العراق

كيف انعكست أزمة كورونا على استقبال العراقيين لرمضان؟

23 أبريل 2020

دأبت الحاجة أم رعد على تحضير قائمة تضم مجموعة من أكلات خاصة بشهر الصيام وصنوف من "الكبة" والحلويات التي كان يختارها أفراد عائلتها وتحفظها في الثلاجة قبل حلول رمضان بأيام، لكن هذا العام بدا مختلفاً.

تقول لـ"ارفع صوتك" إن "بسبب أزمة كورونا، تغيّر الوضع الآن. وربما سيزداد سوءاً".

ويأتي شهر رمضان مع تأخر صرف رواتب الموظفين وفقدان الكثير من المواطنين وظائفهم وأعمالهم، وارتفاع أسعار مختلف السلع الغذائية.

هذا الوضع دفع أم رعد  إلى اتخاذ تدابير تقشفية، مثل التسوق يوماً بيوم لإعداد الفطور بدلا من الإنفاق بشكل مسبق لمؤونة الشهر كاملة. 

وترى أن "هذه التدابير ستساعدها على توفير الاحتياجات الأساسية فقط لحين التعافي من الأزمة".

طقوس رمضان

على الرغم من تداعيات انتشار وباء كوفيدي-19، لا ترى أمل مشعل (51 عاماً) هذا العام مختلفاً عن سابقه، تقول "جهزت لرمضان كما اعتدت سنوياً".

وتعتبر أن قيمة شهر الصيام بـ"التسوّق والتجهيز لعيد الفطر بعده، بالإضافة إلى الزيارات العائلية والتجمع على مائدة الإفطار".

تقول لأمل لـ"ارفع صوتك": "لا يمكنني التنازل عن إحياء طقوس رمضان، لقد مررنا بأزمات أكثر خطورة ولم نغيّر طريقتنا في استقبال الشهر". 

يأتي ذلك بالتزامن مع قرار اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية (مكافحة جائحة فيروس كورونا) بفك جزئي لحظر التجوّل في العراق، وسط انتقادات توصي المواطنين بالبقاء في منازلهم والابتعاد عن شراء الملابس والمواد غير الأساسية، تجنباً لزيادة انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد.

في ذات السياق، يقول كريم خلف الذي يعمل بالمياومة "يمكنني عدم صيام  شهر رمضان لأن الدين أجاز الإفطار لمن لم يتيسر له".

ويرى أن عدم قدرته على تحمل التكاليف اللازمة للعلاج في حال إصابته هو أو أحد أفراد عائلته المتكونة من سبعة أفراد بفيروس كورونا وراء ذلك. 

يقول كريم الذي تبنى هذا الخيار لـ"ارفع صوتك": " منذ شهر  وأنا عاطل عن العمل، بسبب إغلاق المطعم الذي كنت أعمل فيه". 

هلال رمضان إلى جانب مسجد الملك حسين في العاصمة الأردنية عمان
رمضان في زمن كورونا .. بين وجوب الصوم وجواز الإفطار
صوم رمضان فريضة واجبة لدى المسلمين، لكن مع انتشار جائحة كورونا انتشرت عدة تساؤلات حول وجوب الصيام في هذا الظرف الاستثنائي، المرجع الشيعي علي السيستاني أجاز للخائف من الإصابة بالمرض الفطر، فيما لم تجيزه دور الافتاء في الأردن ومصر وتونس

وقررت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية في العراق والتابعة لمجلس الوزراءاتخاذ عدة خطوات لدعم للعوائل المتضررة من وباء كورونا وحظر التجوّل، أبرزها إطلاق منح مالية شهرية مؤقتة. 

في المقابل أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، التواصل مع المشمولين بالمنحة عبر أرقام الهواتف المسجلة، مشيرةً إلى أن "عدد الأفراد في الاستمارات بلغ أكثر من 12 مليونا".

الصوم والعمل في النهار

هشام البياتي (47 عاماً) وجدَ أن عودته للعمل بعد فك حظر التجوّل جزئياً "خفف عنه مشقة توفير المعيشة".

والكثير من أصحاب المتاجر كانوا يغلقونها خلال ساعات النهار في رمضان، ويفتحونها ليلاً.

ويدير هشام متجراً لبيع الملابس في سوق البياع الشعبي، يقول لـ"ارفع صوتك": "كنّا نعمل من وقت الفطور حتى فجر اليوم التالي، لأن الزبائن اعتادوا على الصوم بالنهار والخروج للزيارات والتسوق بعد الفطور".

لكن الأمر تغيّر بعد كورونا، بسبب استئناف ساعات حظر التجوّل بعد الساعبة مساءً حتى السادسة فجراً، ما سيدفع أصحاب المحلات لفتحها نهاراً وإغلاقها قبل بدء الحظر، وفق هشام.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.