10 ملايين دولار مقابل معلومات عنه... من هو الشيخ كوثراني؟
منذ وقت سبق مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد، برز اسم القيادي في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني على الساحة العراقية.
لكن بعد عملية الاغتيال، أصبح كوثراني الشخصية المحورية التي تحرك عجلات السياسة في بلاد الرافدين.
اسمه على لائحة الإرهاب
أدرج اسم كوثراني في لوائح سوداء أميركية لأكثر من مرة.
كانت الأولى عام 2013، حيث وضعت وزارة الخزانة الأميركية كوثراني على لائحة الإرهاب مع ثلاثة لبنانيين آخرين بتهمة دعم مجموعات متطرفة في العراق وتقديم دعم مالي لـ"فصائل" مختلفة في اليمن، ولـ"قادة عسكريين مسؤولين عن أعمال إرهابية" في كل من مصر والأردن وقبرص وإسرائيل.
وفي الأسبوع الماضي، رصدت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار مقابل "أيّ معلومات عن نشاطات وشبكات وشركاء" للكوثراني، وأشارت الى أن للقيادي اللبناني دورا في "التنسيق السياسي للمجموعات العسكريّة الموالية لإيران"، وهو تنسيق كان "يتولّاه في السابق الجنرال الإيراني قاسم سليماني".
ولدى حصول الغارة الأميركية التي أودت بسليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في الثالث من كانون الثاني/يناير، سرت شائعات عن إمكانية تواجد كوثراني ضمن الموكب. لكن سرعان ما تم نفي الخبر.
"نسخة لسليماني"
ويشكل ذلك دليلاً على مدى ارتباط القيادي اللبناني بهذا الملف، وبالتالي على الدور الكبير الذي أنيط به بعد تلك الضربة، حتى أن مسؤولاً عراقياً يصفه بـ"النسخة الأخرى من سليماني".
وتعتبر واشنطن أن كوثراني "يُسهّل أنشطة مجموعات تعمل خارج سيطرة الحكومة العراقيّة من أجل قمع المتظاهرين بعنف" أو "مهاجمة بعثات دبلوماسيّة أجنبيّة"، ويشارك في "تدريب وتمويل وتقديم دعم سياسي-لوجستي لمجموعات شيعيّة عراقيّة متمردة".
وبعد قرار الإدارة الأميركية، سرت أخبار في وسائل إعلامية محلية عدة عن تواجد كوثراني في بغداد، مشيرة الى أنه يقوم بمفاوضات حول الحكومة الجديدة في المنطقة الخضراء، لكن لم يكن في الإمكان تأكيد ذلك.
ويقول مصدر مقرب من محيط كوثراني للوكالة إن الأخير "هو مسؤول الملف العراقي المرتبط مباشرة بأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله منذ العام 2003".
ويشير مسؤولون يعرفون كوثراني عن قرب إلى أنه شخصية تمتلك "خبرة كبيرة جداً، ولعله الأجنبي الوحيد بعد سليماني العارف بتفاصيل المشهد العراقي".
دوره الحالي
حاليا، يتحكم الشيخ بـ"البيت السياسي الشيعي الولائي"، أي الأحزاب السياسية الشيعية العراقية التي تعتبر مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي مرجعها الفقهي والعقائدي.
عمل بعد عام 2014 على تيسير لقاءات ومصالحات بين العرب السنة الذين كان لهم موقف ضد السلطة الشيعية في بغداد، وتعاظم دوره بعد اغتيال سليماني والمهندس، وأصبح منسقاً بين المكونات السياسية من سنة وشيعة وأكراد.
وتؤكد مصادر دبلوماسية عراقية عدة للفرنسية أن لكوثراني "مونة" على السياسيين العراقيين، لدرجة أنه "طلب مبلغاً بملايين الدولارات من العراق لحلحلة الأزمة الاقتصادية في لبنان" قبل أشهر.
وتمّ هذا الطلب خارج القنوات الرسمية بين البلدين، ولم يتضح ما إذا كانت تمت تلبيته، بحسب المصادر، إلا أن محيط كوثراني نفى هذا الموضوع تماما.
اغتياله متوقع
ويفسر هذا الدور المتعاظم القرار الأميركي الجديد حول كوثراني.
ويقول المصدر المقرب من دائرة كوثراني "طلب معلومات عنه الآن قد يكون مقدمة لعملية اغتيال محتملة أو اعتقال".
ويضيف أن ذلك يندرج في سياق الاغتيال السياسي ومحاولة الولايات المتحدة ضبط الأدوار في المرحلة المقبلة، لأنها "غير قادرة على الدخول بمواجهة مع الإيرانيين مماثلة لاغتيال سليماني والمهندس".
ويرى أن "اغتيال قائد فيلق القدس الجديد اسماعيل قآني غير وارد في حسابات واشنطن حالياً، لذلك توجه الأميركيون إلى كوثراني لأنه حزبي لا يمثل دولة"، وبالتالي لا يترتب على ذلك أي تبعات دبلوماسية.
من هو "الشيخ"؟
توضح مصادر سياسية عدة، مقربة من دوائر القرار في العاصمة العراقية، لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق، أن كوثراني وهو من مواليد آخر الخمسينات، كان يرافق سليماني في جولات التفاوض مع القوى السياسية حول اختيار شخصية لرئاسة الحكومة.
ويلقب كوثراني في العراق ولبنان بـ"الشيخ" بسبب عمامته البيضاء.
يحمل الجنسية العراقية، وقد ولد وترعرع في العراق من والد لبناني.
وتقول شخصية إسلامية في بيروت أن كوثراني "من الجيل الأول في حزب الله. هو من عائلة علمائية وعلمية معروفة في لبنان، وكان من الذين رشحهم حزب الله الى المجلس النيابي في العام 1996".
درس كوثراني الفقه في شبابه في حوزة النجف بجنوب العراق، وهو متزوج من عراقية ولهما أربعة أولاد، ويتكلم بلهجة البلد، بحسب مقربين.