العراق

"كما مات وطن" يبكي العراقيين باستذكار ضحايا التظاهرات

رحمة حجة
12 مايو 2020

أكثر من 11  ألف تغريدة تحمل هاشتاغ "كما مات وطن"، وأكثر من 17 ألف تعليق في صفحة الفنان أياد راضي على إنستاغرام، وأكثر من 16 ألف تعليق وأكثر من 15 ألف مشاركة لفيديو الأغنية، و16 ألف تعليق على فيديو الحلقة في يوتيوب، والمشاهدات تقترب من نصف مليون.

وآلاف التعليقات ومقاطع الفيديو المتداولة من حلقة "الطابق 15"، بعد عرضها، أمس الاثنين، على قناة الشرقة العراقية، في مشهد غير مسبوق مع أيّ من الأعمال الدرامية العراقية التي تُعرض منذ بداية رمضان.

 

 

 

وبذلك يتصدّر مسلسل "كما مات وطن" حديث العراقيين، بسبب استذكاره ضحايا التظاهرات، عبر قصة كتبها مصطفى الركابي، كأن الجمهور كان متعطشاً لهذا النوع من الدراما التي تلامس قلبه.

مع العلم أن المسلسل ليس الأول الذي يتعرّض للتظاهرات، حيث  سبقه "غايب في بلاد العجايب" لكن بقصة مختلفة.

 

قصة "الطابق 15"

في مشهد رأيناه عبر صور وفيديوهات المتظاهرين، ظهر الفنان أياد راضي (شخصية جمال) على سطح بناية المطعم التركي وسط بغداد، حيث يشرف على ساحة التحرير.

لكن الفرق أنه يطلّ من الطابق رقم 15 وهو غير موجود في الواقع، حيث المبنى مكون من 14 طابقاً. 

"أنا عادل استشهدت هنا قبل يومين على ذاك السرير" يقول شاب يظهر لجمال فجأة بعد موته، لنكتشف أن أرواح قتلى التظاهرات تجتمع في مكان واحد، يقودنا عادل إليه عبر التكتك وسائقه الذي قتل أيضاً، والمكان: الطابق 15.

الحلقة كانت الترجمة الإبداعية لعبارة تكررت آلاف المرات على لسان العراقيين والعراقيات الذين شاركوا في ثورة أكتوبر وهي "أحس الشهدا حاضرين ويّانا.. يمنا" أو بتذكر شهيد بعينه، خصوصاً صفاء السراي.

والعديد من المشاهدين رأوا في عادل "تشخيصاً" لصفاء السراي، بسبب شكله، وهو ما لم يؤكده أي من الكاتب أو المخرج سامر حكمت.

 

القتل بالقنابل المسيلة للدموع

اختار الكاتب الركابي لبطل قصّته "الدكتور جمال" أن يكون مسؤولاً عن إعالة عائلته المكونة من شقيقه سعد وأمّه، وأن يكون عاشقاً لشابة اسمها صبا، لا تمكنه ظروفه من الزواج بها أو حتى الإفصاح علانية عن هذا الحب، لكن اسمها في هاتفه مرفق بقلب حب أحمر.

كما اختار له نهاية في ساحة المواجهات، عند السواتر الأمامية يسعف المتظاهرين، مثل عشرات الممرضين والأطباء والمسعفين الذين شهدنا تضحياتهم خلال التظاهرات.

أما مقتله، فكان بقنبلة مسيلة للدموع، استقرّت في رأسه. وهذه نقطة مهمة جدًا في العمل، حيث تكرر استهداف المتظاهرين بالقنابل القاتلة، في مخالفة علنية وصريحة لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية بخصوص محددّات ضبط ما تدعوه الدولة "الشغب" وتكافحه بقوّات "مكافحة الشغب" أو "حفظ النظام" كما العراق.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" نشرت تقريراً بعنوان "قنابل الغاز المسيل للدموع تقتل المتظاهرين"، جاء فيه "حصلت هيومن رايتس ووتش، عبر المقابلات وزيارات الباحثين إلى ساحة التحرير ومراجعة أكثر من 10 مقاطع فيديو صورتها وسائل إعلام، على معلومات عن 12 حالة وفاة على الأقل في بغداد نتيجة لقنابل غاز مسيل للدموع أصابتهم في رؤوسهم. وحدد تقرير اليونامي أن 16 شخصا على الأقل قُتلوا جراء اختراق قنابل الغاز المسيل للدموع الجزء العلوي من جسده" (8 نوفمبر 2019).

ومن التعليقات في تويتر 

 

 

 

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.