في يوم العمّال.. عراقيون كسَبة يشكون أوضاعهم بعد الكورونا
يأتي يوم العمّال العالمي، وأغلب العمّال العراقيين في بيوتهم، لا خشية من عدوى فيروس كورونا المستجد، بل بسبب فقدانهم أعمالهم.
يقول سلمان حميد لـ "ارفع صوتك" إن "حظر التّجول الجزئي لأماكن العمل وتوقف الكثير من المشاريع الخاصة دفعه وغيره للبقاء في منازلهم".
ويعتبر سلمان (49 عاماً) الذي يعمل في محل حدادة، البقاء في المنزل "وسيلة لتلافي مصاريف التنقل من إلى محله في وقت لا يمكنه الحصول فيه على المال الكافي".
ويضيف "كنّا نفعل ذلك في الأزمات الاقتصادية عندما ينحسر سوق العمل أو يتوقف".
إلاّ أن حال كرار (29 عاماً) يختلف رغم تدهور الوضع بسبب الوباء. فمع اقترابه من السيارة، يبدأ بتغطية وجهه بشماغ بدلاً من الكمامة قبل أن يتحدث مع صاحبها.
مهمته هي الاتفاق على أجوره المالية لليوم الواحد قبل توجهه للعمل. في العادة يفعل عمال البناء هذا، لكن عادات الحصول على عمل الآن تغيرت.
يقول لـ "ارفع صوتك": "سنعود للتزاحم حول السيارات حين يزول خطر الوباء".
عادة، ما يتجمع عمال البناء في مكان متعارف عليه في كل منطقة، حتى يتمكن الباحثون عن عمّال بناء وترميم من رؤيتهم، وحين يجدونهم يختارون من يناسبهم.
وللمحافظة على فرصة عمله، يلجأ كرار إلى الركض مسرعاً نحو أية سيارة تقف في المكان والتزاحم مع الآخرين للاتفاق مع صاحبها.
يضيف لـ"ارفع صوتك" أن " أصحاب العقارات أوقفوا مشاريعهم في البناء والترميم بشكل مؤقت ريثما تنتهي أزمة فيروس كورونا".
ورغم أوضاعهم المالية السيئة، قرر الكثير من عمال البناء البقاء في منازلهم، أملاً في استئناف هذه المشاريع، إلا أنه يفضل الاستمرار في الذهاب إلى مكان تجمع العمال كل يوم على أمل أن تعود حياته الطبيعية.
"كان يمكن أن أبقى في البيت كغيري الكثير من العمال الذين أدركوا استحالة العثور على عمل يوفر لهم لقمة العيش الآن، لكني لم أتمكن من تحمل تبعات ذلك"، يقول كرار.
ويشير إلى أن حركة وتنقل المواطنين بشكل طبيعي في كل الشوارع والأسواق، كما أن المتاجر والمحلات مفتوحة.
ويقول كرار "بينما أعمالنا متوقفة.. أنا لم أعمل منذ أسابيع، وأوضاعي المالية متدهورة جداً".
أسوأ من السابق
كرار، ليس حالة استثنائية، وإنما جميع العمال والكسبة يعانون الآن من توقف الأعمال والمشاريع الخاصة بسبب تفشي فيروس كورونا.
تقول نوافل خضير (37 عاماً) التي كانت تعمل في شركة خاصة للطيران قبل أزمة الفيروس وأغلاق الشركة، إنها " تخشى أن يستمر هذا الوضع لأشهر طويلة".
وتضيف نوافل التي تعيل أفراد أسرتها " من الصعب تحمل هذا الوضع وسط تدهور أمورنا المالية وتوقف أعمالنا".
لكنها مستمرة بالبقاء في منزلها أملاً في انفراج الوضع رغم شعورها بأن القادم من تداعيات جائحة كورونا على سوق العمل سيكون أسوأ بكثير من السابق.
وكانت وزارة التخطيط العراقية، أعلنت عن إن معدل البطالة بين الشباب في البلاد يبلغ 22.6٪ غالبيتهم من الإناث.
وأوضح الجهاز المركزي للإحصاء التابع للوزارة، أن "معدل البطالة بين الشباب للفئة العمرية بين (15- 29) سنة يبلغ 22.6٪، و 56.3٪ منهم إناث".
وأضاف الجهاز أن "نسبة معدلات مشاركة الشباب في القوى العاملة تبلغ 36.1٪".
وهذه الأرقام أقل بكثير عن أخرى أعلنها صندوق النقد الدولي في مايو 2018، حيث بين أن معدل البطالة لدى شريحة الشباب في العراق تبلغ أكثر من 40٪.
ارتفاع مؤشرات البطالة
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي جاسم خالد، إن مشكلة البطالة "قديمة وأعداد العاطلين عن العمل في تزايد قبل أزمة الفيروس ولا وجود لأية إستراتيجية حقيقية للحكومة العراقية في هذا الشأن".
لكن تفشي الفيروس أحدث تأثيرا كبيراً في ارتفاع مؤشرات البطالة، وأنه من "المستحيل" إيجاد الحلول ما لم ينته الوباء، يضيف الخبير.
وسجلت وزارة التخطيط العراقية خلال الأسابيع الماضية 18 مليون طلب إعانة بطالة بسبب تأثير إجراءات الحظر الوقائي من تفشي فيروس كورونا على سوق العمل.
ويحذر جاسم من أن استمرار ارتفاع مؤشرات البطالة " يعطي العصابات الإجرامية فرصة لاستقطاب المزيد من الشباب العاطل لمواجهة الفقر".
وكانت لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، قد أعلنت في وقت سابق عن تجاوز نسبة البطالة والعاطلين عن العمل أكثر من 42% في عموم محافظات البلاد.
وقالت عضو اللجنة ندى شاكر، إن "نسبة البطالة والعاطلين عن العمل من الخريجين تجاوزت 42% في عموم محافظات البلاد"، لافتة إلى إن "عدد الخريجين العاطلين عن العمل قد يتجاوز خمسة ملايين شخص في الوقت الحالي".
وأضافت أن "وصول نسبة العاطلين عن العمل لأكثر من 42% مؤشر خطير وقد يولد توسع في قضية المخدرات والجريمة المنظمة"، مبينة أن "تزايد نسبة البطالة يعود لعدم تفعيل الاستثمار والصناعات المحلية من قبل الحكومة".
وكانت لجنة النزاهة النيابية أكدت، أن معدل المشاريع المدرجة بموازنة 2019 تقضي على البطالة بشكل نهائي في العراق، من خلال تشغيل القطاعين العام والخاص، مبينة أن سوء الإدارة والفساد المستشري وراء عدم تطبيقها.