العراق

10 ملايين دولار مقابل معلومات عنه... من هو الشيخ كوثراني؟

23 أبريل 2020

منذ وقت سبق مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد، برز اسم القيادي في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني على الساحة العراقية.
لكن بعد عملية الاغتيال، أصبح كوثراني الشخصية المحورية التي تحرك عجلات السياسة في بلاد الرافدين.

 

اسمه على لائحة الإرهاب

 

أدرج اسم كوثراني في لوائح سوداء أميركية لأكثر من مرة.
كانت الأولى عام 2013، حيث وضعت وزارة الخزانة الأميركية كوثراني على لائحة الإرهاب مع ثلاثة لبنانيين آخرين بتهمة دعم مجموعات متطرفة في العراق وتقديم دعم مالي لـ"فصائل" مختلفة في اليمن، ولـ"قادة عسكريين مسؤولين عن أعمال إرهابية" في كل من مصر والأردن وقبرص وإسرائيل.
وفي الأسبوع الماضي، رصدت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار مقابل "أيّ معلومات عن نشاطات وشبكات وشركاء" للكوثراني، وأشارت الى أن للقيادي اللبناني دورا في "التنسيق السياسي للمجموعات العسكريّة الموالية لإيران"، وهو تنسيق كان "يتولّاه في السابق الجنرال الإيراني قاسم سليماني".
ولدى حصول الغارة الأميركية التي أودت بسليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في الثالث من كانون الثاني/يناير، سرت شائعات عن إمكانية تواجد كوثراني ضمن الموكب. لكن سرعان ما تم نفي الخبر.


"نسخة لسليماني"

 

ويشكل ذلك دليلاً على مدى ارتباط القيادي اللبناني بهذا الملف، وبالتالي على الدور الكبير الذي أنيط به بعد تلك الضربة، حتى أن مسؤولاً عراقياً يصفه بـ"النسخة الأخرى من سليماني".
وتعتبر واشنطن أن كوثراني "يُسهّل أنشطة مجموعات تعمل خارج سيطرة الحكومة العراقيّة من أجل قمع المتظاهرين بعنف" أو "مهاجمة بعثات دبلوماسيّة أجنبيّة"، ويشارك في "تدريب وتمويل وتقديم دعم سياسي-لوجستي لمجموعات شيعيّة عراقيّة متمردة".
وبعد قرار الإدارة الأميركية، سرت أخبار في وسائل إعلامية محلية عدة عن تواجد كوثراني في بغداد، مشيرة الى أنه يقوم بمفاوضات حول الحكومة الجديدة في المنطقة الخضراء، لكن لم يكن في الإمكان تأكيد ذلك.
ويقول مصدر مقرب من محيط كوثراني للوكالة إن الأخير "هو مسؤول الملف العراقي المرتبط مباشرة بأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله منذ العام 2003".
ويشير مسؤولون يعرفون كوثراني عن قرب إلى أنه شخصية تمتلك "خبرة كبيرة جداً، ولعله الأجنبي الوحيد بعد سليماني العارف بتفاصيل المشهد العراقي".


دوره الحالي

 

حاليا، يتحكم الشيخ بـ"البيت السياسي الشيعي الولائي"، أي الأحزاب السياسية الشيعية العراقية التي تعتبر مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي مرجعها الفقهي والعقائدي.
عمل بعد عام 2014 على تيسير لقاءات ومصالحات بين العرب السنة الذين كان لهم موقف ضد السلطة الشيعية في بغداد، وتعاظم دوره بعد اغتيال سليماني والمهندس، وأصبح منسقاً بين المكونات السياسية من سنة وشيعة وأكراد.
وتؤكد مصادر دبلوماسية عراقية عدة للفرنسية أن لكوثراني "مونة" على السياسيين العراقيين، لدرجة أنه "طلب مبلغاً بملايين الدولارات من العراق لحلحلة الأزمة الاقتصادية في لبنان" قبل أشهر.
وتمّ هذا الطلب خارج القنوات الرسمية بين البلدين، ولم يتضح ما إذا كانت تمت تلبيته، بحسب المصادر، إلا أن محيط كوثراني نفى هذا الموضوع تماما.

اغتياله متوقع

 

ويفسر هذا الدور المتعاظم القرار الأميركي الجديد حول كوثراني.
ويقول المصدر المقرب من دائرة كوثراني "طلب معلومات عنه الآن قد يكون مقدمة لعملية اغتيال محتملة أو اعتقال".
ويضيف أن ذلك يندرج في سياق الاغتيال السياسي ومحاولة الولايات المتحدة ضبط الأدوار في المرحلة المقبلة، لأنها "غير قادرة على الدخول بمواجهة مع الإيرانيين مماثلة لاغتيال سليماني والمهندس".
ويرى أن "اغتيال قائد فيلق القدس الجديد اسماعيل قآني غير وارد في حسابات واشنطن حالياً، لذلك توجه الأميركيون إلى كوثراني لأنه حزبي لا يمثل دولة"، وبالتالي لا يترتب على ذلك أي تبعات دبلوماسية.

 

من هو "الشيخ"؟

 

توضح مصادر سياسية عدة، مقربة من دوائر القرار في العاصمة العراقية، لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق، أن كوثراني وهو من مواليد آخر الخمسينات، كان يرافق سليماني في جولات التفاوض مع القوى السياسية حول اختيار شخصية لرئاسة الحكومة.
ويلقب كوثراني في العراق ولبنان بـ"الشيخ" بسبب عمامته البيضاء.
يحمل الجنسية العراقية، وقد ولد وترعرع في العراق من والد لبناني.
وتقول شخصية إسلامية في بيروت أن كوثراني "من الجيل الأول في حزب الله. هو من عائلة علمائية وعلمية معروفة في لبنان، وكان من الذين رشحهم حزب الله الى المجلس النيابي في العام 1996". 
درس كوثراني الفقه في شبابه في حوزة النجف بجنوب العراق، وهو متزوج من عراقية ولهما أربعة أولاد، ويتكلم بلهجة البلد، بحسب مقربين.
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.