سحب الحصانة البرلمانية: هل سيحقق الإصلاح في العراق؟
فاتح مجلس القضاء الأعلى مجلس النواب العراقي برفع الحصانة عن عدد من النواب تمهيداً للتحقيق معهم بتهم فساد وقضايا نشر وغيرها.
وحسب الدستور العراقي يحظى عضو مجلس النواب بحصانة كاملة تمنع محاكمته قضائيا بأي شكل من الأشكال حتى يتم رفع الحصانة بقرار نيابي.
وينص الدستور العراقي في المادة (63)/ البند ( أ) على تمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به (من آراء في اثناء دورة الانعقاد) ولا يتعرض للمقاضاة أمام المحاكم بشأن هذه الآراء.
كما ينص البند الثاني من المادة (63) في الدستور العراقي أن النائب لا يُعفى من العقوبة في حال ارتكابه جريمة، وتضمن آلية "أمر القبض على النائب" الصادر من القاضي المختص عند ارتكابه أي جريمة أو فعل يعاقب عليه القانون.
كما ينص الدستور في المادة (63)/ البند (ج) على وجوب إلقاء القبض على النائب من قبل الأجهزة الأمنية إذا ضبط بالجرم المشهود دون أخذ موافقة مجلس النواب.
جهات متنفذة
وفي حال موافقة مجلس النواب سيتم رفع الحصانة عن 18 نائبا، تم توجيه اتهامات بعضها موثق بتصريحات إعلامية أو مقاطع تصويرية.
"ولسنوات، تسبب قانون الحصانة البرلمانية في أزمات عدة لأنه يمنع القضاء من اتخاذ أية إجراءات قانونية"، يقول الخبير القانوني مهند حسوني لـ "ارفع صوتك".
ويتابع "قد تكون الموافقة على قانون رفع الحصانة مصدراً للشعور بالعدالة عند العراقيين، حيث أن الكثير منهم يشكك بإمكانية محاسبة المسؤول".
ويرى حسوني أن رفع الحصانة عن عدد من النواب "خطوة أساسية نحو التغيير والإصلاح رغم احتمالية مواجهتها لتحديات صعبة".
ويعلل ذلك بالقول "لأن البعض من النواب تساندهم جهات متنفذة قد تقوم بالضغط على القضاء أو مجلس النواب لإفشال مهمة رفع الحصانة".
ويقول حسوني إن "للقضاء العراقي ولجان البرلمان التحقيقية مئات الملفات المرفوعة طيلة السنوات الماضية على خلفية دعاوى، بتهم موجهة لبعض أعضاء البرلمان ومسؤولين في الحكومة، لارتكابهم مخالفات وجرائم، دون أن تصدر أي كشوفات عن تفاصيل تلك التحقيقات، وربّما لم يتم التحقيق معهم من الأساس".
محاسبة المخالف
وتحظى مسألة محاسبة المسؤول بعد رفع الحصانة عنه بدعم كبير من العراقيين، خاصة الذين شاركوا في تظاهرات أكتوبر 2019.
في هذا السياق، يرى الناشط الحقوقي باسم حسين أن "الكثير من العراقيين يرفضون قانون الحصانة البرلمانية لأنهم على يقين بأنه السبب وراء عدم قدرة القضاء على محاسبة المخالف للقانون أو مساءلته".
ويُحّمل قانون الحصانة البرلمانية ما تعرض له المتظاهرين من اعتقالات واختطاف وقتل وغيرذلك من جرائم عنف مقابل إنهاء الاحتجاجات بغية البقاء في السلطة.
ويقول باسم "الأمر لا يتوقف عند التظاهرات فحسب، بل إن الكثير من دوامات العنف والصراعات الطائفية خلال السنوات الماضية في البلاد، كلها بفعل السياسيين لتحقيق مكاسبهم أو لتقوية تحالفاتهم".
اللجان التحقيقية
من جهته، يبدي رجل القانون سلام خليل استغرابه من كمية "اللامبالاة" التي يحملّها القضاء العراقي خاصة عندما يظهر النائب أو السياسي على شاشة التلفاز أو عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يتفاخر بتصريحات وأدلة تدين هذا وتوجه الاتهام لذاك دون أي تعليق أو سلوك قانوني يذكر من جانب القضاء.
ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "العراقيين ملّوا من اللجان التحقيقية التي غالباً ما تقوم بتسويف التهم الموجهة لبعض أعضاء البرلمان أو السياسيين بحجة قانون الحصانة البرلمانية".
ورغم ترحيب سلام بقانون رفع "الحصانة البرلمانية" إلاّ أنه يخشى أن تتم مساعدة المتهم أو المرتكب لجرائم على الفرار أو التملص من الحكم.
ويختم حديثه قائلاً "نحن بحاجة إلى الوضوح في تنفيذ مثل هكذا قرارات، وأن تجري المحاكمات بشكل علني لا بسرية، كي نتمكن من الوثوق بمساعي الحكومة الجديدة في الإصلاح والتغيير".