منذ بداية 2020.. تهجير أهالي 7 قرى كاكائية في العراق
زادت الهجمات المسلحة لتنظيم داعش في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك ونينوى، ما جدّد مخاوف الأقليات الدينية والعرقية العراقية من اإادة سيناريو 2014.
ولم يهدأ الخط الممتد من مدينة خانقين شمال شرق محافظة ديالى مرورا بجنوب غرب كركوك وغرب صلاح الدين وصولاً إلى جنوب الموصل وأطراف سنجار في غربها، من الهجمات التي يشنها مسلحو التنظيم الإرهابي ضد القوات الأمنية العراقية، واستهداف الأقليات بالقتل وإحراق أراضيهم الزراعية وتهجيرهم من قراهم.
واستهدفت غالبية الهجمات التي شنها داعش في محافظة كركوك وقضاء خانقين، منذ بداية العام الحالي، أتباع الديانة الكاكائية الذين اضطروا إلى ترك قراهم، خوفاً من التعرض لعمليات إبادة جماعية.
يقول رجب عاصي كاكائي رئيس منظمة "ميثرا للتنمية والثقافة اليارسانية" لـ "ارفع صوتك": "نواجه خطرا أكبر من السابق لأن هوية قسم من مسلحي داعش باتت مكشوفة لنا، وهم من بقايا حزب البعث الذين انتموا لتنظيم داعش ثم دخلوا صفوف المليشيات الخارجة عن الدولة، وهم الذين ينفذون العمليات الإرهابية ضدنا ليلاً".
ويشير كاكائي إلى أن أتباع الديانة الكاكائية يواجهون حالياً مشكلة تهجيرهم من مناطقهم، مضيفاً "حملة التهجير هذه امتداد لمشروع التغيير الديمغرافي الذي يستهدف مناطقنا".
ويؤكد أن سكان سبع قرى كاكائية هجّروا منها منذ بداية 2020، على يد داعش والجماعات المسلحة المتشددة بواقع قريتين في قضاء خانقين وخمس قرى في قضاء داقوق جنوب غرب كركوك، ولا تزال عمليات التهجير مستمرة.
كما تعرضت مقابر الكاكائيين في محافظتي نينوى وكركوك نهاية مارس الماضي للتدمير على يد مجهولين، يقول كاكائي "عمليات التدمير التي طالت مقابرنا هدفها مسح آثارنا، والقول إن لا جذور تربطنا بهذه الأرض".
وعبر "ارفع صوتك"، طالب كاكائي بـ"سيادة القانون لحل المشكلات التي يواجهها الكاكائيون".
يقول "هناك إشكاليات قانونية الأفضل أن تحل في المحاكم لا في التوافقات السياسية بين الأحزاب، وليس بين حكومتي إقليم كردستان والاتحادية في العراق، كما أن مناطقنا تقع ضمن مناطق المادة 140 الدستورية، ويُفترض تواجد قوات مشتركة فيها، من الجيش العراقي والبيشمركة، ما قد يحل جزءا من مشكلاتنا".
الديانة الكاكائية
يعود تاريخ ظهور الكاكائية أو اليارسانية، إلى نحو أكثر من خمسة آلاف عام. وحسب المصادر التاريخية، فإنّ جذورها تمتد إلى الديانة الميثرائية، التي ظهرت بين الشعوب الهندو-أوروبية، وعن طريقهم انتشرت في غرب آسيا ومنها إلى كردستان.
وينقسم الكاكائيون بين إيران والعراق، حيث يبلغ عدد الكاكائيين في إقليم كردستان العراق نحو 250 ألف شخص، ونحو ثلاثة ملايين في المناطق الكردية الإيرانية.
أين الحكومة؟
ورغم إعلان الحكومة العراقية عن تحرير كافة الأراضي من تنظيم داعش نهاية عام 2017، إلا أن عمليات التنظيم عادت مجدداً إلى الواجهة في المناطق المحررة بعد مرور أشهر من الإعلان الحكومي.
يقول خضر دوملي، وهو باحث مختص في حل النزاعات وبناء السلام "لا يوجد أمام داعش خطوة أفضل من استهداف المكونات كي يلفت أنظار العالم له ويثبت وجوده".
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "هناك ثلاثة مسارات لحل المشكلات الأمنية في المناطق المتنازع عليها، أولها التنسيق بين الأجهزة الأمنية الداخلية التابعة للحكومتين الاتحادية والإقليم، ما سيجعل عملية فرض الأمن أسهل وأسرع، وثانيها، تشكيل قوات محلية من هذه المناطق تمنح صلاحيات فرض الأمن على طول الخط الممتد من خانقين وصولا لسنجار من دون وجود مليشيات أو جماعات مسلحة،".
"أما الثالث فيتمثل بجديّة المجتمع الدولي في بسط الأمن والحفاظ على المكونات الدينية والقومية والمذهبية في العراق" يتابع دوملي.
ويشير إلى أن المسار الثالث يمكن ضمانه بـ" تمركز قوات التحالف المنسحبة من وسط وجنوب العراق في هذه المناطق، بحيث تدرّب الأهالي على الإدارة وتعزيز السلطة المحلية، لحين إيجاد آلية مشتركة للتعاون في هذا المجال بين بغداد وأربيل".
ويصف ما تعيشه المناطق حالياً بـ"الكارثة الحقيقية". يقول دوملي "70% من أهالي جنوب سنجار لم يعودوا إليها، وأكثر من 70%من المسيحيين والأيزيديين لم يعودوا إلى سهل نينوى، خاصة قضاء تلكيف وبلدة برطلة، وأكثر من 70% من الكاكائية لم يعودوا إلى جنوب شرق الموصل، فيما اختفى 90% من الكاكائية من داقوق وأطرافها".
في ذات السياق، يقول لويس مرقوس أيوب، وهو نائب رئيس منظمة "حمورابي لحقوق الإنسان": "لم تقدم الحكومة الاتحادية لنا شيئا يذكر للحفاظ على أرواحنا وكرامتنا لا أثناء النزوح ولا بعد التحرير".
"لذلك تيقنت المكونات الدينية جميعها وخصوصاً المسيحيين والأيزيديين أن الحكومة غير مكترثة لهم، ولن تكون جادة يوماً بحمايتهم، والدليل على ذلك تركهم المكونات لقمة سائغة من دون وازع وطني أو أخلاقي أو إنساني أو قانوني في مواجهة داعش كي يفترسهم وينهي وجودهم" يضيف أيوب لـ"ارفع صوتك".
وتشير إحصائيات منظمة "حمورابي" إلى أن أكثر من 50% ممن نزحوا من المسيحيين هاجروا خلال أقل من ثلاث سنوات، ومثلهم المكون الأيزيدي، حيث هُجّر أكثر من 100 ألف منهم".
ويتابع أيوب "مخاوف المكونات الدينية لا تزال قائمة، بسبب تنامي وبقاء الفكر الإرهابي الداعشي من دون وجود رؤية حكومية لمعالجته".