العراق

مخاطر محتملة لسديّ "إليسو" و"الجزرة" التركيين على العراق

15 مايو 2020

خاص- ارفع صوتك

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، انتهاء ملء خزان سد إليسو المخصص لتوليد الكهرباء، والاستعداد لتشغيل أول التوربينات الأسبوع المقبل.

ومن المتوقع أن يولد السد المقام على نهر دجلة 1200 ميجاواط من الكهرباء، ليصبح في المرتبة الرابعه كأكبر السدود التركية المنتجه للطاقة.

وفي العراق أثير جدل كبير خلال  السنوات الماضية وعلى جميع المستويات تحسباً للأضرار التي ستلحق بالبلد جراء ملء هذا السد.

بدوره، يقول مستشار لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب عادل المختار، إن "العراق تجاوز الأضرار التي يمكن حدوثها، إذ كانت مرتبطة بملء السد لا بتشغليه واستخدامه".

ويؤكد لـ"ارفع صوتك": "سد إليسو مخصص لتوليد الطاقة وكميات المياه المخصصة لتشغيل التوربينات ستعود مرة أخرى إلى نهر دجلة باتجاه العراق، لكن الخطر في المستقبل القريب من سد الجزرة وهو آخر السدود على النهر".

السد القاتل
يصف مستشار لجنة الزراعه والمياه عادل المختار سد "الجزرة" الذي تنوي تركيا بناءه ما بين سد إليسو والحدود العراقية بـ"السد القاتل".

ويقول "السد مخصص لأغراض الإرواء، ما يعني استهلاكه كميات كبيرة من المياه لغرض الزراعه من قبل الجانب التركي"

 ويتوقع المختار تناقصاً شديداً لحصة العراق من مياه نهر دجلة، إذا تم العمل بسد الجزرة/ مضيفاً "لن يقتصر الأمر على كميات المياه وتناقصها بل حتى على نوعتيها وجودتها، لأن المياه الناتجة عن الأراضي الزراعية بملوحتها وأسمدتها، سترجع  إلى نهر دجلة القادم باتجاه العراق".
 
"ضعف المفاوض العراقي"
لا يخفي مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب حالة "الضعف" بالنسبة للمفاوض العراقي أمام ما يصفه بالتزمت التركي في مسألة عقد اتفاقية بين البلدين، لتحديد حصة العراق من مياه نهري دجلة والفرات.

ويضيف أن حالة الضعف التي تتملك المفاوض العراقي "ناتجه عن ضعف الحكومات المتعاقبة".

ويقول مختار إن "الجهات العليا في الدولة لا تمتلك المعلومات الكافية عن موضوع المياه ولم تتبن هذه المشكلة بشكل يليق بحجمها، بسبب الوضع غير المستقر والوضع الاقتصادي المتأزم".

ويلفت ذياب إلى أن آخر جولة تفاوضية مع الجانب التركي كانت في أيلول من العام الماضي، من أجل وضع اتفاقية مائية مع أنقرة، لكنهم "اصطدموا بالموقف التركي الرافض لتحديد أي حصة للعراق" وفق تعبيره.

الضغط التجاري والدولي
يؤكد العديد من المراقبين السياسيين أن للعراق أدوات ضغط يمكنه المناورة بها، لإجبار أنقرة على توقيع اتفاقية تضمن له حصة مائية كافية.

ويرى مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل العام الماضي إلى 16 مليار دولار في غالبيتها لصالح الجانب التركي.

ويضيف أن البلدين اتفقا على رفع هذه النسبة إلى 20 مليار دولار سنوياً، مؤكداً "يجب اللجوء إلى جهات دولية كالأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي للضغط على تركيا في حال امتناعها".

ويمكن التطرق لموضوع أزمة المياه بين بغداد وأنقرة دون الحديث عن ما تتعرض له الثروة المائية في العراق من هدر، فوسائل الري أو السقي لا تزال بدائية عن طريق ما يسمى بطريقة السيح او الواسطة اللتين تستهلكان كميات كبيرة من المياه تفوق حاجة الأراضي الزراعية، والدعوات لاستخدام طريقة الري بالتنقيط أو الرش لم تلق آذاناً صاغية.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.