العراق

تخفيف حظر التجول في العراق .. هل فتح الباب لكورونا؟

24 أبريل 2020

توافد المواطنون في العاصمة العراقية بغداد على الأسواق لشراء مستلزماتهم قبيل شهر رمضان، بعد تخفيف قيود حظر التجول المفروض للحد من تفشي فيروس كورونا.
وسمحت خلية الأزمة (اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية) للمحال التجارية بإعادة فتح أبوابها لساعات محددة، بعد تخفيف حظر التجول المفروض يهدف احتواء تفشي وباء كورونا في العراق.
لكن تدفق العراقيين بشكل كبير إلى الأسواق، دفع بالبعض إلى الامتعاض خوفا من انتشار الفيروس.

 

 

فيما رحب آخرون بـ"عودة الحرية التي افتقدوها منذ أكثر من شهر"، واصفين خطوة تخفيف الحظر بأنها فرصة جيدة للاستعداد لشهر رمضان.

إحباط وخوف

 

يقول سيف قاسم، من منطقة الدورة (جنوب بغداد)، إن "صبرنا على حجزنا لأنفسنا وعوائلنا داخل منازلنا لأكثر من شهر ضاع في يومين".
يخشى سيف (44 عاما) من انتشار وباء كورونا بسبب "الكثافة العددية الهائلة التي شهدتها أسواق بغداد"، موضحا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "شاهدت صور الناس الذين خرجوا إلى الأسواق في مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام وأصابني الإحباط والخوف، كل جهود الأجهزة الصحية والأمنية وحتى الأهالي الذين التزموا بالبقاء في بيتهم، ذهبت سدى".
رأي سيف تداوله مدونون كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوا إلى إعادة تطبيق قرار الحظر بشكل كامل.

 

ارتياح وقلق

 

لكن معسكرا آخرا من المواطنين أبدوا ارتياحهم لقرار تقليص حظر التجول.
واعتبروه فرصة للتسوق وشراء الحاجات الضرورية، خصوصا مع إقبال شهر رمضان.

يقول صباح الشمري من منطقة الكرخ (وسط بغداد)، إنه "بعد نحو شهر من حظر التجوال نفذت المأونة الغذائية في المنازل، لذلك أصبح من الضروري فتح فسحة للتسوق أمامنا".
يرتدي الشمري (64 عاما) كمامة "لحماية وجهه"، كما يصف، وينتقد في حديثه لموقع (ارفع صوتك) الذين خرجوا للتسوق دون اجراءات وقائية.
ويضيف، "يجب أن يعلم الناس أن تخفيف الحظر لا يعني زوال الخطر، يجب الالتزام بالإجراءات الوقائية، حفظ المسافات الكافية بين الأشخاص وارتداء الكمامات والاهتمام بالتعقيم والنظافة".

 

الخطر موجود، ولكن؟

 

أما أصحاب المحال، فيبدو أن تخفيف الحظر بمثابة فرصة للحصول على دخل مالي بعد نحو شهر من غلق محالهم.
فراس العيفاري، بائع في سوق الشورجة، أسرع إلى فتح بسطيته التي يبيع فيها بعض مواد العطارة التي تدخل في صنع الطعام.
يقول فراس (42 عاما)، "المتضررون من قرار حظر التجوال نحن أصحاب العمل اليومي، نبيع نحصل على المال، نغلق مصالحنا نبقى من دون دخل".
يرتدي فراس الكمامة والكفوف، ويتوخى الحذر عند حديثه مع زبائنه، "هذا ما أتمكن من فعله للوقاية من المرض، ليس بيدي حيلة، لست مثل الموظفين الحكوميين، يجلسون في منازلهم ويحصلون على مرتباتهم".
ويؤكد البائع فراس، أن "الخطر موجود فعلا، فالكثير من المتبضعين لا يعيرون أهمية لإجراءات الوقاية، كما يطالبون برفع حظر التجول، عليهم أن يلتزموا بإجراءات الوقاية".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.