People shop in preparation for the Muslim fasting month of Ramadan, in Baghdad, Iraq, Tuesday, April 21, 2020. Ramadan begins…
عراقيون يتسوقون لشهر رمضان بعد فك الحظر جزئياً داخل البلاد/ ا ب

تمكن حسين رسول (53 عاماً)،  من العودة لعمله كسائق تاكسي، للمرة الأولى منذ شهر، بعد قرار  اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية (مكافحة جائحة فيروس كورونا) بفك جزئي لحظر التجوّل في العراق.

وشملت ساعات فك الحظر الفترة الصباحية بدءاً من الساعة السادسة صباحاً، تنتهي الساعة السابعة مساءً، بدأت أمس الثلاثاء، وتستمر حتى 22 مايو المقبل.

يقول حسين لـ "ارفع صوتك": "تبدو الحياة عادية. عادت حركة السيارات في والمرور من جديد". 

ويضيف  أن "السائقين معتادون على قلة الزبائن لكثرة سيارات الأجرة، لكن هذا تغير الآن. أقود سيارتي للعمل اليوم دون الحاجة لاصطياد الزبائن لإيصالهم".

وبخلاف الوضع ما قبل حظر التجوّل، الذي بدأ 16 مارس الماضي، فإن أكثر العراقيين يشعرون أن رفعه "جزئياً" تسبب في ازدهار بعض الأعمال فعزم الكثير من أصحابها ألاّ يعودوا لمنازلهم حتى ساعة الحظر.

في نفس الوقت، يخشى حسين على حياته في هذا الوضع أكثر من السابق. ويعتقد أن الناس "قد تهمل الاحترازات الوقائية بعد أيام من الاعتياد على هذا الوضع، وسوف يبدأ أصحاب الرشاوى باستغلال كل مخالف لصالحه كما السابق". 

وتسمح اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية، بمزاولة الأعمال وفتح المحال التجارية خلال ساعات النهار في أوقات رفع الحظر وبالحد الأدنى من العاملين، مع التعهد بتطبيق إجراءات الوقاية الصحية وعدم التجمع.

إجراءات السلامة 

تحاول إقبال ناصر (49 عاماً) الآن أن تستعيد زبونات صالون التجميل السابقات، عبر إعلانها عن استئناف العمل، عبر صفحاتها في مواقع التواصل.

تقول لـ "ارفع صوتك": "فوجئت بانتظار عدد من الزبونات أمام واجهة الصالون، للحجز خشية إعادة فرض حظر للتجوال بشكل كامل".

وعلى الرغم من الإقبال الكبير على حد تعبيرها، إلا أنها "تشعر بالقلق" من عدوى فيروس كورونا، تقول إقبال "أقوم بتعقيم مقابض الباب وكل المقاعد وأدوات التزيين بين زبونة وأخرى".

وترى أن "إجراءات السلامة متعبة للغاية" مضيفة "سأكون عرضة للعدوى باستمرار، إذ أن الكثير من الزبونات يعمدن إلى خلع الكمامة عند الدخول للمحل خصوصا إذا كان التجميل لوجهها".

لكنّ إقبال "مضطرة لمزاولة عملها رغم المخاوف" لأنه "الوحيد الذي تجيده" حسبما تقول.

وكانت وزارة الصحة العراقية حذرت من التراخي في تطبيق شروط السلامة، وأكدت أنَّ العراق لم يغادر بعد مرحلة الخطر من تفشي فيروس كورونا المستجد.

ضغوط نفسية

ترتدي عواطف عماد (47 عاماً)، وهي موظفة حكومية، كمامة للوجه أثناء العمل. 

ولا تشعر بارتياح من حظر التجوّل الجزئي، تقول "رغم عودة الحياة إلاّ أنها تبدو مقيدة، كما أن القلق لا يفارقني، وأتعرض لضغوط نفسية كبيرة". 

وتشير عواطف في حديثها لـ"ارفع صوتك" إلى أنها "تبذل قصارى جهدها في في الحفاظ على المسافة الاجتماعية، لأنها تعاني من مشاكل صحية في الرئة".

وتضيف "لا أثق بقدرتي على الاستمرار في ذلك، فالأجواء غير مشجعة، وأواجه صعوبة في الذهاب إلى مقر عملي والعودة منه بسبب إجراءات الوقاية في التنقل".

من جهته، يحذر الخبير الصحي الدكتور نجم العامل، من أن رفع حظر التجوّل "جزئياً" لن يكون من التدابير الفعالة لكبح انتشار فيروس كورونا المستجد.

يقول لـ"ارفع صوتك": "الناس لن يلتزموا بالتباعد الاجتماعي وسيكون التخفيف من تدابير الوقاية فرصة لنشر المرض بيهم".

ويضيف "من المبكر جداً التخفيف من إجراءات الإغلاق، لأنها جاءت بالتزامن مع تحذيرات وزارة الصحة العراقية من التراخي في تطبيق شروط السلامة".

ويتساءل "لم تستطع الإجراءات مع الحظر الكامل من السيطرة على الجميع في اتباع التعليمات فكيف سيكون الوضع بعد رفعه جزئياً؟".

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.