العراق

تفاؤل" حذر بحكومة الكاظمي.. هل تجلب التغيير؟"

11 مايو 2020

اتخذ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قرارات عدة، منها إلغاء قرار مجلس الوزراء السابق بشأن إيقاف التمويل، فضلاً عن تعديل قانون الأحزاب وإجراء انتخابات مبكرة ومكافحة تفشي فيروس كورونا، وتشريع قانون للموازنة العامة وصفه بـ "الاستثنائي"، بعد أيام من تكليفه بتشكيل حكومة مؤقتة. 

وقال الكاظمي عبر كلمة متلفزة، إن "الأسلحة يجب أن تكون في يد الحكومة فحسب"، مشيراً إلى أن الأهداف الأساسية لحكومته تتمثل في محاربة الفساد وإعادة النازحين إلى ديارهم.

يقول الناشط الحقوقي عباس ظاهر  إن "البلاد تعاني من ظروف اقتصادية صعبة وأزمات عدة، في الوقت الذي انخفضت أسعار النفط بسبب تفشي وباء كورونا". 

ويضيف "لذا فإن جدية الكاظمي في متابعة احتياجات العراقيين من مقابلاته للناس والاستماع لهم، تعني أن  العراق مقبلٌ على تغيير إيجابي كبير".

ويتابع عبّاس لـ"ارفع صوتك": "رغم ذلك نمرّ الآن بمرحلة استثنائية قد تكون صعبة جداً، فبالإضافة إلى عبء فيروس كورونا، لا أستغرب عودة التفجيرات الإرهابية وكذلك الخلافات السياسية والتدهور الأمني لدحض أية محاولة في التغيير والإصلاح".

التأثير السلبي

على الرغم من تعهد الكاظمي بمكافحة الفساد وهو أحد مطالب المتظاهرين، وضمان استعادة الأموال المهربة إلى الخارج، إلا أن المئات من العراقيين تظاهروا على جسر الجمهورية وسط بغداد وكذلك في البصرة والناصرية وبابل والديوانية، أمس الأحد، مطالبين بتغيير الحكومة وتوفير الخدمات.

وبدأ تصعيد للاحتجاجات بإحراق الاطارات ورفع الأعلام العراقية والمطالبة بتغيير الحكومة الحالية وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد والفاسدين تزامناً مع قرار الكاظمي في الإفراج عن جميع المعتقلين من التظاهرات.

ولا يخفي أحمد جمال (36 عاماً)، وهو من المشاركين في احتجاجات أكتوبر الماضي، مخاوفه من أن التصعيد الحاصل في التظاهرات الآن، جاء بفعل التأثير السلبي من التغيير الوزاري الجديد. 

يقول لـ "ارفع صوتك" إن "هناك من يحاول جرّ المتظاهرين نحو العنف لتضرر مصالحه من سلطة ونفوذ، والخشية كذلك من محاسبة الحكومة الجديدة له". 

ويضيف أحمد أن "اندلاع موجة التظاهرات في هذه المرحلة تحديداً ليس في صالح المتظاهرين، لأنه يجب أولاً إعطاء مهلة للكاظمي لتنفيذ تعهداته بتحقيق المطالب الشعبية في الإصلاح والتغيير، وثانياً المخاوف من انتشار فيروس كورونا".

ويحذر من توفير فرصة للمخربين لاختراق التظاهرات والقضاء عليها عبر استخدام العنف.

"يجب المحافظة على سلمية التظاهرات وتأييد خطوات الكاظمي لتحقيق الأهداف المنشودة"، يقول أحمد.

ويشير إلى أن إحراق مقرات الاحزاب وغير ذلك من أعمال العنف، سيساعد في تسويف المطالب الشعبية. 

القوى السياسية

لكن المحامي عامر ضياء (43 عاماً) يعتقد أن التظاهرات ليست حديثة وهي أقدم من رئيس الوزراء الجديد "لذا فإن أية تصعيدات للتظاهر الآن هي ضد الفساد وصولاً إلى التغيير". 

يقول لـ "ارفع صوتك": "يجب ألا ننسى أن تكليف الكاظمي جاء بعد أن منحته القوى السياسية الثقة، بمعنى بموافقة ورضى هذه القوى".

ويشير إلى أن هذه الحكومة لن تختلف عن الحكومات السابقة إذا لم تحاسب كلا من الفاسدين والقتلة، " لذلك فإن التظاهرات ستبقى (الضاغط) إذا لم يستغل فرصتها الكاظمي لتغيير الحال وإصلاحه عبر تلبية المطالب الشعبية ومعالجة الازمات التي تعاني منها البلاد ".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.