بعد تصريحات الغانمي.. قصص رشاوى من داخل مراكز شرطة عراقية
كشف وزير الداخلية العراقية عثمان الغانمي عن وجود دلائل على "عمليات فساد" داخل بعض مراكز الشرطة والدوائر الأمنية، وهي في تماس مباشر مع المواطن.
وتناول الغانمي عبر اجتماع مصوّر، أساليب الابتزاز التي يمارسها البعض من ضباط مراكز الشرطة، بحق المواطنين.
وقال الغانمي إن مراكز الشرطة "فسدت" والدليل على ذلك "عدم اعتماد أكثرها على سجل تدوّن فيه الشكاوى".
ويخضع مقدمّو الشكاوى إلى تسجيل القضية في سجلات خاصة بمركز الشرطة، ثم يمنحون نسخاً من الدعاوى بعد ختمها بأرقام رسمية.
وأضاف الغانمي أن "هناك شبهات في أن دفع الأموال والرشاوى من جانب الخصوم حصل بإذن من ضباط هذه المراكز لإبعاد التهم عنهم، أو تأخير وصولها إلى قاضي التحقيق للحكم عليها".
وأشار إلى ضرورة إسناد المناصب وفق مؤهلات الكفاءة والنزاهة والتخلص من هذه الممارسات "لأن من يبتز بالمال أو الشرف يستطيع أن يساند الإرهاب" على حد تعبيره.
رشوة لإبطال شكوى
وكان تحسين مسعود (48 عاماً) لجأ إلى مركز شرطة في بغداد عام 2019 من أجل تفادي إغلاق محله الخاص ببيع الملابس النسائية بسبب اتهامه بالاعتداء على زبونة، الشيء الذي نفاه.
يقول لـ "ارفع صوتك": "إذا حكم قاضي التحقيق ضدي فسوف يلقي القبض علي ويغلق محلي".
وجاء في شكوى الزبونة أنه "قام بالاعتداء عليها وابتزازها لأنها تأخرت أكثر من أسبوع في دفع مستحقات مالية عن سلع اشترتها من المحل بطريقة الدفع الآجل".
وينفي تحسين الأمر بقوله "أنا طالبتها فقط بدفع المستحقات المتأخرة منذ عام ونصف العام، فكان رد فعلها تقديم الشكوى ضدي".
ويشير إلى أن قضية الشكوى ضده لم تغلق إلا بعد أن دفع أضعاف المال الذي كان بحوزة الزبونة لبعض رجال الشرطة في المركز.
وفي ذلك لا يُسمّيها "رشوة"، يقول تحسين "هذا حقهم لتسهيل إجراءات إبطال الدعوى".
ورطة كبيرة
الوضع مع سندس علوان (41 عاماً) كان مختلفا.
تقول لـ "ارفع صوتك" إنها ذهبت إلى قسم الشرطة لتقديم شكوى ضد جارها صاحب الدار التي تسكن فيه، إذ حاول إقناعها بدفعها الإيجار عبر علاقة جنسية معه.
وتضيف سندس "بعض العاملين في مركز الشرطة عرضوا علي دفع رشوة كي لا تتأخر إجراءات الدعوى ضد المؤجر أو تتوقف".
وترى أن "من يدخل مراكز الشرطة سيشعر بورطة كبيرة، لأنه سيحتاج للكثير من الأموال حتى تسير قضيته بشكل طبيعي وحيث لا أملك المال، قررت الرحيل عن البيت والتنازل عن الشكوى".
هل "الرشوة حق"؟
يقول الخبير القانوني منير الجنابي إن "دفع الأموال والرشاوى كثيرا ما تستخدم في مراكز الشرطة. لذا تجد ضحايا جرائم الابتزاز والسرقة والاحتيال وغيرها يفضلون في أحيان كثيرة السكوت والتنازل عن حقوقهم بدلاً من تقديم شكوى لطلب المساعدة".
ويتابع "ينتهي الأمر بدفع الضحية رشوة للشرطة سواء بالمال أو غيره حتى تحصل على حقها، وربّما لن تحصل، خصوصاً إذا كان الخصم لديه القدرة على دفع المزيد من المال".
ويقول الجنابي لـ"ارفع صوتك": "مسائل الفساد المالي طبيعية جداً في المجتمع، وستظل الرشوة قائمة طالما يتم النظر إلى أنها حق لابد منه للعمل والحماية".
ويختم حديثه بالقول "استمرار الرشوة يعني غياب العدالة، ولا توجد مشكلة في أن يوافق المتهم على دفع أي مبلغ مطلوب مقابل إسقاط التهمة عنه".