أصحاب الأملاك والعقارات، لا سيما المنازل، التنازل عن مبالغ إيجاراتها أو تأخيرها عن موعدها حتى، بحجة أن هذه حقوقهم وعلى من يتجاهلها تركها".

كما أن تخفيف الضغوط على مؤجري هذه العقارات لغاية السماح بالعودة لأعمالهم بنظرهم "ليست من واجباتهم" وفق زيد.

ويتابع "الكثير من أصحاب المنازل قاموا بتقسيمها إلى شقق صغيرة وتأجيرها، لتوفير دخل شهري يكفي لتغطية النفقات المعيشية".

وشهدت مؤشرات الفقر داخل العراق تراجعاً في معدلاتها خلال عام 2018 وفقا للمسح الذي نفذته وزارة التخطيط لرصد وتقويم الفقر ، إذ سجل مؤشر الفقر انخفاضا من 22.5% عام 2014 إلى 20% عام 2018، في حين لا تزال محافظة المثنى المحافظة الأكثر فقراً بين المحافظات بنسبة وصلت إلى 52%.

أصحاب الأجور اليومية

يرى الخبير الاقتصادي جاسم خالد أن المستأجرين هم الأكثر تضرراً من أزمة  كورونا.  

يقول لـ "ارفع صوتك": "الإيجارات الشهرية من المشكلات التي تؤرق حياة أصحاب الأجر اليومي، فعندما يعجز أحدهم عن دفع استحقاقاتها المالية يطلب صاحب البيت الذي يستأجره منه تركه ليتمكن من تأجيره لغيره".

كما أن مبالغ الإيجارات "مرتفعة عادة مقارنة بمدخولات المستأجرين المالية، ما يعني صعوبة إيجاد سكن بديل" خالد.

وهذه المشكلة "قديمة" كما يقول، والسبب "عدم جود قانون يحمي المستأجر من رغبات المؤجر الذي قد يحرمه من السكن أو يرفع قيمة الإيجار".

وأمس الأحد، قررت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية (مكافحة جائحة فيروس كورونا) أن يكون حظر التجول من الساعة 7:00 مساءً إلى ٦:٠٠ صباحاً، بدءاً من يوم غد الثلاثاء حتى 22 أيّار المقبل، مع شمول يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع بالحظر الشامل التام، وبذات الاستثناءات والإجراءات السابقة، واستمرار الفئات المستثناة سابقا بمزاولة أعمالها بما فيها أفران الصمّون والصيدليات. 

كما قررت الاستمرار بمنع التجمعات التي يتجاوز عدد أفرادها ثلاثة أشخاص، والسماح للمطاعم بتقديم خدمة التوصيل حصراً، ولا يسمح بفتح قاعات استقبال الزبائن فيها، وكذلك السماح بمزاولة الأعمال وفتح المحال التجارية والمصانع والمعامل خلال ساعات النهار في أوقات رفع الحظر وبالحد الأدنى من العاملين، والتعهد بتطبيق إجراءات الوقاية الصحية وعدم التجمع، مع الاستمرار بغلق المدارس والجامعات ودور العبادة والمقاهي والملاعب الرياضية والمولات وقاعات الافراح ومنع اقامة مجالس الفاتحة والعزاء والتجمعات.

وسمحت اللجنة بمواصلة الدوام في المؤسسات الحكومية بالحد الأدنى من العاملين وللضرورة حصراً، على ألا يتجاوزوا نسبة 25%، ومنع عمل وسائل النقل الكبيرة التي يزيد عدد ركابها عن أربعة اشخاص، والسماح لمركبات الأجرة الصالون بالعمل، وفرض غرامة مالية على كل من لا يلتزم بارتداء الكمامات دون استثناء، وغيرها من إجراءات احترازية لمنع تفشّي فيروس كورونا.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.