العراق

ماذا تعرف عن جماعة "ثأر الله"؟

12 مايو 2020

حزب "ثأر الله الإسلامي"، والأصح تسميته "جماعة ثأر الله"، كما وصفها رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي.

حزب صغير مسلح أقرب إلى الميليشيا منه إلى حزب سياسي.

لديه مكاتب في عدة محافظات ومنها العاصمة بغداد، لكنه ينشط في محافظة البصرة وقليلا في محافظات الجنوب، وهو من بين المليشيات المسلحة التي تطلق على نفسها "حركات المقاومة".

يرأسه المدعو يوسف سناوي الموسوي، ويرتبط بالزعيم الروحي الشيعي في إيران علي خامنئي، الذي يدعمه كغيره من المليشيات المسلحة في العراق.

تأسست الجماعة المسلحة بحسب مصادر إعلامية عام 1995، وشارك أمينها العام يوسف سناوي في عدة انتخابات برلمانية لكنه لم يحصل على مقاعد.

ونفذت الجماعة خلال الأعوام 2006 وحتى 2008 عمليات مسلحة، واتهمته السلطات المحلية بالاستحواذ على سيارات عائدة للدولة والقيام بنشاطات مسلحة والتنفذ في شركة الموانئ العراقية ودفع الشركات الأجنبية إلى الخروج من الموانئ العراقية.

وانضمت الجماعة في عام 2008 إلى "البيت الخماسي"، وهو مجموعة سياسية تضم المجلس الأعلى ومنظمة بدر ومليشيا سيد الشهداء.

اعتقل أمينها العام الموسوي في عهد رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، من قبل قوة خاصة مع ثلاثة من أشقائه، وحكم عليه بالسجن المؤبد، لكنه عاد لاحقاً بطريقة غامضة إلى المشهد العراقي، ورشح نفسه مجددا في انتخابات 2018، ولم يحصل على مقعد.

قتل المتظاهرين

وفي الاحتجاجات الأخيرة اتهمت الجماعة وامينها بمهاجمة وقتل المتظاهرين وفق بيانات رسمية للجماعة، في عدة محافظات منها بغداد والبصرة.

وعقب تكليف الكاظمي استأنفت عدد من المتظاهرين احتجاجاتهم في عدد من المحافظات، من بينها البصرة.

وعند تجمع مجموعة متواضعة من المحتجين أمام مقر جماعة "ثأر الله" في البصرة قام عدد من مسلحي الجماعة المتواجدين في المقر بإطلاق الرصاص على المحتجين، ما أدى إلى مقتل شاب (20 عاما) متأثرا برصاصة استهدفته في رأسه، وفقا للمتحدث باسم شرطة البصرة العميد باسم المالكي.

وعقب الحادث داهمت القوات الأمنية مقر الجماعة واعتقلت عددا من العناصر المسلحين داخل المقر.

وقال المالكي في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، "اعتقلنا خمسة أشخاص أطلقوا النار على المتظاهرين من المقر، كما صادرت قوات الأمن بنادق وذخيرة حية عثر عليها داخل المقر".

حصر السلاح بيد الدولة

وفي تغريدة لرئيس الحكومة أعلن الكاظمي أن الاعتقال جاء بأوامر مباشرة منه، وتعهد بمحاسبة كل من تسبب بقتل المتظاهرين.

ويرى مراقبون أن الكاظمي قد يكون عازما على المضي بما ورد في برنامجه الحكومة بشأن حصر السلاح بيد الدولة، لكنهم يراهنون على أن هذه الخطوة "لن تكون سهلة".

ويرى الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن النجاح في اصلاح المنظومة الأمنية في العراق يبقى مرهونا في جانب كبير منه على مدى توفر إرادة سياسية حقيقية تـدفع نحو إجراء إصلاحات في العمق، وعلى اعتماد منهج الشراكة مع مختلف مكونات الشعب العراقي في إعداد التصور الإصلاحي.

ويشير في حديث لموقع (ارفع صوتك) أنه "لا مناص مـن اعتماد مقاربة شاملة في الإصلاح تتجاوز المنظومة الأمنية لتشمل القضاء والإعلام وباقي مؤسسات الدولة".

ويلفت الهاشمي إلى أن نزع السلاح من الجماعات الخارجة عن القانون يكون من عدة وسائل، يوضحها بقوله:

- حملات تفتيش للشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب والرد السريع.
- نزع السلاح مقابل مبالغ مالية ودمج أفراد الجماعات بالمجتمع المدني.
- التفاوض مع الجماعات المسلحة عبر جهات لتيسير الحوار وطنيًا.
- مطاردة القادة الذين لا يقبلون بالحلول الواردة اعلاه قضائيًا وقانونيًا أو الشخصيات المحورية في تلك الجماعات.
- الاستعانة بالهيئات الدينية لفتح حوارات وتثقيف المجتمع وتحفيز الجماعات على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة
- تشريع وتفعيل قانون الأحزاب الذي يحرم مشاركة الأحزاب التي لديها جناح مسلح.
- في حال عجز قانون الاحزاب من منع مشاركة الاحزاب التي لها اجنحة عسكرية عليها اقتراح مادة قانونية لتقليل من حجم هذه الأحزاب.
- عند عجز الدولة من فرض سلطتها فعليها إخراج مخازن سلاح الجماعات إلى خارج المناطق السكانية، ووضع السلاح الثقيل لتلك الجماعات في مخازن تحت إشراف القوات النظامية.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.