كيف ودع العراقيون عبد المهدي؟
في مقر مجلس الوزراء العراقي، جرت مراسيم تسليم الوزارة من الحكومة المستقيلة برئاسة عادل عبد المهدي إلى الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي.
في قاعة الاجتماع التي ضمت لقاء للحكومتين، انتهى اللقاء بتبادل حقائب جلدية، في رمزية إلى تسليم مسؤولية الوزارات من وزرائها السابقين إلى الجدد.
كانت هذه العملية مثار انتقاد شعبي على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تبادل الجميع لحقيبة واحدة، تميزت بوجود الملصق التجاري الذي نست تشريفات المجلس رفعه عن الحقيبة.
اخوان شنو سالفة الجنط؟ شنو موزعين بالحصة، شو كلهم نفس الجنطة و واحد منهم ما شالع الخيط بعده ما مفتوحه يعني طك الجيس؟ #شكرا_عادل_عبد_المهدي #محاكمة_عبد_المهدي #مصطفى_الكاظمي
— علي قيس الطائي - AliQaisAlTai (@AliQaisAlTai) May 8, 2020
(الهاشتاكات =تدخل التغريده بستتم التويتر، هكذا يقول معلللللمي).
مو حجي احمد @ahmedalbasheer1 pic.twitter.com/eDMYXFJi2y
على صعيد ردود فعل الشارع العراقي في مواقع التواصل لتوديع عبد المهدي منصبه، كانت لتركة المستقيل مع المتظاهرين، مئات القتلى وآلاف الجرحى، الحضور الأساسي في المدونات والمنشورات، وطالب بعضهم بمحاكمة عبد المهدي على تلك التركة.
على الأرض، خرج عبد المهدي حاملاً وزر عهد انتهى دامياً بمقتل متظاهرين، وعملية اغتيال أجّجت التوتر في المنطقة.
تسلم عبد المهدي (77 عاما) منصبه في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، ترك منصبه ليصبح أول رئيس حكومة يترك منصبه قبل نهاية ولايته، في عراق ما بعد العام 2003.
وكان من المؤمل أن يكون جسراً بين قوى عدة، بسبب انتماءاته السياسية المتعددة أثناء فترة معارضته للنظام السابق.
لكنه استقال تحت ضغط المتظاهرين الذين يربطونه بفضيحة عمرها عشر سنوات، متهمين أعضاء من فريق حمياته بارتكاب جريمة سطو مسلح على أحد مصارف بغداد، وكان يلقب عبد المهدي باسم ذلك المصرف.
ووصفه منتقدوه، بالحلقة الأضعف في وجه الأحزاب والمليشيات التي كانت تحاول تشديد قبضتها على دولة ينخرها الفساد والمحسوبية.
ويقول أحد كبار المسؤولين الذين عملوا لفترة طويلة مع عبد المهدي "إنه يحب الإجماع ويكره اتخاذ قرارات جذرية".
لكن في مواجهة عشرات آلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع، "كان مقتنعا بأن عليه أن يقاتل ضد انقلاب".
ويضيف المسؤول في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، "كان (عبد المهدي) يعلم بأنه لا يستطيع أن يكون ثورياً" وتمسك بحلفائه السياسيين لأن ليس لديه أي حزب أو دعم شعبي.
البحث عن السلطة
عبد المهدي درس الاقتصاد وولد لعائلة شيعية في بغداد تمتد جذورها إلى محافظة ذي قار.
عرف على يد والده الذي كان وزيرا في عهد الملكية التي سقطت عام 1958 في العراق.
انضم في بداياته إلى حزب البعث، وبعد ذلك، صار معارضاً لنظام صدام.
وانتقل ببداية مرحلة المعارضة إلى صفوف الشيوعيين، ثم انتقل إلى جبهة الإسلاميين، في منفاه بين سوريا ولبنان.
وصار عبد المهدي قياديا بارزا في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهي حركة أسسها محمد باقر الحكيم، وكان حينها رفيقاً لزعيم منظمة "بدر" هادي العامري.
بعد ذلك انسحب عبد المهدي من التشكيلات السياسية، وقدم نفسه كمستقل.
ويقول أحد المسؤولين السابقين طالباً عدم كشف هويته إن تلك التنقلات الكثيرة في السياسة "تقول إن عبد المهدي يريد شيئاً واحداً فقط: السلطة".
وبعد استقالته، بقي عبد المهدي رئيس حكومة تصريف أعمال لأكثر من خمسة أشهر، مع فشل شخصيتين قبل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، بتشكيل حكومة.
بعد عام 2003
بدأ مشوار عبد المهدي في السياسة العراقية كعضو في مجلس الحكم الموقت الذي شكلته القيادة العسكرية الأميركية بعد العام 2003.
ثم اختير لفترة وجيزة وزيرا للمالية في الحكومة الانتقالية، قبل أن يصبح نائبا لرئيس الجمهورية بعد أول انتخابات في العراق عام 2005.
وفي عام 2014، عين وزيرا للنفط في حكومة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، لكنه استقال من المنصب بعد عامين.
وانتقد المدونون فترة حكم عبد المهدي، لأنها كانت من أكثر الفترات انتشارا للسلاح خارج سلطة الدولة.
كما انها أودت بالبلاد إلى أزمة اقتصادية ومالية وسياسية.
وكان آخر قرار لعبد المهدي هو إيقاف صرف رواتب المتقاعدين، اتخذه قبل ساعات من تركه لمنصبه.