العراق

خروقات قانونية قد تُكشف.. الحكومة العراقية وإعادة الهيكلة

19 مايو 2020

خاص- ارفع صوتك:

تحديات عدة تواجه حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، من أبرزها الملف الاقتصادي، الذي تأثر بشكل كبير نتيجة تداعي أسعار النفط.

وتنوي الحكومة الجديدة إعادة هيكلة وتقليص ودمج مؤسسات الدولة، من أجل تقليل الإنفاق العام، لا سيما وأن الدستور أعطى رئيس الحكومة صلاحية إجراء التعديلات والتغييرات الإدارية، كونه المسؤول عن الجانب التنفيذي والإداري وفق المادة 78.

من جهته، يقول عضو لجنة التعليم العالي في مجلس النواب رياض المسعودي، إن "الدولة العراقية  مصابة بالترهل الوظيفي والتنظيمي بشكل غير طبيعي".

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "يوجد تضخم في عدد الوزارات والهيئات والمديريات العامه ومكاتب المستشارين والدرجات الخاصة، بالإضافة للقيادات العسكرية".

ويشير  المسعودي إلى أن أغلب هذه المناصب "استحدثت لترضية واستيعاب أكبر عدد ممكن من الجهات السياسية".

ويرى أن الترشيق الإدراي للمؤسسات العراقية بات "أمرا لا مفر منه في ظل الوضع الاقتصادي الحرج الذي يمر به العراق".

غياب قسري 

وعند ترشيق الوزارات وتقليصها، ستختفي بعض المؤسسات نتيجة دمجها أو هيكلتها بالكامل، فهناك العديد من الهيئات المستقلة التي تعتبر وفق الدستور "انتقالية".

ويؤكد الخبير القانوني طارق حرب أن عمر الهيئات الانتقالية لا يتجاوز الخمس سنوات، وتبعاً لذلك، فإن هيئات (المساءلة والعدالة، والمحكمة الجنائية العليا، وهيئة دعاوى الملكية، ومؤسسة الشهداء، والسجناء السياسيين)، تعد منتهية الصلاحية من الناحية الدستورية.

ويضيف حرب  "كل هيئة لها مكاتب في كل المحافظات ومدراء عامون وأصحاب درجات خاصة تستنزف الكثير من موارد الدولة" .

ضغط الإنفاق  

في ذات السياق، يقول الخبير المالي قصي صفوان إن الهدف الرئيس  من ترشيد الهياكل الإدارية في الدولة العراقية هو "ضغط الإنفاق الحكومي".

ويرى أن هذا الضغط يتطلب "دمج الوزارات ذات التخصصات المتقاربة في النشاط مثل وزارتي الزراعة والري،  والتربية والتعليم العالي، والشباب والرياضة والثقافة، بالإضافة إلى دمج الأوقاف".

ويرى صفوان أن هذه الخطوة "ستفتح الباب واسعا أمام الحكومة لكشف الكثير من المخالفات والخروقات القانونية كموضوع تعدد الرواتب والموظفين الوهميين، بالإضافة إلى الحوافز والمخصصات التي تصل إلى 80 مليار دينار سنوياً، ما قد يجنب الحكومة موضوع الاستدانه من المصارف بفوائد عالية.

والمشروع الذي قد يشمل جميع وزارات الدولة سيكون بحاجة إلى غطاء تشريعي في بعض جوانبه فالمرور بمجلس النواب أمر لا بد منه، وعندها قد تصطدم رغبة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بمصالح الكتل السياسية التي فصلت العديد من المؤسسات الحكومية حسب استحقاقاتها الانتخابية.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.