شاب عراقي: الدولة تدفعنا للجوء إلى العشيرة والميليشيات
"من أمِنَ العقاب أساء الأدب، مثل يقال للذين يخالفون القانون والتعليمات، لكنه في العراق بات يقال لبعض أفراد الأجهزة الأمنية المكلفين بحماية القانون"، هكذا يعلق الشاب سلمان الحمداني على مقطع فيديو تداوله مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي بعد يعاقب فيه أفراد من الشرطة الاتحادية لشاب، صاحب محل مواد غذائية، بعد أن ظهر بث مباشر على صفحته بفيسبوك وقال إنه "دفع مبلغ 5 آلاف دينار رشوة للشرطة حتى يسمحوا له بفتح المحل أثناء فترة حظر التجوال".
وفي مقاطع وصور متعددة، يظهر ضابط برتبة ملازم وهو يمسك بشعر الشاب بطريقة مهينة، ويضع حذائه على صدر الشاب، قريبا من منطقة الرقبة.
يعتذر الشاب عن فعلته لكن دون جدوى، يقوم المنتسبون الأمنيون بحلاقة شعر الشاب وشاربه وجزء من حاجبه.
"العشيرة تحميني من القانون"
يقول سلمان الحمداني وهو شاب من بغداد، "بمثل هذه الأفعال يدفعون بنا إلى الاستعانة بقوة العشائر، ويضعفون سلطة الدولة وقوة القانون".
ويوضح سلمان (28 عام) في حديث لموقع (ارفع صوتك) أنه "للأسف منتسبي الأجهزة الأمنية لا يطبقون القانون ولا يخافون معاقبتهم من مراجعهم العسكرية، لكن أكبر ضابط في تلك الأجهزة يخشى العشائر، لذلك قد نضطر للجوء إلى العشيرة بدل الدولة".
ولا يستبعد الشاب سلمان لجوء أقرانه من الشباب إلى "المليشيات المسلحة، فلو كان لصاحب المحل المعاقب سند فيها لما جرأ عليه أفراد الشرطة الاتحادية وعاقبوه بهذه الطريقة المهينة"، على حد تعبيره.
هذه المقاطع والصور التي تناولها المدونون كان معها امتعاض شديد من التصرف المهين الذي يقوم به أفراد القوات الأمنية، خصوصا وأنه ليس الأول.
فقد سبقته حالات عديدة لشباب أطالوا شعرهم وآخرين يرتدون البرمودا (البنطلون القصير).
واعتبروه تعدي على الحقوق الشخصية التي كفلها الدستور إهانة للإنسان العراقي الذي كفل الدستور كرامته أيضا.
وتناولت صفحات على مواقع التواصل أحاديث عن أوامر من قائد الشرطة الاتحادية الفريق جمعة عناد وتوجيهات من رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي بمحاسبة وعزل القوة التي قامت باعتقال الشاب ومعاقبته.
لكن تلك الأنباء لم تتأكد، فهي حتى الآن منشورات على الفيسبوك دون بيانات وتصريحات رسمية، حتى وقت كتابة هذا المقال.
قانونيا
يعتبر الخبير القانوني علي جابر التميمي أن ما جاء في هذه الفيديوهات والصور "إساءة واضحة لكرامة الإنسان وحقوقه المكفولة وفق القانون".
ويوضح لموقعنا "تناول الدستور العراقي في المادة (٣٧) قواعد الاستجواب والتحقيق بما لا يمس كرامة الإنسان أو حريته ولا يجوز استخدام أي من أساليب الترهيب والتعذيب مع المتهمين، وأيضا المادة (١٢٧ من قانون الأصول الجزائية) حرمت استخدام اي من أساليب التعذيب والاكراه في استجواب المتهمين وهو ما يسمى ضمانات المتهم عند الاستجواب".
ويضيف التميمي "محرم قانونا تشويه صورة وسمعة الإنسان حتى لو كان مطلوب في أي تهمة، وإنما يتم التحقيق معه ومواجهته بالأدلة فالتحقيق أصبح علم".
لذلك "لا يجوز. بل محرم قانونا حلاقة شعره أو شاربه أو حاجبه".
مهما يكون هذا الشخص و مهما تكون جريمته تعامل بعض رجال القوات الأمنية ويا مخزي و عار على وزارة الداخلية كلها لأنه تعامل خالي من الأنسانية و الأخلاق و شيمة الرجال.
— when ?? (@yazahraa91) May 19, 2020
وفيما يخص تصوير المتهم أو الشاب مثار القضية فيوضح التميمي "هذا يخالف ميثاق العهد الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهذا النشر قد يقلب كفة التحقيق فيجعله (أي المتهم) مظلوما وله حق المطالبة بالتعويض عن التشهير من الجهة التي شهرت به".
ويتابع الخبير القانوني "كان الأولى سلك الطرق القانونية وفق الإجراءات وليس بهذه الطريقة التي ستجعل المنظمات الدولية تعترض على ذلك، يحتاج بعض منتسبي الأجهزة الأمنية إلى الاطلاع على مبادئ حقوق الانسان".