جانب من مدينة أربيل خلال حظر التجول
جانب من مدينة أربيل خلال حظر التجول

رغم فقدانه العمل بسبب إجراءات الحجر الصحي الذي تفرضه حكومة إقليم كردستان شمال العراق، للوقاية من انتشار فيروس كورونا، وجد صمد حسن فرصة أخرى في بعد انتعاش خدمات الديلفري داخل أربيل، لتأمين لقمة عيشه.

وسمح قرار حظر التجول المفروض في كافة مدن كردستان منذ 14 مارس الماضي، بالإبقاء على خدمات التوصيل للبضائع (غذائية وإلكترونية وغيرها)، ما زاد الطلب على العاملين فيها.

يقول صمد، الذي كان يعمل قبل الحظر في محل لتصليح الموبايلات (سوق أربيل) إنه بدأ العمل مع شركة أعلنت حاجتها لموظفي ديلفري، كسائق دراجة، بعد أن كان حائراً وقلقاً من صعوبة تأمين قوت يومه له ولعائلته.

وتكبد القطاع الخاص في إقليم كردستان خسائر كبيرة بسبب أزمة كورونا، إذ بات نحو 150 ألف موظف وعامل من عمال الشركات عاطلين عن العمل، فيما بلغت خسائر القطاع الخاص في الإقليم خلال شهر واحد من إجراءات الحجر أكثر من مليار دولار، وفق إحصاءات رسمية.

زيادة في الخدمات

دلسوز نوزاد من أربيل كانت تتسوق بنفسها يوميا قبل أزمة كورونا، لكنها اضطرت منذ بدء الحجر الصحي إلى الاعتماد على خدمات الديلفري للحصول على ما تحتاجه من مواد غذائية وفواكه وخضروات.

تقول لـ"ارفع صوتك": "بعد أن كنا نعتمد على الديلفري في الحصول على وجبات الطعام من المطاعم، الآن نتخذها وسيلة للحصول على المواد الغذائية، وأسبوعياً أعد قائمة بالمواد التي أحتاجها وأطلبها من المتجر، عبر تطبيق إلكتروني خاص بشركة توصيل، فتأتيني لباب المنزل".

وتوضح أن "الاعتماد على خدمة التوصيل تجنبها وعائلتها خطر فيروس كورونا، وتجعلها ملتزمة بالإجراءات المفروضة من الحكومة".

ومع أن خدمات إيصال المواد الغذائية كانت متوفرة في إقليم كردستان ومدن العراق الأخرى قبل انتشار الوباء، إلا أن الأزمة زادت إقبال الناس عليها.

دراجات نارية

بدوره، يقول حيدر علوش، وهو صاحب شركة "G-bli" الخاصة بتقديم خدمات التوصيل في أربيل "تضاعفت طلبات التوصيل منذ بدء إجراءات حظر التجوّل، ما دفعنا لزيادة عدد الموظفين، من اثنين إلى اثني عشر موظفاً".

وضيف لـ"ارفع صوتك": "يستخدم موظفونا دراجات نارية لإيصال الطلبات للزبائن، وغالبية الموظفين الجدد ممن فقدوا عملهم بعد الحظر".

ويتلقى علوش وموظفوه الطلبات يومياً عبر تطبيق إلكتروني للشركة، يمكن للزبون أن يحمّله على هاتفه ويسجل فيه، ثم يختار ما يحتاجه من البضائع لتوصلها الشركة إليه.

وتتلقى الشركة على توصيل كل طلبية مهما كان حجمها للمناطق القريبة داخل مدينة أربيل ٢٠٠٠ دينار عراقي (دولار ونصف)، وللمناطق البعيدة عن مركز المدينة 3500 دينار (حوالي 3 دولارات)، أما خارجها فيكلّف 4000 دينار (3.3 دولار).

وتوفر الشركة إلى جانب خدمة إيصال المواد الغذائية والخضروات والفواكه، خدمة أخرى توفير فنيين لإصلاح الأعطال التي تحدث في الأجهزة االمنازل.

ويؤكد علّوش أن شركته أكد تستخدم "دراجات نارية كاتمة الصوت ذات محركات صغيرة قليلة التلوث، مخصصة لخدمة الديلفري، مع الالتزام الكامل بالتعليمات الصحية الخاصة بالوقاية من الوباء التي أصدرتها وزارة الصحة". 

في ذات السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي خطاب عمران الضامن، استئناف خدمة التوصيل المنزلي للسلع والخدمات المختلفة "أمراً مهماً لكسر الجمود الذي تعاني منه الأسواق".

وأضاف لـ"ارفع صوتك":  "هذه الخدمة ستساهم في استعادة قطاعات واسعة من العاملين لدخلهم الذي فقدوه بسبب حظر التجول المفروض للوقاية من فيروس كورونا".

وأشار الضامن الى أن الظروف الراهنة ، ستدفع العوائل العراقية للإقبال على الاستعانة بخدمات التوصيل لتلبية مطالبها، كي لا تجازف بكسر حظر التجوّل.

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.