عراقيون خائفون من فرض "الحجر المناطقي"
تشعر الحاجة أم رائد بالقلق الشديد بعد حجر ابنها وزوجته وأطفاله لمدة 14 يوما مع الوافدين من خارج العراق.
"الحجر الصحي الذي خضعوا له لا يختلف عن السجن بنظر ابني"، تقول أم رائد، في إشارة إلى أنهم قد جردوهم من أوراقهم الرسمية وجوازات السفر، لحين الانتهاء من مدة الحجر الصحي.
وخرج ابنها وأسرته، الذين هاجروا لإيطاليا عام 2001 من مركز للحجر الصحي، حيث أُخذت المسحات منهم، وأجريت لهم الفحوصات لتوكيد سلامتهم من الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
ويواجه العائدون من خارج العراق، إجراءات الحجر الصحي بعد أن يتم فحصهم في المنافذ الحدودية، وعند وجود حالات مشتبه بها يتم نقلهم إلى المستشفيات وإخضاعهم لفحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل".
أما بقية الوافدين فيتم حجرهم جميعا في أماكن مخصصة، ولمدة 14 يوما، أو الحجر المنزلي مع أخذ تعهد قانوني منهم بالالتزام بالحجر لحين ظهور نتائج الفحص.
من جهتها، تقول أم رائد لـ"ارفع صوتك" إن قلقها ليس بسبب ظروف الحجر الصحي بل في الضغوط التي تواجهها من قبل جيرانها ومعارفها في المنطقة، التي يسكنون فيها عقب عودة أسرة ابنها، منها مطالبتهم بإخلاء المنزل والانتقال لمنطقة أخرى.
"الناس بعد أن سمعت باحتمالية تطبيق قرار الحجر المناطقي. بدأت ترفض وجود أية حالة كانت مصابة بفيروس كورونا أو مشتبه بها داخل مناطقهم"، تقول أم رائد.
وتضيف أن الجيران يرددّون عليها عبارات مثل "ستحجرنا الحكومة كلنّا بسبب أسرة ابنك".
وتشير إلى أن أكثر من شخص تحدث معها وطالبها بالرحيل عن المنطقة حتى انتهاء أزمة كورونا، خشية عزل منطقهم.
ملابسات الحجر المناطقي
وسبق أن باشرت محافظة بغداد بجرد وتحديد المناطق التي تزداد بها أعداد الإصابة بفيروس كورونا دون غيرها، والتوجه إلى اعتماد خطة لتهيئة الحجر المناطقي.
وقال محافظ بغداد محمد جابر العطا إن "هناك 8 إلى 10 آلاف فحص تجريها دائرتا صحة الكرخ والرصافة يومياً.
من جانبه، يقول غانم باقر (51 عاماً) لـ"ارفع صوتك"، إن الخطوات التي تتناقلها الأخبار عن الحجر المناطقي تسببت بمخاوف من وجود عائلات أصيب أحد أفرادها بالوباء أو كان ملامسا له، خاصة مع عودة الوافدين من خارج البلاد.
"شقيقي أراد العودة من السويد ورفضت، حيث أخبرته بأن عودته ستتسبب بطردنا من المنطقة"، يوضح غانم.
ويشير إلى أن شقيقه "لم يكن مقيماً في السويد، بل زائراً لأغراض الدراسة"، لكنه لن يتمكن من العودة للعراق في ظل أزمة كورونا "لأنه يهدد وجود أسرة متكونة من 14 فرداً، خاصة أن الوباء شجع على مراقبة الجيران لبعضهم البعض"، حسب غانم.
ومنذ الإعلان عن تحديد المناطق التي تزداد بها أعداد الإصابة بفيروس كورونا، والتوجه إلى فكرة الحجر المناطقي، انشغل الأهالي بملابسات هذا الحجر وتداعياته خاصة في المناطق الشعبية.
كما أعلن العطا عن وجود "ثلاثة آلاف من العائدين للعراق، أغلبهم قدموا من مناطق موبوءة وجرت استضافتهم في المستشفيات المخصصة للحجر".
احتواء الأزمة
الخبير الاجتماعي رياض الخليل، يتساءل في حديثه لـ"ارفع صوتك": "هل تمهد محافظة بغداد لفك حظر التجوّل بشكل نهائي بعد الإعلان عن خطة الحجر المناطقي؟"
ويقول إن"فرض حجر مناطقي ليس ضروريا، لأن نظامه أمني لا صحي".
ويتابع الخليل أن "الإجراءات المتبعة لم تجعل من الفيروس مشكلة صحية تستهدف الناس بقدر تسببها في إخضاعهم والتهديد بعقوبات في حال مخالفتها، دون توعية كافية لإقناعهم بدور التباعد الوقائي في انحسار الوباء".
ومع استمرار تفشي مرض كوفيد-19، تجري كل من دائرة صحة الكرخ والرصافة بين ثمانية وعشرة آلاف فحص يومياً.
ويستغرب الخليل من اللجوء لإعداد خطة للحجر المناطقي بينما الحكومة لم تقم سوى بفحص بعض الآلاف من المشتبه بهم إلى الآن، في حين أن التعداد السكاني للعراق يقارب 40 مليون نسمة.
ويضيف "بدلا من عزل المصابين وحجرهم داخل مراكز صحية خاصة عند الحدود وعدم السماح لهم في الوصول إلى مناطقهم، تسعى الحكومة إلى الحجر المناطقي" وتدابيره التي لن توفر حياة طبيعية لسكان تلك المناطق".
كما أن العديد من المناطق لم تسجل سوى حالات إصابة قليلة بفيروس كورونا، وفق الخليل، مضيفاً "إلا أنها قد تجبر على تطبيق إجراءات الحجر المناطقي".