العراق

استعدادت نينوى وصلاح الدين لتجنب حرائق الموسم الزراعي

08 مايو 2020

مع بدء موسم حصاد الحنطة والشعير في العراق، تتصاعد المخاوف من حدوث حرائق تلتهم جهود الفلاحين وتهدد الأمن الغذائي للبلاد.

وكان الموسم الماضي 2019، شهد مئات الحرائق في عدد من المحافظات التي تتميز بغزارة إنتاجها من الحنطة والشعير، على الرغم من أن بعضها كان عرضياً نتيجة الإهمال أو بسبب شرارة ناتجة عن عمل المولدات الكهربائية في تلك الأراضي.

بدوره، قال المدير العام لدائرة زراعة نينوى دريد طوبيا لـ"ارفع صوتك"، إن مزارع الحنطة والشعير في المحافظة شهدت العام الماضي 327 حريقاً، كان أغلبها بتدبير تنظيم داعش.

ويضيف "عمد التنظيم إلى وضع كميات من البارود وسط المزارع وتوجيه أشعة الشمس عليها عن طريق العدسات من مكان بعيد وتفجيرها".

أما المساحات المحترقة من مزارع الحنطة والشعير في نينوى، فبلغت العام نفسه 2019 ، 320  ألف دونم، بواقع  160 ألف طن، رغم أن المحافظة لم تشهد حريقاً حتى الآن، إلا أن هاجس الخوف ما زال يتملك الجهات الرسمية في المحافظة .

خطط استباقية 

وضعت الجهات المسؤولة في نينوى خطة للسيطرة على الحرائق حال حدوثها، وتتلخص بمحورين كما يؤكد مدير زراعة المحافظة دريد طوبيا.

"الأول تواجد مفارز من الدفاع المدني مع الشعب الزراعية لتعضيد الجهد المشترك لإطفاء الحرائق، أما المحور الثاني فيقع على عاتق الفلاحين عن طريق حفر خنادق على حدود مزارعهم بعمق متر واحد لضمان عدم انتشار وامتداد النيران إلى بقية المزارع".

لكن حتى مع هذه الاستعدادات فإن طوبيا لا يبدو متفائلا بسبب قلة آليات الدفاع المدني قياساً بمساحة الأراضي الزراعية الشاسعه لمحافظة نينوى .

استعدادات مبكرة في صلاح الدين 

تعد محافظة صلاح الدين ثاني أكبر محافظة بعد نينوى بإنتاج محصولي الحنطة والشعير، وشهدت أيضا حرائق مفتعلة قام بها تنظيم داعش العام الماضي.

وحرق التنظيم (15-20) ألف دونم من الأراضي الزراعية الموسم الماضي، بخسارة قدرها 20 ألف طن.

من جهته، يقول مدير دائرة الزراعة سعد كامل، إن موسم الحصاد قد بدأ في الجهات الجنوبية من المحافظة . ولا يخفي قلقه من تجدد نشاط داعش بحرق المزارع، لا سيما أن هذه الحوادث بدأت في عدة محافظات وإن لم تكن مفتعلة.

أما استعداداتهم لدرء خطر الحرائق، يقول كامل "هناك خطة عمل مبكرة بتكثيف نشاط الأجهزة الأمنية وانتشارها، بالإضافة إلى قيام الدفاع المدني بحرق الأدغال المتيبسة التي تفصل المزارع حتى لا تكون واسطة لانتشار الحرائق بين المزارع بالاضافة إلى زيادة تواجد الفلاحين في أراضيهم حتى انتهاء موسم الحصاد".

توقعات بموسم وفير 

نظراً للأمطار الغزيرة التي شهدها الموسم الحالي، فإن وزارة الزراعة تتوقع أن يكون الإنتاج الوطني من الحنطة ستة ملايين هذا الموسم، فيما الحاجة المحلية تبلغ خمسة ملايين طن، أما الشعير فيتوقع إنتاج 1600 مليون، بسعر شراء للحنطة يبلغ 560 الف دينار و للشعير 420 الف دينار للطن  الواحد.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.